٭ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ظللت ولقرابة الخمسة وعشرين عاماً مداوماً على قراءة ما يكتب من كتب ومن مقالات في الصحف السيارة والمجلات، وأكاد أجزم انني في مكتبتي الخاصة أقتني كل ما كتب، والمدهش أن الأستاذ هيكل، اختلف الناس أم اتفقوا معه- يقدم من خلال ما يكتب ومن خلال ما يتحدث- كما حدث في البرنامج الشهير بقناة الجزيرة مع هيكل» معلومات كثيرة يقوم بضخها بكثافة، ربما تزعج قارئها او مستمعها إذا لم يتحل بالتركيز اللازم. ٭ وأظن أن أقرب مثال المعلومات الكثيفة التي نثرها في رباعية كتبه عن حروب الشرق الأوسط التي بدأها ب«ملفات السويس» و«سنوات الغليان» و«الانفجار»، و«اكتوبر أحلام القوة والنصر» فمن خلال هذه الرباعية نثر معلومات استخبارية مذهلة يصعب على كاتب مهما كانت قدراته أن يتحصل عليها إلا إذا كانت تمده به جهات تختزن هذه المعلومات في ذاكرتها، وأعتقد أن هذه الكتب يمكن أن تعطي القاريء ما يكفيه عن حروب الشرق الأوسط مع دولة الكيان الصهيوني كما تعطيه بصورة واضحة الأدوار التي تلعبها الدول الكبرى في هذه الحروب برغم إدعائها أن أدوارها كلها لدفع« عملية السلام». ٭ كل ذلك تذكرته وأنا أتابع ولأكثر من مرة خلال هذه الايام الفائتة بقناة أمدرمان برنامج مع «حسين خوجلي» يقدم من خلاله إضاءات حول الكثير من اأاخبار الصادرة في صحف ذلك اليوم، ولكن طريقة الأستاذ حسين خوجلي في التحليل تتميز بانه يضخ فيها الكثير من المعلومات الكثيفة والتي يضفي عليها شكلا من اشكال «الحكي الامدرماني» التي تتميز به كل مجالسها الخاصة، حيث تتشابك فيها المعلومات والنكات والملح والطرائف وتختلط فيها الخطوط الخاص والعام وتتمازج. ٭ وودت من الأستاذ حسين خوجلي تدوين هذه المعلومات التي يقدمها بطريقته عبر قناة أمدرمان في برنامج «مع حسين خوجلي» في مقالاته الراتبة في صحيفة الوان حتى تخضع آراءه ومعلوماته للحوار والمزيد من الحوار والنقاش والتطوير وحتى تستطيع الجهات الممسكة بالملفات التي يتناولها الاستفادة من النقد المصوب لها، وتحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه شأن أية تجربة انسانية، وتصوب ما يستدعي التصويب. ٭ غاية ما يعجبني في«مع حسين خوجلي» أن الأستاذ حسين خوجلي يتقن الإستدلال بالنصوص القرانية والأحاديث النبوية وجميل النظم من النثر والشعر والدوبيت والمديح والحكم والأمثال الشعبية السودانية، وهذا ما يشيرإلى موسوعية قراءاته وموضوعية تحليلاته، اختلف الناس أم اتفقوا معه فيها، وجرأة انتقاداته، قبلتها الحكومة أم رفضتها، وغاية إعجابي طريقة«الحكي الامدرماني» والذي يستمد قوته من انها جغرافيا هجين استوعبت الناس بكل مشاربهم.