قرنفلة للدخول: لكأنما لم يشبع الشعب السوداني (الفضل) من موجة التغني اللئيم المطروح في الساحة الفنية، وصار منتجو هذه النوعية من الأغنيات يجتهدون في إنتاج نوعيات جديدة ومحسنة في «اللئامة» يفقأون بها عين الحياء، و»يفقعون» بها مرارة الناس دونما حياء. وأنا أقصد بهذه التسمية مجموعة الأغنيات الفارغة المضمون التي ترتكز على اللحن الجيد والتوزيع الموسيقي الممتاز فيما يكون بنيان كلماتها الشعرية خالي المضمون وبلا معنى يفيد المستمع، وهي أغنيات عادةً ما تغنى في المناسبات الخاصة «للتنطيط» والرقص غير المدرك، وهي أغنيات أصبح كثير من مغنيي هذا العصر يلجأون إليها حتى يواكبوا سوق الغناء والطلب. قرنفلة ثانية: فوجئت كالكثيرين من أبناء شعبي بالمغني الشاب «طلال الساتة» كما يسمى- وهو يردد في مهرجان السياحة في بورتسودان أغنية الملك فاروق وهي بحد علمي وتصنيف النقاد الفنيين لها تعد واحدة من الأغنيات اللئيمة سابقة الذكر وهي أغنية يتغنى بها الشاب طه سليمان في المناسبات الخاصة. ومرجع المفاجأة أن المغني طلال ردد الأغنية على مرأى ومسمع من جمهور المهرجان والذي هو في نسبة منه جمهور سائح غير سوداني جاء إلى السودان بغرض التمتع بالمناخ والتراث والفن السوداني والتعرف على وطننا الحبيب، ولعل ابن الثورة الحارة الساتة هذا لم يكن يدرك أنه في تلك الساعة يمثل السودان وأنه كان يرسم لكل الحضور صورة ولو بعيدة المدى عن تأريخ الفن الغنائي السوداني المجيد، ولعله لم يكن يدرك ربما أن الحفل كان ينقل على شاشة البحر الأحمر الفضائية وأن أحد البشر في مكان ربما ستمر يده بالخطأ على جهاز «الريموتكنترول» ويستمع للفن السوداني المغني على لسان الود طلال، وسيطلق عنان مخيلته ليقيم في نفسه العادية نوعية وأنماط الغناء في بلادنا، وسيصنف الملك فاروق على أنها مدرسة ربما تكون حديثة في الموسيقى والشعر السوداني، أو يتطوع أحد الحضور الأجانب شديدي حب الاستطلاع- بتسجيل الأغنية على هاتفه الجوال ويعود بها إلى دياره ليعلم الناس هناك أن هكذا الناس في السودان يتغنون. وطلال الذي يبدو جلياً أنه في السن أكبر من الشاب طه سليمان قد نجد له العذر في تقليد من هو أصغر منه عمراً وأكثر تجربة لكنا لا نجد له العذر في التغني بهذه الشاكلة على مرآة المهرجانات السودانية التي تعكس للآخرين كيف يبدو حالنا وحال وجداننا، ولن نسامحه أو غيره ممن يتغنون بدون مسؤولية أو وعي منهم تجاه ما يفعلون بالشجن السوداني الرهيف الذي شيده الكبار، وكان يمكن للمغني سابق الذكر أن يردد ما يشاء من أغنيات ما دام أنه يرتدي في تلك اللحظة علم هذا البلد، وإن كان فريقنا القومي لكرة القدم قد كرر فعلته في سيكافا فإن طلال ابن أم درمان حيث مكامن الغناء في السودان الجميل هو الآخر قد خذل في وقفته المشؤومة تلك بلدنا وجاء بتصنيف الأذن السودانية طيش هذا المهرجان حتى قبل نهايته، وله أن ينافس الآن على كأس اللعب النظيف الذي لن يناله بمثل هذه الأغنيات، ونرجوه أن يرحم تأريخنا السياسي وهو يتغنى لفاروق المصري وأن يتغنى في المرة المقبلة للوالي « محمد طاهر أيلا» الذي يهدر أموال دافعي الضرائب هناك في جلب مثل هولاء المغنواتية ليغني للناس حكاية حياة أحد ملوك مصر. والولاية التي تعاني الأمرين من العطش جرح خد سحابها طلال بترديده الغناء الغث الجاف الذي زاد المكان جفافاً وظمأ، ونظن أن طلال هناك حاله كحال المحترف الهلالي «...» الذي خرجت معه مفردة الشارع «ماسورة» ، وسيكون هو ماسورة هذا المهرجان، وأظن الناس هناك سيطالبون واليهم ما دام جايبين لينا مواسير .. جيبو مواسير موية بدال البتكب غناء هابط. قرنفلة للخروج: البت الجات أمبارح منتشرة ونورة خرافي منتشية وعاملة مسارح بالله دي بت نور ولا ملاك بي رمشو الجارح فتّحتي مسام القلب ومسحتي الوجع الفارح يا البت الجيتي أمبارح.