بالرغم من ضيق الفرص وتقليص حصة السودان من الحج لهذا العام بسبب أعمال التوسعة والارتفاع الملحوظ في قيمة الرسوم التي قفزت إلى 02 مليون جنيهاً لحجاج الجو، و71 مليون جنيهاً لحجاج البحر والتي بررتها هيئة الحج بادخال حزمة من الخدمات الجديدة هذا العام، إلا أن الاقبال على مركز التقديم شهد تدافعاً كبيراً، وكان قد أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين بولاية القضارف أثر سقوط حائط عليهم ،كما أدى إلى نفاذ فرص التقديم منذ اليوم الأول. ولاشك أن المواطن السوداني بطبعه عُرف بتعلقه الشديد وارتباطه الوجداني بالأراضي المقدسة منذ قديم الزمان وبدأ بذلك جلياً من خلال كسوة الكعبة الشريفة، ومن خلال القصائد أو المدائح التي ذاب شعرائها ولهاً بالأراضي المقدسة، وحب المصطفى عليه الصلاة والسلام. غير أن القائمين على أمر صحة الحجاج وسلامتهم ينظرون إلى موسم الحج بكثير من القلق والاهتمام، وذلك نسبة للتحديات الصحية التي تواجه موسم الحج والمتمثلة في وجود أعداد كبيرة من الناس في مكان واحد، ما يتطلب قدراً عالياً من التحوطات لمنع حدوث أي نوع من الأوبئة، خاصة في أعقاب ظهور مرض (كورونا) الذي تعد السعودية واحدة من الدول التي سجلت أصاباته ووفياته، ولكن إلى أي مدى تسير خطوات البعثة الطبية السودانية؟ وما مدى تحسباتها للسيطرة على الوضع الصحي للحجاج؟ يقول مصعب برير مدير إدارة تعزيز الصحة بوزارة الصحة الاتحادية:» لقد قمنا بوضع خطة صحية محكمة تجاوزنا فيها كل الاخفاقات السابقة ،بعد أن قمنا بتقييم حج العام الماضي، وذلك بمشاركة كل القطاعات، ومن ثم قمنا بتوفير كل الأدوية المطلوبة والأمصال وإعداد بطاقة الحاج التي تحدد الوضع الصحي للحاج وأنواع الأمراض المزمنة التي يعاني منها، وثم تصنيف حجاج هذا العام وتمثل فئة الشباب 58% منهم. ويرى مصعب أن أبرز التحديات التي كانت تواجه الحجاج هي ضيق المساحة الشرعية بمنى والتي تؤدي إلى وجود تلوث ميكروبي (22) ضعف المعدل الطبيعي وتزايد مشكلة الافتراش على الطرق والمغادرة لأحياء مكةالمكرمة أثناء النهار فضلاً عن مخاطر السيول بسبب ارتفاع الجبال المحيطة وكثرة الجيوب الهوائية، بينما يرى أن أبرز نقاط القوة التي حددتها البعثة هي انضباط الحاج السوداني ووجود فريق صحي متجانس ووجود إشراف اتحادي داعم وضابط صحة لكل قطاع، في حين تتمثل أهم نقاط الضعف في السلوك الصحي السالب، وتشديد الرقابة على الأغذية كما أنه يلفت إلى اهتمام السلطات السعودية المتعاظم وارتفاع القيم والتجاوب الكبير من المطوفين. أما بالنسبة للتحوطات الصحية والبيئية يقول مصعب: أن الخطة شملت محاور أساسية أهمها: الرصد المرضي والوبائي والإسكان الصحي للحجاج، وسلامة نظام الإمداد المائي، وذلك بوضع نظام لمراجعة الإمداد المائي إضافة إلى التنسيق مع السلطات السعودية لتفتيش الأطعمة المعلبة والجاهزة بالبقالات المجاورة للسكن. ويحذر من مغبة تجاهل الحجاج للأمراض المزمنة وعدم الاهتمام بها، خاصة وأن معظم الوفيات بين الحجاج ترجع أسبابها لأمراض القلب الغير مكتشفة ومرض السكري ،فيما يشدد على ضرورة الالتزام الحجاج بالارشادات الصحية لمرحلة ما قبل الحج منها الحرص على مقابل الطبيب المختص إذا كان يعاني من أمراض مزمنة ويحصل منه على ملخص لحالته الصحية وأخطار الطبيب بأي مرض مزمن يعاني منه، على أن يصطحب معه كمية (كافية) من الأدوية الخاصة به وخاصة مريض الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم والأزمة إضافة إلى حرص الحاج على التطعيم. ويقول مصعب: إن على الحاج مراجعة البعثة الطبية وإبلاغها بأي مرض أو أعراض يشكو منها، بجانب أخذ قسط كافي من الراحة والمحافظة على النظافة والمداومة على غسل الأيدي باعتباره يقلل من فرص الإصابة ب 08% من الأمراض، كما يؤكد على ضرورة استخدام الكمامات، وخاصة في أماكن الزحام وغسل الفواكة والخضروات جيداً. أما د. حياة صلاح الدين مدير إدارة الوبائيات بوزارة الصحة الاتحادية فهي ترى أن فترة الحج يتوقع خلالها حدوث الكثير من الأمراض وذلك لوجود عوامل مختلفة كثيرة منها الزحام ومحدودية الحمامات لإعداد كبيرة من الناس. وحول أهمية التوعية تقول د. حياة أن رسائل التوعية سوف يبدأ توزيعها على الحجاج منذ وصولهم إلى مطار الخرطوم أو الميناء، فيما تبدئ تفاؤلها بهذا الموسم لعدم تسجيل أي حالات وبائية خلال موسم العمرة الماضي ومروره بسلام.