عقب حقب الاستعمار استدلت أنظمة ما تعرف بالقومية الوطنية والاشتراكية والشمولية العسكرية والممالك وسيطرت على الحكم حتى نهايات عصر تطور التيارات الإسلامية كواجهة لم يتسنى لها اعتلاء منصات المنبر السلطوي غير أنها أفلحت في خلق عمق اجتماعي من خلال نشاطات اجتماعية وعقائدية وثقافية. وقد استطاعت إلى ذلك سبيلاً إلا أن أنظمة عقب الاستعمار لم تقدم لشعوبها جديداً في مستوى الوعي الاجتماعي بمعرفة حقوقهم وفق كفالة القانون واتساع الحريات لممارسة النقد بكل انواعه ما يتاح لهم ممارسات يتكفلها الدستور ونفرها كحقوق لا غنى عنها سوى أن الآثار التي تركتها تلك النظم التي نحسبها امتداد شكلي مجسد للاستعمار بالتيار أنها نتاج لموروث أفرزته مؤسسات المستعمر وانطبعت فيهم التجريدية المطلقة والإفلات عن التماسك للمبادئ المنبثقة تاليها وتكاملاً مع نظرية الإسلام القائمة على الحوار تناسقاً مع الثوابت وتجدداً حسب تطورات المعاصرة لذلك فشلت الأنظمة وريثة الحقب الاستعمارية أن تأسس تجربة سلطوية جديرة التداوم والاستفادة من إرثها الفكري لتصبح مرجعاً إنسانياً يحظى بقبول شعوبها حاضنة تجربتها الأولى حتى انبثاق عهود الديمقراطية في ثوبها الجديد. الأنظمة الإسلامية الحاكمة التي نعينها هي التي تولت السلطة أثر التطورات الأخيرة في دول الربيع العربي وفي الواقع أن ما دفع بها إلى منصات السلطة عوامل ووقائع ليس من بينها جدارتها باستلام زمام المبادرة على خلفيتها التاريخية وما ربطها بشعوبها بالنشاط التي كانت تقوم به حينما كانت لا تزال في طور النشأة وحتى بعد تطورها من جماعة إلى تفاعلها مع المجتمع في مراحل لاحقة دعم تقديم الآثار المشوهة لأنظمة عقب الاستعمار وسجلها في مجالات حقوق الإنسان مخجل وفي مجال التطور الاقتصادي وتكافؤ الفرص لعناصر الأقليات لا يزال يشكل عامل مفارقة لاقتراف الحقوق المدنية مما توالت الإدانات المستمره لهم حكماً عقد مؤتمراً ناقش ملفات حقوق الإنسان تتصدر أسوأ النتائج. الحراك الذي أحدثته تحولات الأزمة ما بين علاقة الحاكم والمحكوم في دول العالم الإسلامي والعربي هو الذي رشح فرص استلام الأنظمة الإسلامية لتتولى قيادة شعوبها بعد فشل تجاربها وكان خياراً وفق المعطيات والخلفية التاريخية وتداعيات التطورات العالمية واتجاهات الاقتصاد العالمي المنهار وصارع الإسلام والحضارة الغربية وقد استطاع الغرب أن يقرأ المشهد بذكاء وتحالف مع الإسلاميين ودعم مشروعهم في الوصول إلى السلطة وحرك في نفس الوقت الخلايا المناوئة لتوجيهات الإسلاميين وأحدث توازناً نوعاً ما في حدود إقناع شعوبها أن الإسلاميين أفسد الحكام وقد شهد الناس وعايشوا حكمهم وكانت النتيجة حدوث تصادم قوي ما بين الإسلاميين الذين يردون تحويل المجتمع خلال فترة وجيزة لا تكفي لتطبيق نصوص دينية بحاجة لعنصر الزمن ليتواثقها العقل لتحدث اختلاق في بنيته العلمانية وتقبل الجديد في هو أنه توعية ربما لها مردود ثقافي يتجاوز تعارف التجربة الإنسانية التي استحدث نظريتها وفلسفتها من المادة حاول الغرب إغراء الإسلاميين بالمال وسهل لهم سبل الوصول إلى الحكم فاستفردوا وقاموا خصومهم وفرضوا رؤيتهم وفكرهم واعتبروه قطعي الاعتراف لأنه الأصل وهذا الاندفاع ما استغله الغربيون وجندوا تيارات عمdلة وجواسيس وانفقوا ملايين الدولارات وتحقق لهم بتساقط النظام الإسلامي في مصر بعد نجاح ثورة 52 يناير وحمل الإسلاميين إلى السلطة فرأينا الصراع وعدم الانسجام مع الطرف الآخر الذي يمثل تجربة عريقة لها امتداداتها وتآثيراتها، غير أنها وزعت مقصودة لفشل الإسلاميين وقد أيد عزلهم دول مثل السعودية والإمارات والبحرين وهم أقطار إسلامية ولكن لا نريد للإسلام حكماً مطلقاً وإنما مزاوجة يطغى فيها المنهج السلطوي الغربي وانهارت التجربة الإسلامية في تونس بعدمها كانوا مسيطرين على أغلب الدوائر الجغرافية وشكلوا أغلبية في المؤسسات الدستورية، واتضح للشعب التونسي حقيقة الإسلاميين وليس الإسلام ووصفوهم بالتطرف والغلواء وكذلك الليبيون يسيطر عليهم الإسلاميين بقبضة من حديد وصراع ملتهب القاسم المشترك أنهم لم يفلحوا في مجاراة وقبول حيثياته المعقدة حواثة تجربتهم بالسلطة جعلتهم لم يتدرجوا في الأولويات فسقطت أقنعتهم وتماثلوا مع غيرهم مع العلمانيين على الأقل في حسب السلطة واكتناز المال التجربة الإسلامية السودانية مأزق استلامها السلطة بالانقلاب العسكري رغم ما سيق من مبررات إلا أنه يظل علامة ساطعة تؤكد حقائق أن هؤلاء لم يكن لديهم طرح ورؤية بعيدة المدى ومنهج يؤسس برنامج ممرحل يؤدي في نهاية المطاف إلى سيطرة الإسلام حاكماً تتنزل قيمه وثوابته والدليل على ذلك فتنة الانقسام التي حدثت بين حقيقتهم غير نماذج كثيرة تدل على عدم تطابق رؤيتهم الأحادية الناتجة عن قناعات والتي تمثل اجتهادهم شكلت تلاقحاً وتصادماً أنتج صراع المعارضة التي تخالفت مع الشيطان لإسقاط نظام الإسلاميين.