لا ادري لماذا يطالب كل من يذكر الحمار (عدم المؤاخذة) بطلب عدم المؤاخذة فهو كائن رائع صبور مطيع وفي حاله قد سخره الله تعالي وجعله في خدمة الانسان وقليلاً ما تسبب في المتاعب للإنسان في علاقته الطويلة الممتدة عبر التاريخ ولا ادري ما هي المشكلة في ذكر اسمه في الاماكن العامة فتجد كل من يذكره يقدم براءة لرقيه وحفظاً لبرستيجه كلمة عدم المؤاخذة بالرغم من كل هذه الصفات التي تقدم ذكرها عن هذا الكائن اللطيف , هذه المقدمة جاءت لارتباط المقولة اعلاه بهذا الكائن . وقد طرحت هذه المقولة علي طلابي في الجامعة وزملائي في العمل من ابناء الجيل الحالي وكانت المحصلة مخيبة للأمل فعلمت ان الله اطال عمري لكي اشاهد بأم عيني مقولاتنا وحكمنا وأمثالنا والتي هي بمثابة الهوية والتفرد وقد اهال عليها جيل اليوم التراب وأبدلوها بحكم وأمثال باللهجات الشامية والخليجية وبعض الحكم والمقولات الانجليزية (الماسورة) . علوق الشدة والتي لا بد لي من شرحها بناءً علي نتائج الاستطلاعات التي اجريتها فنقول ان العلوق أو العليقة هي طعام الدواب وسمي علوقاً لأنه كان في بعض الاحيان يعلق بواسطة اكياس القماش (المخلاية) علي فم الدابة في حال سيرها والشدة هي شد الدابة أي تجهيزها للركوب بوضع السرج علي ظهرها وقد ضرب المثل لكل من لا يطعم الدابة في اوقات سابقة حتي اذا اتى وقت الحاجة لركوبها قام ليطعمها لكي تقله فتكون هزيلة لا تقوى علي ذلك واستعير المثل لكل من يفعل الاشياء الصحيحة بعد فوات الاوان بحيث لا تجدي نفعاً. كل العذر لأعمامنا وإباءنا وإخوتنا الكبار الذين هم في غنى عن هذه المقدمة الشارحة وندخل في الموضوع فالناظر لبلاد العجائب يجد الكثير من الاعمال فيها علي المستويين الرسمي والشعبي تقوم علي مبدأ علوق الشدة فالبرلمان السوداني يمتلئ بنوابه الذين انتخبهم الشعب املاً في ان يوفي النائب المحمول علي اصوات الغلابة النزر اليسير من وعوده الانتخابية التي ظل يرغي ويزبد في المنتديات ينادي بها ويواعد الناخب بها وما ان تطأ قدماه عتبة البرلمان حتى يتنكر لكل ما قال وربما نطق بوعود لم يكن يعلم صعوبة تنفيذها حتى اصطدم بالسياسات العليا والتوجيهات الاتحادية التي ربما لم تنظر لمشاكل ناخبيه بنفس الاهمية حتى ينتبه البرلماني أو المسئول علي اعتاب الانتخابات القادمة انه لم يفعل ما يشفع له بدخول البرلمان مرة اخرى فيضرب في الارض بحثاً عن رضى الناخبين في زمن قصير فتأخذه تيارات المقولة السودانية علوق الشدة . ايضاً وبرغم المجهودات الجبارة التي بذلتها حكومة ولاية الخرطوم لمجابهة الخريف الا ان مناظر الاليات تعمل تحت زخات المطر تكافح السيول لتشق الخيران والمجاري لا يخرج عن دائرة علوق الشدة . ان اكبر علوق شدة عرفه تاريخ بلاد العجائب المعاصر وكان قاصمة الظهر لها هو عملية محاولة جعل الوحدة بين الشمال والجنوب جاذبة علي اعتاب الاستفتاء والتي اضاع فيها الشماليون ملايين الدولارات في شق الطرق وسفلتتها وبناء المطارات ودور الشركات والمؤسسات الحكومية ولكن كانت بعد ان نضجت الطبخة السياسية في مطابخ واشنطن وتل ابيب وتوافد المهنئون الي البيت الابيض يباركون انجاز اوباما الذي حمله مرة اخري للبيت الابيض وهو انفصال الجنوب . ان علوق الشدة كما اسلفنا ليس سمة لحكومة بلاد العجائب وإنما شعبها ايضاً فلا تجد المواطنين فيها الا وهم مندهشون لفجائية العيد أو دخول شهر رمضان فتكون الاستعدادات فقط قبل يوم من المناسبة مما يزيد حدة الطلب علي السلع ويزيد الاسعار . ان جل ما اخشاه وبعض ما اتوجسه ان يتوحد الاسلاميين في السودان وان يتواضع الفرقاء في المعارضة علي برنامج اصلاحي بعيد عن المهاترات ونظرية اخذ صاحب الكرة من الاطفال كرته في الحواري طلباً ان لا يشاركهم فلان في اللعب ان يتواضعوا علي انقاذ السودان وفقاً لعلوق الشدة والتي لا تخلوا من استخفاف بعضهم برمي الاخرين بأحلام المدعو ظلوط وحينها لا ينفع الندم فلا يظنن ظان ان الامر في شرقه وغربه وشماله وجنوبه الجديد يجري علي النحو الذي نريد وان لا وميض نار تحت الرماد فاني ارى شجراً يسير وأسال الله العلي القدير ان (يكضب الشينة)