أرعب فظاعة المعاملة للذين فضوا بالقوة المعتصمين في ميدان رابعة العدوية والنهضة وتحاملت النُخب المجتمعية وقوى الأحزاب السياسية ضد الأخوان وأعتبروهم سبباً للأزمة المصرية، وقد تغافل الأخوان تصريحات الجنرال عبدالفتاح السيسي حينما توصلت الأوضاع المتأزمة في مصر بخروج آلاف المعتصمين في الميدان بدأت بعض الأحزاب العلمانية تحول المشهد إلى قتامة الرؤية للأخوان تجاه إدارة البلاد وحرضوا المتظاهرين بالوقوف ضد بعض الإجراءات السياسية التي اتخذتها الحكومة المصرية التي يقودها الأخوان وجعلوها أقبح مأساة عرفها المجتمع المصري ضد حقوقه الإنسانية وقيمه الإجتماعية. ولما تفاقمت التطورات وأنحرفت تفاجأ الأخوان بعزلهم من السلطة بالإنقلاب العسكري الذي لأول مرة يأخذ شكلا مختلفاً من حيث الإخراج والتنفيذ حتى إختار المحللون والخبراء والمتابعين للشأن المصري، وما يحدث ليس له علاقة بحماية الجيش المصري لمكتسبات الثورة المصرية التي تفجرت في 52 يناير في العام 1102م.. من أهم العوامل والأسباب لقيام الثورة المصرية فشل حكم العسكر وما خلفه من فساد عريض وحصد المصلحة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.. وهناك كثير من الإتفاقيات ربطت تطور هذه العلاقة حتى أضحت عاملا أساسياً في دعم الإقتصاد المصري وتاريخ الدولة المصرية في محاربة الأخوان المسلمين طويل.. وقد شهدت السجون والمعتقلات مسيرة جهادهم وعرف المجتمع المصري نضالهم الدعوى ونشاطهم الإجتماعي وتنظيمهم السياسي.. ولما إندلعت الثورة وضاقت من حكم الدكتاتور العسكري لحسني مبارك واحتكموا إلى الإنتخابات اختار الشعب المصري الأخوان بإنتخابات نزيهة وحُرة.. وهذا يدل على قناعة الشعب بالبديل لعله يحدث جديد بعد ما فشل العسكريون على مدى نصف قرن من حكم مصر ولا تزال رهينة المعونات الخارجية والإستثمار الإعلامي المفتوح وتشبع الحياة السياسية بقيم الليبرالية والعلمانية. كان متوقع حدوث انقلاب منذ وقت مبكر للحِراك السياسي للقوى الحزبية والحوارات مع قادة الأخوان المسلمين حول الدستور والنموذج الأمثل لإدارة البلاد ومراعاة للموروث الإجتماعي والثقافة العقائدية المتعايشة والتوجه الطاغي للحضارة المصرية نحو إقامة الدولة العلمانية لذلك من الصعوبة بمكان بإستطاعة حزب العدالة والتنمية الجناح السياسي للأخوان المسلمين أن يغير مسار النمط الفكري المصري في أيام معدودات خاصة أن جهوداً اقليمية تساند بقوة ودعم كبير محاربة توغل الأخوان داخل المجتمع المصري وتغيير موروثهم الممزوج بثقافة التحرر لأنماط القيم للتداخل الحضاري والإيدولوجي.. وقد وطن هذا التصاهر مزج قيمي عميق يصعب محوه بتجربة حديثة للإسلاميين في حكم شعب شكل ملامح حياته وأسس نموذج مجتمعي جديد مغاير لاغلب المجتمعات المحيطة في الوطن العربي. مأساة الأخوان أنهم حاولوا تطبيق مفاهيم دينية وقواعد سياسية معزولة عن واقع الحياة السياسية فواجهت تصدي مدعوم عالمياً يحرك العملاء والجواسيس لرسم خارطة جديدة لم يفطن لها الأخوان وإنما اكتفوا بصندوق الإقتراح الذي حملهم إلى السلطة وظنوا انهم في مأمن وأن الشعب معهم فكانت قراءة خاطئة وفهم عاجز تخطيط ينم عن قصور باين وضعف واهن والنتيجة أن الإسلاميين فشلوا أن يكونوا بديلاً أفضل للنماذج الحكمية الضالة التي حكمت المسلمين منذ أن سلم المستعمر راية الإسلام إلى يومنا هذا.. وأقرب دليل لعدم تصور الأخوان قرب انهيار حكمهم حينما أمهلهم الفريق السيسي اسبوع لتسوية الخلافات السياسية ثم كرر تحذيره خلال ثمانية وأربعون ساعة وهذه إشادة على تدخل الجيش فسقط الأخوان في أول امتحان وحبسوا في غياهب السجون وأن عودتهم باتت من المستحيلات ولو أجريت انتخابات في أروقتهم لن يفوزوا برئاسة الجمهورية. الأخوان المسلمون في السودان بدأوا مسيرتهم السلطوية بخطة تطابقت كلياً مع تطلعات الشعب السوداني وقد شهدنا تحويل المجتمع المدني كله إلى قوة عسكرية ضاربة وبدلت كثيراً من المفاهيم السائدة على المستويين الفكري والعقائدي تجاه قضايا وطنية مصيرية ولو أن الإسلاميين مضوا في بناء الإنسان السوداني من حيث القيم الفردية والجماعية واصلوا خطوات القدوة الحسنة لما اندلعت حروب قبلية ونزاعات سياسية وغلاء طاحن. لا توجد مقارنة معيشية بين شرائح المجتمع السوداني والطبقة الحاكمة ولم يكترث الإسلاميون بإحياء بعض المشاريع القومية واعطائها أولوية كمشروع الجزيرة وحرفة الزراعة عموماً حتى البترول قبل أن يرد إلى الجنوب بعد الإنفصال اثره في حياة المواطن معدوم بل تحمل عبء خروجه من دائرة الميزانية ومتوقع حزمة قرارات اقتصادية جديدة لإصلاح حال الإقتصاد الدروس والعِبر على الشعب كثيراً خاصة بعد انهيار العلاقة العضوية وأضحت الروابط لا تخرج عن دائرة الحاكم والمحكوم وقد بانت بجلاء إتجاهات البوصلة حال إصرار الإسلاميين السودانيين لممارسة مزيد من ضغط المواطن في حياته المعيشية بإرتفاع تكاليف الحياة كأنما هؤلاء لم يعيشوا في السودان فما حدث في مصر ليس بعيداً عنكم فأتقوا الله يجنبكم مأساة أخوان مصر.