من أحاديث معلم البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، وفي موضع آخر «الخيل معقود بنواصيها الخير»، إذن تلك هي الخيل التي ورد ذكرها في كثير من آيات القرآن الكريم، يقول تعالى: «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون» صدق الله العظيم. وأقسم بها سبحانه وتعالى في سورة العاديات «والعاديات ضبحا فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا، فأثرن به نقعا» صدق الله العظيم. والنقع هو الغبار وهذا ما عبّر عنه الشاعر بشار بن برد: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه. وفي ذات السياق يقول شاعر آخر: وكأن إيماض السيوف بوارق وعجاج خيلهم سحاب مظلم. إذ أن العجاج هو الغبار ويسمى القسطل والعثير كما في هذا البيت: عقدت سنابكها عليها عثيراً لو تبتغي عنقاً عليه لأمكنا. والخيل عرفتها العرب منذ أقدم العصور وقد ارتبطت بحياتهم واجتماعياتهم وغدوهم ورواحهم ذكرت كثيراً في أشعارهم وأخبارهم وسيرهم: مُكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر خطه السيل من علِ. وهي مصدر عزهم وفخارهم وشجاعتهم وفروسيتهم يتباهوا بها بين القبائل والعشائر أوردها المتنبئ بهذا المعنى: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم. وفي قصيدة أخرى: كأن خيولنا كانت قديماً تُسقى في قحوفهم الحليبا. واستخدموها في فتوحاتهم وغزواتهم وغزواتهم وحروباتهم يقول شاعرهم: خيلاً كأمثال السعالى شُذبا تغدو بيضاً في الكريهة شوسا حمى الحديد عليها فكأنه لمعان برق أو شعاع شموس. وتشير بعض المصادر بأنها كانت تتخذ أداة في نقل الرسائل والمكاتبات المهمة بين البلدان والأمصار، وكان الزعماء والأُمراء والرؤساء يتبادلونها «هدايا» فيما بينهم تعبيراً عن المودة، والمحبة والإخاء، وتمتيناً للأواصر، والوشائج، والعلاقات، والصلات، وأبرز ما قيل في هذا الصدد بيت المتنبئ الشهير: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال. وللخيول مسميات عديدة نذكر منها الحصان وهو ذكر الخيل والفرس .. والمهر وهو ولد الفرس وجمعها أمهار وهي مُهرة ومها المهيرة وهي المرأة العظيمة المهر وهو مبلغ من المال يلتزم الزوج بأدائه إلى زوجته حين يتم عقد زواجه بها، ويسمى أيضاً الجواد وتجمع على جياد، وأيضاً الأعز والسابح والصاهل وجمعه صواهل والماصع والكميت وهو الذي خالط لونه حمرة والأدهم هو الذي اشتد سواده: وأدهم يستمد الليل منه وتطلع بين عينيه الثريا سرى خلف الصباح يطير زهواً ويطوي خلفه الأفلاك طيا فلما خاف وشك الفوت منه تشبث بالقوائم والمحيا. ويسمونها أيضاً الداجن وجمعها دياجن.. جاءت في وصف فرسان لهم: ركبوا الدياجن والسروج أهلة وهم بدور الأسنة أنجم. وحينما توصف الخيل بالحسن والجمال والكمال والأصل الكريم يقال خيل مطهمة.. وهذه صفة تشمل كل ما هو جميل وذا حسب ونسب ومجد: أغر بمجد قد شخصن وراءه إلى خُلق رحب وخلق مطهم. والمحجل من الخيل فهو شديد بياض القوائم والحجاج ما صاحب سيره السرعة. والعرب تسمى صوت الخيل «الضُباح» يقال ضبحت الخيل ضبحاً إذا صوتت أنفاسها في جوفها حين العدو ويعرف أيضاً بالصهيل: قل للقصائد ينتخبن صهيلاً غير الصهيل ويبتدعن سهولاً. أما الصهوة فهي موضع السرج من ظهر الفرس: ما عاد فارسك المحلِّق فوق صهوات الجياد وكأنه تل من النيران تركض في الوهاد. والخيل ذكرت كثيراً في أقوالنا وأمثالنا وأُغنياتنا الشعبية فهذه بنونة بت الملك نمر ترثي أخاها عمارة في مرثيتها الشهيرة: ما هو الفافنوس ما هو الغليظ البوص ود المك عريس خيلاً يجن عركوس أحيّ على سيفو البحذ الروس. كناية عن شجاعته وبسالته وشهامته .. جاء في المثل «الخيل تجقلب والشُكر لي حماد». ونأتي إلى الخير وهو الشرف والأصل والكرم والنبل ويشكل جناس غير تام مع الخيل.. وقد ارتبطت هذه مع مفردة البركة التي تعني النماء والزيادة.. يقول تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، والخير له مردوداته الإيجابية أنشد الحطيئة في هذا الشأن: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس. والشر هو ضدّ الخير ويعني السوء والفساد. والخير اسم لعلم مذكر له دلالاته ومعانيه فيسمى الخير مجرداً أو اسم مركب مثل خير الله، محمد خير، أبو الخير. والأنثى تدعى أم الخير، وخيرية.. والخير يعني المال الوفير يقول تعالى: «وإنك لحب الخير لشديد». وفقنا الله وإياكم لعمل الخير، وخير الكلام ما قلّ ودلّ.