أمس حملت الصحف ووسائل الإعلام خبراً كشف عن ظهور مفاجئ للوزير السابق والرجل النافذ أسامة عبد الله محمد الحسن والذي يعرف في الميديا ووسائل التواصل الإجتماعي بإمبراطور السدود والكهرباء وذلك على خلفية وقوف الرجل على انشاء سد مروي منذ وضع حجر أساسه وحتى دخوله مرحلة الإنتاج وعده البعض فتحاً مهماً لانتاج الكهرباء في السودان واسهم في استقرار المد الكهربائي بصورة ملحوظة في السودان ورغم أن الرؤية الكاملة حول السد لم تنفذ بشكل كامل خصوصاً فيما يتعلق بالمشاريع الزراعية الضخمة التي من المفترض أن يمدها بالماء والكهرباء ولكن يبقى أنه يمثل انجازاً كبيراً خصوصاً وانه قد مر في مراحل بنائه بالعديد من المتاريس منها التمويل ورفض المواطنين المتأثرين من قيامه والذين رفضوا التهجير رغم المغريات التي قدمت من وحدة تنفيذ السدود التي كان يقودها اسامة عبد الله ولكن أفلح الأخير في إزالة العديد من هذه المتاريس وصولاً بالسد الى ماشهده الناس ولم يكن سد مروي وحده فقد تبعته مشاريع مصاحبة إضافة الى سدود أخرى مثل سدي أعالي عطبرة وستيت وسدود وحفائر أخرى بكردفان ودارفور وامتدت يد الوزير السابق اسامة الى جنوب السودان قبل الإنفصال وبدأ في انشاء سدود هناك مابعد اتفاقية نيفاشا وضمن مشاريع الوحدة الجاذبة وكان للرجل قبول وعلاقات واسعة مع القيادات في جنوب السودان وعمل على تقريب وجهات النظر في الخلافات التي كانت تحدث بين الجانبين في ذلك الوقت. نفوذ وغموض ظل أسامة عبد الله وطوال فترته التي قضاها متقلباً في المواقع التنفيذية والحزبية قوياً ونافذاً ومرتباً ومنظماً في عمله ومع ذلك فهو صامت حد الغموض ما يبعث الشك في نفوس الناس منه ولا يعرف تحركاته ومايريد أن يفعله الا الدائرة الضيقة القريبة منه وله تجارب ناجحة في العمل الخاص والعام وقطاع الطلاب الذي تسلم قيادة التنظيم الحركي للطلاب الإسلاميين في جامعة الخرطوم العام 1984 وهو طالب في السنة الثانية من كلية الهندسة وهو دليل على ثقة القطاع والقيادة فيه في ذلك الوقت وهي تجربة بلاشك أكسبته الكثير من القدرة على التنظيم كما أسلفنا الذكر وعمل أسامة في قيادة الشرطة الشعبية والخدمة الوطنية قبل أن يتم تعيينه بقرار جمهوري مديراً لوحدة تنفيذ السدود ويترجل أخيراً من موقعه كوزير للكهرباء والسدود بعد القرارات الأخيرة التي أجراها المؤتمر الوطني فيما يعرف بخطة الإصلاح في الحزب والدولة وهي قرارات قد أحدثت جدلاً ولاتزال حيث يعتقد البعض أن هذه القرارات استهدفت شخصيات بعينها من أجل تصفية حسابات وضرب لوبيات ونفوذ البعض وهو ما ظلت تنفيه قيادات المؤتمر الوطني مراراً وتكراراً على أن الجدل حول هذه الفرضية لم يفتر ولم يتوقف وقالت مصادر من داخل المكتب القيادي ليلة القرارات التاريخية التي اطاحت بأسامة واخوانه انه كان هناك اتجاه للإبقاء عليه ولكن هناك من رفض وطالب بأن يترجل كل من قضى دورتين وأكثر في الحزب والدولة, اتباع وحدة تنفيذ السدود لرئاسة الجمهورية كانت واحدة من المؤشرات التي تدل على نفوذ الرجل وقربه من مؤسسة الرئاسة وبشكل شخصي من الرئيس البشير ولم يخف الرئيس البشير اعجابه باسامة عبد الله بل صرح به قبل مغادرة الأخير لكرسي الوزارة بأيام معدودات في احتفالات السدود ونفرة شمال كردفان بمنطقة أم بدار حيث قال الرئيس (انا الملف البديه لاسامة عبد الله بكون مطمئن على إنجازه) وقرب اسامة من الرئيس فتح له المغاليق من التسهيلات والدعم المباشر وغير المباشر لكل المشاريع التي يطرحها والمبادرات التي يقدمها وساعد على ذلك غير النفوذ الترتيب الجيد للمشاريع التي يطرحها ومقدرته الفائقة على الإقناع وحرصه على المتابعة والتنفيذ الدقيق لكل عمل يتبناه ما أهله لكسب ثقة المتعاملين وخصوصاً الممولين للمشاريع المختلفة. صراعات ومكاسب خاض الرجل العديد من المعارك والصراعات مع اخوانه في بعض المؤسسات التي تتقاطع في مسؤولياتها مع مايتولى من أمر أشهرها معركته مع وزير النفط الحالي ومدير الكهرباء حينها المهندس مكاوي محمد عوض والتي خرجت الى الصحف ومجالس الانس ومثلها وغيرها من المعارك كان يخرج منها دوماً كاسباً لطرحه القوي وثقة القيادة فيما يقدم ولذلك كان ينتصر في معاركه الجانبية مع الخصوم في تقاطعات العمل التنفيذي وليس بالضرورة أن يكونوا خصوم سياسيين ومن ميزات اسامة انه يحتفظ بأكبر قدر من ضبط النفس حتى مع اشتداد وضراوة المعركة ولا يتحدث الى وسائل الإعلام مطلقاً ماعده البعض جفوة بين الرجل والإعلام رغم ان انجازاته فرضت وجوده صباح مساء في كل اجهزة الإعلام وطوال السنوات الأخيرة منذ العام 2005 وحتى العام 2014م لحظة مغادرته الوزارة ,ظل محتفظاً بعلاقة حميمة مع الشيخ الترابي كما قال بذلك عدد من المقربين منه رغم انه تولى مهام تنظيمية تفرض عليه المواجهة مابعد مفاصلة الرابع من رمضان الشهيرة بين الإسلاميين والتي قسمتهم الى مؤتمرين وطني وشعبي واعتبر البعض ان هذا امراًَ صعباً ان يحتفظ بعلاقة طيبة مع عراب الحركة الإسلامية الذي كان يثق في اسامة عبد الله كثيراً في ذات الوقت يعتبر الأخير قريباً لدرجة كبيرة من الرئيس البشير. العودة للأضواء الوزير السابق ظهر هذه المرة وعاد للأضواء معرفاً نفسه لوسائل الإعلام بفندق السلام روتانا أمس بأنه المدير العام لمؤسسة (سودان فاونديشن) وأعلن عن انطلاق مبادرة المساهمة في بناء السودان (2015-2025) ، وهي كما بين وشرح تهدف لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإنتاجية، بعيداً عن التقاطعات السياسية، مشيراً الى ان البلاد تحتاج الى هذه المبادرات في المرحلة المفصلية التي تمر بها، والتي تتطلب تضافر الجهود، ولم ينس أن يؤكد على الالتزام بالشفافية في مؤسسته الجديدة وعدم الاعتماد على العمل التنفيذي المباشر، واعتمادها في تمويلها على القطاعين العام والخاص والهيئات والتبرعات، والالتزام بالإجراءات المحاسبية المتعارف عليها، مشيراً إلى أنه قرر تكريس وقته ووقف خبراته للناشط المجتمعي عبر القطاع الخاص لبلوغ نهضة السودان وتطوره ومضى شارحاً إن مؤسسته رأت ترك الحوار السياسي للسياسيين وأحزابهم وتنظيماتهم، وأن تدعم دعوة رئيس الجمهورية ومشروعه للإصلاح الوطني، عبر بناء سودان المستقبل، متخذة المجتمع والقطاع الخاص منصة للانطلاق لتطوير الوطن في المجالات التنموية دعماً للإنتاج، وسعياً لإعداد الشباب وتطوير قدراتهم لصنع المستقبل للبلاد , مايتبدى لأول وهلة ان هذا المشروع المطروح كبير جداً ويحتاج الى تحريك طاقات دولة ومجتمع وليس منظمة او مؤسسة مجتمع مدني ولكن ماعرف به أسامة عبد الله من قدرات يمكنه من تحريك هذا العمل مدفوعاً برغبة شخصية منه في العودة الى الأضواء من الباب الإقتصادي والتنموي ومدعماً بعلاقاته الواسعة داخلياً وخارجياً وعلى مستوى القيادة العليا وهي ستكون معين له في استقطاب التمويل لهذا المشروع الضخم والذي وضح انه وضعه بإستراتيجية زمنية وشرح رؤيته الكلية معممة ولم يطلع الناس على تفاصيله الكاملة بعد بيد أن الإشارات العامة دللت على ضخامة المشروع وربما تشهد الأيام القادمة الكثير خصوصاًً وانه يملك القدرة على الحراك الإعلامي والعملي على أرض الواقع دون أن يتكلف مشقة الظهور الشخصي في وسائل الإعلام.