أثار تمسك وزارة المالية والاقتصاد الوطني بعدم زيادة الأجور في مشروع موازنة العام 2013م مخاوف السواد الأعظم من المواطنين بالرغم من تطمينات المالية بعدم وجود أي اتجاه لرفع الدعم عن المنتجات النفطية أو فرض أية ضرائب أو جمارك جديدة في مشروع الموازنة وتبريرها لأن الوقت غير مناسب لرفع الدعم عن المحروقات مع تأكيدها لاتباع سياسة التدرج في إنزاله إلى أرض الواقع غير أن واقع الحال بالأسواق ومستوى الأسعار فيها يبعث على تزايد مخاوف المستهلكين من استمرار زيادة مستوى الأسعار وتفاقم معدل التضخم الذي تجاوز الآن 40 % في ظل تراجع مستوى الإنتاج في الدخل القومي جراء تدهور عجلة الإنتاج بالمشاريع الزراعية والصناعية . ودعت مجموعة من الاقتصاديين الحكومة خارطة طريق للخروج من نفق ارتفاع الأسعار قوامها اتباع سياسة انكماشية تعمل على الحد الإنفاق الحكومي والمحافظة على معدلات التضخم والعمل على خفضها ما أمكن ذلك مع الارتقاء بالصادرات وتقليل الاستيراد وتعظيم الإنتاج المحلي والعمل على رفع مستوى سعر صرف الجنيه وأكدوا أنه بدون العمل بهذه الموجهات وإنزالها إلى أرض الواقع لن يكون بمقدور الحكومة فعل شيء حيال ارتفاع الأسعار. يقول البروفيسور عصام بوب في الوقت الراهن وتحت الأنظمة المالية واضطراب السياسات المالية والانجبال على فرض الرسوم والأتاوات الذي تمارسه الحكومة وأجهزتها المختلفة لا يملك المسؤولون ولا يكون بمقدورهم فعل شيء بشأن خفض الأسعار وتراجع غول الغلاء سوى الأحاديث السياسية التي لا تعدو عن كونها تهدئة للخواطر التي لا تغني ولا تسمن من جوع وزاد على الحكومة إتباع سياسة كلية في محاربة الغلاء قوامها إلغاء كافة الرسوم والجبايات وفرض الأتاوات وتحصيل العائد على كل المستويات المحلية والولائية والاتحادية لأجل مسمى حتى تعود الأمور إلى نصابها مع ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية والإنفاق الحكومي وترشيده وتخفيض الامتيازات وبحث سبل رفع كفاءة المشاريع الإنتاجية الحقيقية (الزراعة بشقيها النباتي والحيواني- القطاع الصناعي ) ومعالجة البطالة والعمل على تخفيف حدة الفقر وخفض معدلات التضخم وضبط سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل العملات الأخرى وزيادة الصادرات وتقليل الواردات وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية عبر تهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء وتقديم الحوافز والاهتمام بالتنمية والبنى التحتية بالاستفادة من نظام ال BOOT القائم على نظام الشراء والامتلاك والتشغيل ونقل الملكية في نهاية أمد استرجاع التكلفة. ويرى الدكتور محمد الناير أن محاربة غول الغلاء تتطلب فترة زمنية حتى يتفيأ العامة ظلالها لجهة ارتباطها بدورة الإنتاج الكلي بالبلاد التي لم تسلم من مهاجمة جيوش الوهن لكافة آلياتها وأضاف أن لارتفاع سعر الصرف الأثر الكبير في ارتفاع الأسعار ويضيف ليس هناك ما يدعو للاقتراض من جهات خارجية مثل الصين أو أية دولة عربية لديها فوائض مالية لدعم ميزان المدفوعات وأوضح الناير أن القرض من شأنه أن يخلق استقرارا في سعر الصرف علاوة على تمكينه لبنك السودان من ضخ كميات مناسبة من العملات الصعبة تلبي احتياجات السوق ومن ثم تراجع نشاط السوق الموازي الذي يقود إلى استقرار أسعار الصرف والسلع على حد سواء وانخفاض معدل التضخم واشترط النايرإقدام الحكومة على خفض بعض الرسوم جزئيا وأن تعود فائدتها على المستهلك لا التاجر وزاد أن الدولة عادة تخفض الرسوم بصورة لا يستفيد منها المستهلك النهائي ويردف الناير لذلك إذا لجأت الدولة للتخفيض فلابد أن يكون هنالك التزام أخلاقي من قبل المستوردين والمصنعين وتجار الإجمالي والتجزئة بأن تنزل هذه التخفيضات إلى المستهلك النهائي ويضيف الناير أن ترتيب الأولويات في توظيف النقد الأجنبي يعد أفضل الحلول لارتفاع الأسعار بمعنى أن يتم توفير النقد الأجنبي المتاح بالسعر الرسمي لسد الفجوة في كل السلع الضرورية التي تمس حياة المواطن اليومية على أن تعمل الدولة على خلق وفرة تقطع الطريق أمام التجار لعدم استغلال هذه الثغرة. وغير بعيد عن إفادة سابقيه يقول المحاضر بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون إن خفض أسعار السلع والخدمات وطرد غول الغلاء يحتاج في الموازنة القادمة وفي كل الأوقات الى إتباع حمية انكماشية قوامها الحد من الصرف البذخي مع خفض الضرائب والرسوم وتقليل الاستيراد ما أمكن ذلك وقصره على السلع الضرورية والنأي عن الانسياق وراء استيراد السلع الكمالية ،الأمر الذي يعتبر الحل الأمثل للحد من التضخم مع العمل على زيادة الجانب الإيرادي في الموازنة القادمة عن طريق حفز الصادرات عبر الارتقاء بعجلة الإنتاج المحلي وتوسيع المظلة الضريبية دون إضافة رسوم وخلق تناغم بين السياستين النقدية والمالية بغية الحصول على سعر صرف مستقر وتجنب تقلباته الحادة وأضاف هنون أن التناغم بين السياستين المالية والنقدية يقود إلى استقرار السياسة الاقتصادية الكلية التي توصل إلى التحكم في معدلات التضخم وجميع قضايا الاقتصاد الكلي من (سعر الصرف التضخم البطالة ... ) .