[email protected] على الرغم من ان ولاية النيل الازرق تعد واحدة من مكونات الازمة السياسية في السودان الا انه وللحقيقة لم تبزل الا جهود قليلة للغاية لمعالجة اوضاع هذه الولاية المضطربة . ذلك انه حتى بعد قيام الولاية ظل حكامها في الغالب من خارج ابنائها فمنذ قيام الولاية والي حين توقيع اتفاقية السلام تم تعيين وال واحد من ابنائها ولمدة لم تتجاوز العامين من مجموع احد عشر عاما ، كما ان هناك وزارات بعينها ظل وزراؤها من خارج الولاية على الدوام مثل وزارة المالية ووزارة التخطيط العمراني و وزارة الزراعة والاخيرة حتى مديرها العام كان دائما يتم استجلابه من خارج الولاية وبعابرة اخرى لم تتمتع ولاية النيل الازرق بحكم اتحادي كامل الدسم الا اثناء الفترة الانتقالية وبعد الانتخابات العامة وعندما فقد المؤتمر الوطني منصب الوالي اصر المركز على ان يكون ممثله في اهم الوزارات التي منحت له وهي وزارة التخطيط العمراني من اهل الثقة من خارج الولاية وذلك تحت زريعة واهية بان الرجل سبق له ان عمل في وزارة السدود ويمتلك علاقة جيدة معها يمكن ان تفيد الولاية في علاقتها مع تلك الوزارة اثناء تنفيذ مشروع تعلية خزان الروصيرص وقد اتضح من الاحداث اللاحقة ان هذه الحجة كانت غير صحيحة بديل الواقع الحالي لمدن التعلية وضآلة حجم المشاريع المصاحبة التي نفذت . وما ان اندلعت الحرب مجددا حتى عادت الاحوال الي ما كانت عليه قبل اتفاقية السلام وتم تعيين حكومة على نهج ماقبل السلام وقد فسر البعض تلك الاجراءآت بانها اجراء عقابي . ومع الحديث المتكرر عن عودة الهدوء واستقرار الاوضاع وايضا اكتمال مشروع تعلية الخزان لم يعد هناك ما يبرر وجود اللواء الهادي بشرى كوال للولاية فتم استبداله بالاستاذ حسين ياسين الذي جاء الي المنصب يحمل اشواق اهل الولاية بضرورة رحيل وزير التخطيط العمراني الذي كان وجوده يمثل منقصة لعضوية المؤتمر الوطني من قيادات الولاية خاصة بعد فشل الرجل في المهام التي قيل انه جاء من اجلها وقيامه بتجريف مقابر الدمازين وتحويلها الي خطة اسكانية في اولى محاولاته لتحقيق انجاز الشئ الذي اعتبره المواطنون انتهاك لحرمة الموتى .ولكن يبدو ان محاولات الاستاذ حسين ياسين اغضبت الوزير الذي يقال انه كان يطمح في منصب نائب الوالي مما جعله يسلم السيارة ويغادر الدمازين مغاضبا وقد جرت احداث كثيرة وراء الكواليس يبدو ان الوالي توصل من خلالها الي ان هذا الوزير خط احمر ولما كان من الصعب تعيينه في منصب نائب الوالي تم الاستغناء عن المنصب وعاد الوزير الي موقعه واصبحت الولاية بدون نائب والي بالاصالة !. ازمة السيول التي ضربت الولاية واحدثت فيها دمارا هو الثاني في الحجم بعد الذي ضرب ولاية الخرطوم يعود في مجمله لاخفاقات وزارة التخطيط العمراني التي فشل وزيرها خلال ثلاث سنوات من وجوده في المنصب- وهو اقدم وزير في الحكومة ويحمل لقب مهندس- فشل هذا الوزير في تحديث شبكة المجاري في عاصمة الولاية وفشل في صيانة السد الواقي الذي يحمي المدينة من السيول المنحدرة من جبال الانقسنا وفشل في انجاز مشروع مياه المنطقة الغربية وفي توفير المياه لمنطقة دندرو وانارة الريف كما حدث في الولاية المجاورة وفشل في بناء اسطول الاليات الذي تحتاجه اي ولاية تشبه في طبيعتها ولاية النيل الازرق ، ولم يقدم حتى الان خطته لاعمار الولاية وفق البرنامج الذي اعلنه السيد رئيس الجمهورية .ولم يتم في عهده اي مشروع بخلاف المشاريع المصاحبة للتعلية . ولم يكتف الوزير بكل هذا الفشل بل توج ذلك بمغادرة مقر عمله في اكثر الاوقات حرجا مما يبرهن على ضعف احساسه بالمسئولية تجاه اهل الولاية الذين يفترض انه مكف بخدمتهم ولم يعد الا بعد عدة ايام من وقوع الكارثة ،وحتى بعد عودته مازال شبح التقصير مخيما على الولاية فالاحصاءآت عن حجم الخسائر غير متوفرة وحجم الكارثة لم يعكس بصورة كامل في اجهزة الاعلام والتقارير تصل مبتسرة الي اللجنة العليا للطوارئ بالخرطوم ولاتوجد حتى الان خطة واضحة لاعادة توطين المتاثرين مع استمرار هطول الامطار . السيد والي النيل الازرق يضع مستقبله السياسي على المحك في ظل حالة الاصرار على الفشل التي يمارسها وزير التخطيط العمراني وبعد فترة سوف لن يجد من يلتمس له العزر ، خاصة ان هناك تجارب في هذا المجال مارستها رئاسة الجمهورية ، ففي تسعينات القرن الماضي كان الاستاذ بدرالدين طه واليا لولاية الخرطوم وقد ضربت الولاية موجة من السيول ومع ذلك سافر الوالي الي خارج السودان مما دفع وسائل الاعلام الي شن حملة مكثفة على تصرفه حتى اصدر رئيس الجمهورية قرارا باعفائه على الرغم من ان سفر الوالي كان لانجاز مهمة سياسية و بتكليف من قيادة الدولة وليس لحضور موسم حصاد البلح .ولاية النيل الازرق المثخنة بالجراح لم تعد لديها قدرة على تحمل المزيد من الاخفاقات نعتقد ان السيد الوالي يعلم ذلك.