لأنني معجب أشد الإعجاب بأداء الأستاذ الطيب عمر علي وبما قام به من تتابع النوايا لرفعة التعليم مقرونة بالعمل المخلص، ولغير ذلك من الأسباب التي دعتني إلي سبر غور شخصيته عبر التأريخ وإلى معرفة المكنونات التي كونت هذا الرجل وجعلته بهذه الميزات الواضحة والمميزات البائنة والخلق الحميد. فنقبت لمعرفة الجوانب التأريخية له، فهو مولود في منطقة العيلفون في يوم 1/01/3591م، ومعروف كيف كانت هذه المنطقة عبر التأريخ السحيق، ولا غرو في نجاحاته لأنه حفيد الشيخ إدريس ود الأرباب ولأن كل المتفوقين في مجالاتهم ارتبطوا بالخلوة في صغرهم، فكانت خلوة الفكي عبد القادر الرافد الطيب الأول في تكوين شخصية هذا العبقري، فحفظ فيها ما شاء الله له من القرآن الكريم. ثم درس في العيلفون الأولية من 1691م إلى 5691م ثم العيلفون الوسطى 6691م - 1791م وبعد ذلك التحق بجهة المعلمين بالخرطوم نظام أربع السنوات من الأعوام 1791 إلى 5791م ثم نال دبلوم التربية الريفية والتغذية جامعة الخرطوم من 0891م حتى 2891م بكلية الزراعة. ورغم تفوقه الأكاديمي وإتيانه ضمن الأوائل من دفعته إلا أنه أصر على الالتحاق بمهنة التعليم رغم الرفض الشديدمن معلميه وأسرته الذين كانوا يرون له الكليات العلمية المتقدمة ولكنه انتصر لرغبته التي انغرست في دواخله منذ دخوله المدرسة الأولية فالتحق بمهنة التعليم في يوم 1/5/5791م بعد أن تخرج بامتياز في معهد التربية. عندما صار معلماً قام بتدريس جميع المواد ولكن المواد الدراسية المحببة له كانت الرياضيات والجغرافيا المحلية واللغة العربية (الصف الأول) في المدارس الابتدائية والطرق التربوية لتدريس وتجويد القرآن الكريم في تدريب المعلمين. بدأ حياته العلمية في التعليم في مدرسة أم قحف بالعيلفون ومنها إلى كلية الزراعة بجامعة الخرطوم وبعد أن نال دبلوم التربية بامتياز تم اختياره مشرفاً بمعهد التأهيل التربوي بالعيلفون، وفي العام 3891م تمت إعارته إلى المملكة العربية السعودية التي عمل فيها رائدا اجتماعيا ومرشدا طلابيا لمدة خمس سنوات ثم عاد إلى السودان 8891م وعمل في معاهد التأهيل التربوي حتى وصل إلى درجة عميد معهد التأهيل بالعيلفون عام 8991م ومنها مديراً للشؤون التعليمية بمحلية شرق النيل في العام 5002م وحتى تقاعده بالمعاش 3102م. عرفناه في فترة توليه إدارة الشؤون التعليمية بشرق النيل وهي الفترة التي ازداد تعلقنا وإعجابنا بهمته الوطنية العالية ونشاطه الوثاب ورؤاه الثاقبة وإخلاصه الفريد والذي تمثل في أوجه عديده أهمها إحراز محلية شرق النيل المركز الأول على مستوى شهادة مرحلة الأساس لسنتين متتاليتين، فقد نال العديد من الميداليات والأوشحة والشعارات التي لا تحصى. ومن أفضل محاسنه فيما أفضى إليه من نجاحات استنهاضه مشاركة المجتمع في المحلية في كل مراحل وأدوار العملية التعليمية وأدت هذه المشاركة الشعبية دوراً كبيراً ساهم بفعالية في دفع عجلة التعليم بالمحلية وكانت آخر المشاركات الكبيرة أن تم دعم التعليم بالجهد الشعبي ب (641،7) مليار جنيه، ولم تبخل المحلية بشيء بالرغم من ظروفها واحدة من المحليات الفقيرة. ولأن المعلمين هم الذين يباشرون العملية التعليمية في آخر عمليات خططها فإن تفاعل المعلمين مع البرامج المطروحة من قبل هذا التربوي العالم كان واضحاً في مواظبتهم واهتمامهم بالمناشط وتحضير الدروس وانضباطهم في العمل والالتزام بالخطط، أدى كل هذا إلي جعل المدارس الحكومية ذات بيئات جاذبة وأصبح التلاميذ يهاجرون من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية بنسب عالية بعد التفوق الذي حدث في المدارس الحكومية. نزجي الشكر الجميل والتقدير المبجل للدكتور عبدالرحمن الخضر والي الخرطوم الذي تبنى مبادرة معتمد محلية شرق النيل ووافق عليها دون تحفظ لأنه يعلم ما قام به الأستاذ الطيب عمر ويمتد الثناء والشكر للدكتور المعتصم عبد الرحيم الحسن على وقفته الكبرى في موضوع التمديد لأنه أكثر الناس معرفة بإمكانيات وقدرات الأستاذ الطيب عمر علي. والشكر أيضاً للدكتور عمار حمد سليمان معتمد محلية شرق النيل الذي حفظ أفضال هذا الرجل وأعماله ووقف على خبرته النيره التي أهلته إلي كل النبوغات والنجاحات التي حصلت له فاجتهد في التمديد له عن طريق المشاهرة فكان له ذلك لأنه من غير المعقول أو الممكن أن تكبلنا لوائح الخدمة المدنية عن إدراك حوائجنا والاهتمام بكوادرنا القادرة على العطاء المثمر، وليكن زاد كل إنسان يخدم وطنه بمثل الهمة والإخلاص الذي قام به الأستاذ الطيب عمر علي عبد الخالق، لله درك أيها الرجل العملاق ونحن نجتر جزءاً من تأريخك الحافل بالجهاد والنضال والمثابرة والنجاح والتفوق.