هواء ساخن جداً.. يتصاعد على سماء إعلام أبناء النيل، هجمات وهجمات مرتدة، وبعد صمت طويل إلتزم به صحفيو وكتاب الإعلام السوداني على غارات إعلامية يشنها الإعلاميون المصريون على السودان حكومة وشعباً، تحركت بركة المياه الساكنة من الجانب السوداني وبدأت حملات رد (الصاع صاعين) بحسب ما أطلق عليها مراقبون، ولم تستثن الحرب الإعلامية المسؤولين والسياسيين المصريين ، فتصريحات منسوبة لمحافظ أسوان كانت كفيلة بقطع شعرة معاوية، بينما انتحى المسؤولون والسياسيون السودانيون ناحية الصمت. ٭٭ سخرية: مقطع فيديو منتشر بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وتطبيق (واتساب)، يحوي مقابلة تلفزيونية في إحدى القنوات الشهيرة، ضيف المقابلة رجل ملتحي، تسأله المذيعة عن دعم قطري للسودان يجيبها بتهكم وسخرية قائلا:» السوداني ممكن يبيع نفسه بأقل من كده بكتير»، مقطع الفيديو آثار حالة من الإستياء والحنق في الأوساط السودانية وخاصة الوسط الإعلامي والسياسي، لم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى البرامج التلفزيونية ببعض القنوات الخاصة عبر مقدمو برامج مذيعين معروفين بالسخرية من السودان وشعبه، ولا زالت ذاكرة السودانيين تحتفظ بتلك العبارة الجارحة التي تفوّه بها المذيع المصري ابراهيم حجازي إبان مباراة مصر والجزائر والتي قال فيها:» السودانيون شعب زبالة». قبل أيام تداولت مواقع بالانترنت ايضاً تصريحات منسوبة لمحافظ أسوان مصطفى يسري قال فيها:» إن الحجر الصحي بميناء السد العالي احتجز سودانياً بعد أن تبين من التحاليل إصابة بالملاريا، وتم نقله إلى مستشفى حميات أسوان، وذلك خلال جولته التفقدية لمستشفى حميات إدفو للإطمئنان على المصابين بالملاريا»، وأردف:» إذا شفت سوداني بلغ عنو». ٭٭ هجمات مرتدة: أثارت الحملات الإعلامية المصرية التي تقصد التهكم والسخرية من الشعب السوداني حنقاً كبيراً لدى السودانيين وردود أفعال واسعة طالت مجالس المدن، وعبر الكثيرون عن غضبهم وإستيائهم من استهداف المصريين للسودان حكومة وشعباً، خاصة وأن السودان لم تتدخل يوماً في الشأن المصري علانية، وظل الإعلام السوداني حليفاً للقضايا المصرية منذ الأزل بحسب ما ينقله واقع الأحداث. ولكن يبدو أن الصبر قد نفذ وبلغ السيل الذبى، حيث ظهرت على صفحات الصحف السودانية حملة إعلامية ضارية، يشنها كتاب كبار ومؤثرين في الرأي العام السوداني، برر لها بأنها رد فعل على الإعلام المصري الذي ظل يهاجم السودان لفترة طويلة، وآن أوان الصمت قد مضى، بدأها الكاتب الصحفي المعروف ورئيس تحرير صحيفة السوداني ضياء الدين بلال بمقال عنوانه (سخف في الاعلام المصري) قال في جزء منه:» وفي مصر كل ما يقال في الإعلام ويردد باستمرار، يتحول لقناعات لدى الجماهير، ورغم سذاجة بعض الإتهامات وسخفها، لكنها سرعان ما تنتشر بصورة قياسية، الآن أصبح ظهور الملاريا في أسوان مؤامرة سودانية، الإتهامات لو اقتصرت علي ما سياسي، كان يمكن التعامل معها في إطار الموضوعية ونطاق المعقول، ولكنها تمضي لأبعد من ذلك، بإمكانك أن تسيء للفرد. ومن حقه أن يصفح عنك لاعتبارات تخصه أو لسجية في طبعه- ومن حقك أن تهاجم حكومة ما، ومن حقها أن تهمل ذلك، لمصالح ترتجيها أو مخاوف تخشاها، ولكن إياك أن تسيء للشعب، فذلك لا يغتفر، لأن للشعوب ذاكرة مضادة للنسيان، لكل فرد أن يعتقد في نفسه وفي دولته ما يشاء من العظمة والكبرياء:»، ويضيف ضياء الدين:» قاموس العلاقة بين البلدين لأسباب كثيرة شديد الحساسية تجاه عبارات النقد المباشر، لأن العلاقة ظلت لسنوات طوال محتجزة في عبارات المجاملة والملاحظات اللطيفة، المطلوب الصراحة لا الوقاحة، جهاز التنفس السوداني سريع التهيج، إزاء أي تصريح مصري، يشتم منه رائحة الإزدراء أو الإستعلاء، ما يكتب في بعض الصحف المصرية، ويقال في الفضائيات، يثير موجة من العطاس في السودان»، وافقه الرأي الكاتب الصحفي الشهير الطاهر ساتي في مقاله بعنوان(صواريخ الانوفلس)، قبله كتب رئيس تحرير صحيفة الاهرام اليوم مقالة وصفت بالنارية أعقبها بمقال آخر في زاويته المقروءة بعنوان:» عكاشة وهاني رسلان .. جوقة المخربين». مضى الكاتب الصحفي بصحيفة المجهر السياسي محمد حامد جمعه في ذات النهج، وأطلق قذائف كلماته في كل الإتجاهات، وقال في مقاله الذي عنوان(تفاهات الاعلام المصري):» طفح الكيل ونفد صبرنا على بذاءات الاعلام المصري وصحفه المسماة خاصة وهي ليست كذلك لأن كل حرف تكتبه وكل حبر تدلقه لتلوث به سمعة بلد وشعب ما إنما هو مقصود لذاته ومعناه ورسالة ربما أتى توجيهها من المنظومة الرسمية ، لقد صار شتم السودان واستحقار شعبه منهجاً راتباً ومتصلا في الاعلام المصري والذي لا يستحق حقيقة أن يكون مرشداً لهذا الشعب العظيم في الكنانة والذين لأجلهم يتحمل أبناءنا كثير من الإساءات لأنه وبكل الصدق والتجرد فان تعامل المواطن العادي في القاهرة أو أية مدينة أخرى ينطوي على الاحترام والتقدير للسودانيين عكس ما نجده في إعلام المحروسة حيث المتعلمين بتوعي المدارس». وبهذا.. يبدو أن الحرب الاعلامية قد بدأت من الجانب السوداني، وربما تصل قذائفها الجدر السياسية لتهدمها أو تحدث بها ثقوب.