في الدول الأوربية لا يحتاج المواطن بفضل وعيه لجمعية تحميه من ( غول) السوق، فربات البيوت يعرفن تماماً أسعار السلع، وزيادة ( سنت) واحد في سعر سلعة ما يثير لديهن عدة تساؤلات لا بد من ايجاد اجابات محددة لها، وإلا فإن الإمتناع عن شراء تلك السلعة هو رد الفعل المتوقع من الجميع، ما يجعلها ( تبور) لترجع تلك السلعة إلى سعرها القديم وربما أقل. فالمواطن هناك يحمي نفسه.. بنفسه من دوران عجلة اقتصاد حر، يمكنها أن تفرمه إذا وقع تحتها، إذ لا تتدخل الحكومات عندهم في تحديد أسعار السلع، فهي لا تخضع – السلع - لقانون العرض والطلب وآلية السوق. لقد جربنا في فترات ماضية سياسة تحديد الأسعار للسلع، فكان البديل هو اختفاؤها وظهور السوق الأسود، ثم جربنا سياسة السوق الحر، فالطلب يزيد على العرض مما يزيد من أسعار السلع. نحن شعب غير منتج، والكثير من المشاريع التي كانت قائمة تدهور بعضها وتوقف أكثرها عن العمل، مثل مشروع الجزيرة.. السكة حديد.. الخطوط الجوية.. مصانع النسيج.. ومصانع الفريق عبود، أصبحنا نعتمد على الإستيراد في كل شيء، ولا نملك حتى انتاج زراعي أو صناعي ليغطي فاتورة استيرادنا، فيختفي الدولار.. ينعدم.. ويزيد سعره، ليكتوي المواطن بتلك الدائرة ( الجهنمية). تكونت جمعية حماية المستهلك لحماية المواطن من ( غول) ارتفاع الأسعار، ولكن الجمعية – للأسف – موسمية النشاط، تظهر مرة لتختفي عشرات المرات، وتغيب بذلك عن المشهد الاقتصادي، فأسعار السلع عندنا ترتفع في فترات متقاربة، فأنت تذهب إلى السوق لتكتشف أن سلعة ما قد زاد سعرها.. لماذا..؟، لا أحد يجيب على تساؤلك.. وقد تكون الشماعة الجاهزة هي ارتفاع سعر الدولار. وقد لا يكون ذلك هو السبب، فالحكومة تفرض المزيد من الضرائب على التجار، ويأخذ التجار ما دفعوه للحكومة من المستهلك، والجمارك كذلك تزيد من رسومها.. ليتكرر نفس المشهد، تزيد أسعار اللحوم.. الخضروات.. الألبان.. والخبز، ويزيد تبعاً لذلك الجميع من أسعارهم، وهكذا.. يجد المواطن أنه يدفع.. ويدفع، ليكتشف أنه ليس لديه ما يدفعه، فراتبه ما عاد يكفي لأدنى احتياجاته. يعيش أغلب المواطنين تحت خط الفقر، ولا تملك الحكومة ( عصا موسى)، فتبحث عن مشاريع وهمية لمحاربة الفقر، مثل ( التمويل الأصغر)، الذي يزيد من فقرهم، وتتحدث الحكومة عن دعم الشرائح الضعيفة، وفي الواقع فإن كل الناس قد دخلوا ( نادي الفقر)، ونالوا عضويته عن جدارة وإستحقاق. في مثل هذه الظروف، ما هو الدور الإيجابي الذي يمكن أن تقوم به جمعية حماية المستهلك..؟.