الكلمة الحزينة قالها أحد العاملين في شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) ، (والله الواحد فينا بدنقر راسو لمن يكون في المطار ويقول أنا من سوادانير)، قالها وهو متأثر بينما عيناه تبرق حسرة، طريقته في الحديث تبدو صادقة... هنا وأنا أتابع الوقفة الاحتجاجية لعمال (سودانير) بمبانيها ظهر أمس ظللت أفكر في هذه الكلمات بينما علامات الحسرة انطبعت على وجوه العمال الذين احتشدوا للتعبير عن رفضهم لتأخر استحقاقاتهم الشهرية وهو يصف الوضع السيء الذي يعيشه الناقل الوطني وما وصل إليه من تدهور، ربما تكون تلك الجملة قد لخصت حجم التدهور الذي وصلته الشركة، ولكن تلك الوقفة أخرج فيها هؤلاء العاملون كثيرا مما كان يعتمل في صدورهم من هؤاء ساخن تجاه قضايا تلك المؤسسسة العظيمة وسياسات مسؤوليها، ورسموا صورة قاتمة لمستقبل الناقل الوطني، وإن كانت قضيتهم الأساسية التي تجمعوا من أجلها هي المناداة بمطالبهم في الالتزام بصرف رواتبهم الشهرية، غير أن الحشد يبدو أنه فرصة جيدة لما يجول في خاطرهم من قضايا في داخل (سودانير). صب المتحدثون جام غضبهم ناحية سياسات الدولة فيما يتصل بالناقل الوطني، ورثوا حالها بأنها صارت مهملة، فيما اتهم بعضهم الحكومة بأنها سبب الإخفاقات التي لحقت بالشركة ، بينما انصبت جل المطالب في تصفية شركات الطيران الخاصة التي يرون أنها ألحقت أضراراً بالغة بأداء سودانير، في حين عدّ رئيس نقابة النقل الجوي بالاتحاد العام للعمال عادل أحمد المصطفى أن ما تعانيه سودانير من إهمال يعود إلى بعض المتنفذين الذين يؤثرون في حركة أداء الشركة، وقال إن الحصار الداخلي أسوأ من الحصار الأمريكي، لأن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها لسودانير، وأردف بقوله : (قروش في .. طيران في)، وشركات الطيران الخاصة هي السبب المباشر في تدمير الناقل الوطني (وما بنسكت عن حقوق العاملين ولا بد من إعطائهم حقوقهم). وكما أن عادل أشار أيضاً إلى أن المال يقف عائقاً أمام تأهيل وتطوير الشركة، مشدداً في سياق متصل علي ضرورة التزام الدولة باستحقاقات العاملين التي وصلت إلى شهرين، ونبه إلى أن هناك نحو عشرة مليارات من حقوق العاملين بحوزة خزينة الشركة لم يتم صرفها، وعلى ضوء ذلك طالب رئيس نقابة النقل بسن قوانين جديدة للناقل الوطني ومنحه حقه من الاهتمام والدعم من الدولة . وفي غصون ذلك توعد متحدثون بتصعيد قضايا الشركة إلى أعلى مستوياتها بمخاطبة رئاسة الجمهورية بعد وزارة النقل للالتزام بالاستحقاقات وصرف رواتب الشهرين للعاملين، وحيال هذا الأمر لم يتركوا الباب موارباً بل إنهم لوحوا بالإضراب العام احتجاجاً على تأخير الرواتب. -- بعد تراجع الدولار تجارة العملة « مخاوف الخسائر ومطامع الأرباح » تقرير: الفاضل إبراهيم امتهنت شريحة كبيرة من أصحاب الأعمال الحرة تجارة الدولار كمهنة يستعنيون بها على قضاء احتياجاتهم اليومية تراهم يجلسون بصورة علنية فرادى ومجموعات في الشوارع الرئيسية والأزقة ينادون بصوت خافت «صرف صرف» وأحياناً يلوحون بحزمة من النقود بيد أن هنالك آخريين ينشطون في الخفاء وهؤلاء يصنفون من فئة التجار الكبار يتعدى عملهم مجرد الربح القليل الى تحقيق ثروة طائلة وفق أساليب الاحتكار في أوقات الندرة لتحقيق مكاسب مادية كبيرة.. ولكن الواقع يقول السوق الأسود أو الموازي كما يطلق عليه غير مضمون، فدائماً ما يشهد تقلبات مختلفة من صعود وهبوط للأسعار الأمر الذي يلحق خسائر كبيرة بالتجار وديون قد تعصف بهم الى داخل غياهب السجون فضلاً عن «الكشات « والملاحقات التي بدأت تطال المتعاملين مع الدولار لكبح جماح الصعود المستمر للدولار مقابل العملة الوطنية . وكشف تجار استطلعتهم «الوطن» عن زيادة كبيرة في حركة البيع والشراء هذه الأيام عزوها للخوف من تقهقهر الدولار الى مستويات قياسية عقب الوديعة القطرية المليارية لبنك السودان، وقالوا «الناس خايفين من انخفاض أسعار الدولار عشان كده دايرين يتخارجوا من العملة قبل ما تنزل « بيد أنهم لم يستبعدوا حدوث متغيرات كما جرت العادة وأكدوا توقف الكشات التي اعتبروها أحد أسباب الزيادة لجهة أنها تتسبب في تناقص اعداد التجار وبالتالي تصبح العملة محتكرة لافراد محددين . يقول محمد المعروف بأبوشنب «تاجر عملة» إنه ظل يمارس هذه التجارة منذ أكثر من 10 سنوات ويعتمد عليها بشكل أساسي في تأمين قوت عياله بعد أن ترك مهنته الأساسية الزراعة التي أفقرته على حد قوله مؤكداً أن المجال دخله كثير من الدخلاء في الآوانة الأخيرة مما قلل معه الارباح، وحول الأسعار أوضح أبو شنب أنها لاتخضع لأي ناحية اقتصادية بل يحددها كبار التجار والمتعاملين، مؤكداً أن المهنة أصبحت غير جاذبة فيما رأى ود القطينة صعوبة ايقاف السوق الموازي، وقال «للوطن « المواطن لن يجد بديلاً مناسبا للتعامل غير الرسمي للاجراءات المصرفية المعقدة أحياناً ولعامل الزمن أحياناً كما أن التجارة أصبحت سهلة ومتغلقلة في المجتمع، فهي مرتبطة بمنظومة كبيرة جداً «صبيان ومعلمين وحيتان واسماك» منتشرين في القرى والفرقان والمدن، وقال سوق الدولار أصبح مغري جداً حتى أن بعض الصرافات تركت عملها الأساسي وأصبحت متخصصة في التحاويل والفوائد وشارك» ي,س» ود القطينة الرأي في أن السوق أصبح جاذباً للكثيرين، فهنالك أصحاب دكاكين وموبايلات ومحال تجارية يمارسون التجارة بصفة رسمية أو ثانوية، مؤكداً أن الأسعار أصبحت تتأثر بالأحداث السياسية والإشاعات والحروب الداخلية ودول الجوار. وأكد عمران تاجر أن مستقبل التجارة أصبح غير مضمون في ظل تذبذب أسعار الدولار وقال «سمعنا أن الدولة ستشرع مستقبلاً في توحيد السعر الرسمي والموازي، وأضاف إذا نفذ هذا الإجراء سيكون بمثابة كارثة على شريحة كبيرة من التجار أصبحت تعتمد على العملة كمورد أساسي. ويشير الخبير الاقتصادي د.الناير الى أن موضوع السوق الموازي وسعر الصرف يعتبر أكبر تحدٍ لبنك السودان، وقال يوجد فرق كبير في سعر صرف العملة الوطنية بين السوقين الرسمي والموازي مما أدى لحدوث نشاط كبير في السوق الموازي بسبب إقبال عددٍ كبير من المواطنين على السوق، كما أن مواسم العمرة والحج واجازات المغتربين دائماً ما تشهد طلباً كبيراً على العملات الأجنبية يقول الناير ظاهرة تجارة العملة كانت قد اختفت تماماً ولمدة (سنوات تقريباً خلال الفترة من (2004م حتى عام 2008م) وقد شهدت هذه الفترة عدم وجود فرق في السعر بين السوقين الرسمي والموازي، مما أدى إلى ضمور كبير في السوق الموازي ومع تفعيل نظام التحويل الفوري في بعض البنوك أصبحت كل تحويلات المغتربين تتم عبر القنوات الرسمية لعدم وجود دافع يجعل المغتربين يتجهون نحو السوق الموازي، كما أن استقرار سعر الصرف ساعد كثيراً في جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد خاصة وأن سعر الصرف المستقر قد صاحبه انخفاض في معدل التضخم إلى رقم آحادي في تلك الفترة.. ولكن بسبب الأزمة المالية العالمية وفي عام (2009 م) بدأت ظاهرة تبديل العملة خارج إطار القنوات الرسمية تطل برأسها من جديد وتزايدت بصورة كبيرة بعد إعلان انفصال جنوب السودان وبرغم المجهودات الكبيرة التي تبذل لمكافحة ظاهرة تبديل العملة إلا أن الأمر يجب ألا يقتصر على تطبيق القانون على المخالفين فقط حتى لا تتسع دائرة هذا السوق عملاً بمقولة (الممنوع مرغوب) لذلك يحتاج الأمر حزمة من الإجراءات التي تنظم التعامل في النقد الأجنبي والبدء فوراً بزيادة ضخ كميات إضافية من النقد الأجنبي لمقابلة الطلب المتزايد عليها وإذا استطاع البنك المركزي تضييق الفجوة بين السعرين ستأتي العملات الأجنبية طوعاً واختياراً إلى التعامل عبر السوق الرسمي من خلال تحويلات المغتربين التي تفوق ال(3) مليارات من الدولار، كما أن حجم الاستثمار الأجنبي سيشهد زيادة ملحوظة وبالتالي يكون البنك المركزي قد حقق أهدافه في جذب العملات الأجنبية للتعامل عبر السوق الرسمي مما يساعد بجانب موارد الدولة من عائدات الصادر في بناء احتياطي مقدر من العملات الأجنبية يساهم في خلق المزيد من الاستقرار لسعر الصرف.