شهدت الأيام الماضية تحركات واسعة من قِبل الدبلوماسية المصرية والسودانية للوصول إلى حلول مُرضية في أزمة سد الألفية الذي شرعت دولة أثيوبيا في إقامته على منابع النيل الأزرق وقوبل بالرفض الكامل من قِبل المصريين. فيما كانت مواقف السودان حول السد متأنية حيث ترى حكومته إن تأثير السد ليس سالباً على السودان بحسب تقارير خبراء فنيين فيما تمسُك الجانب الأثيوبي بحقه في إقامة السد بإعتبار أنه لم يأخذ حصته من مياه النيل، وصادق البرلمان الأثيوبي رسمياً على التوقيع على إتفاقية «عنتيبي» الخاصة بتقسيم المياه بين دول المنبع والمصب و وقعت عليها يوغندا وكينيا والكنغو وتدرس دولة جنوب السودان الموقف من الإتفاقية فيما لم يوقع عليها كل من مصر والسودان ,المعارك والتشنجات الإعلامية بلغت ذروتها في الإسبوعين الماضيين حيث هاجمت النخب المصرية السد وأعتبرت أن موقف مصر الرسمي ضعيف إزاء خطر يُهدِد الأمن القومي المصري ,ليبادر الرئيس المصري مرسي بعدها برفع تيرمومتر المواجهة الإعلامية بعد تصريحاته التي قال فيها أن المصريين سيذودون عن الماء بالدماء الشيء الذي أعتبرته أثيوبيا وبحسب سفيرها في الخرطوم بمثابة حرب نفسية تشنها مصر عليها ,قبل أن تقود الدبلوماسية المصرية سلسلة من المفاوضات المكثفة مع أثيوبيا حيث زارها مدير المخابرات المصري اللواء محمد رأفت شحاتة وتبعه وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو الذي زار أديس,وأعلن عن إتفاق بين مصر وأثيوبيا خفف من تصاعد الأزمة وكانت مصادر رسمية مصرية كشفت في مصر أمس أن المباحثات التي أجراها وزير الخارجية محمد كامل عمرو مع الحكومة الأثيوبية توصلت إلى إتفاق من شأنه أن يُنهي الأزمة الراهنة بين القاهرةوأديس أبابا حول «سدّ النهضة». وذهب نظيره الأثيوبي « تادروس أدهانوم» إلى ذات اللغة التصالحية التي تُخَفِف من التوتر حيث أكد في بيان أنه تم الإتفاق على إطلاق جولة جديدة من «المشاورات» بين الجانبين، على المستويين السياسي والفني، وبمشاركة السودان، لتطبيق توصيات لجنة الخبراء الدولية المعنية بسدّ النهضة، الذي أدى إلى توتر العلاقات بين دولتي حوض النيل. وحوى البيان أيضاً الإتفاق على تنفيذ ما أكدته حكومة أديس أبابا، وهو «إلتزامها بنهج تحقيق المكاسب للجميع كأساس للتعاون المشترك»، وكذلك إتفاق الجانبين على «بذل قصارى جهدهما لتعزيز علاقات التعاون بين مصر وأثيوبيا.»ولإستكمال هذه الخطوات الإيجابية يُنتَظَر أن يغادر وزير الخارجية الأثيوبي لزيارة القاهرة «في المستقبل القريب»، دون أن يُعلن موعداً محدداً لهذه الزيارة. وزير الخارجية المصري زار السودان وإلتقى رئيس الجمهورية المشير عمر االبشير أمس، وقال: وزيرالخارجية المناوب في تصريحات عقب اللقاء إن اللجنة الفنية المكونة من الدول الثلاث حول سد النهضة تواصل عملها للتأكد من سلامة إجراءات قيام سد النهضة مبيناً أن المشاورات التي أجراها وزير الخارجية المصري بأديس أبابا والتي تمخض عنها بيان رسمي تصُب في مصلحة الدول الثلاث من خلال التأكيد على أن لا تتضرر أية دولة من هذه الدول . وكان وزير الخارجية المصري قد ذكر إن زيارته للسودان تجئ في أعقاب زيارة قام بها إلى أثيوبيا لعقد مشاورات وبحث التطورات الأخيرة المتعلقة بقيام سدّ النهضة، مبيناً أن المشاورات التي أجراها مع المسؤولين الأثيوبيين كانت إيجابية ودارت في جو أخوي و ودي .وأشار إلى أنه تم الإتفاق على بدء إجتماع اللجنة الفنية لوزراء الموارد المائية في الدول الثلاث ( مصر ، أثيوبيا و السودان )، للنظر في توصيات لجنة الخبراء الدوليين وذلك لتجاوز أية آثار ستلحق بدول المصب سواءً كانت آثاراً بيئية أو أية آثار أخرى , التحركات الدبلوماسية المصرية مع نظيرتها الأثيوبية والسودانية أفلحت في وضع خارطة طريق لحل الأزمة وإبعاد شبح المواجهات غير المرغوب فيها في الإقليم وينتظر التوصل إلى حلول نهائية بعد أن تنعقد اللجان الفنية المشتركة بين البلدان الثلاث والتي كانت قد إجتمعت في الفترة السابقة وأكدت على عدم تأثير السد على مصر والسودان وجاء التطمين الأثيوبي الأخير لمصر بأنها لن تضر بالأمن المائي لدولتي المصب وستحرص على التنسيق معهما.