منذ تعيينه رئيساً للهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني، ظل مهدي إبراهيم محل جدل وسط عدد كبير من نواب الكتلة بالهيئة التشريعية القومية بمجلسيها الوطني والولائي، وتباينت حوله المواقف لكون أن الرجل دائماً ما يعتد برأيه فيما يثار من قضايا داخل قبة البرلمان، الأمر الذي عده بعض النواب بأنه مصادرة لصوتهم وأقصاء لهم، ويرون أن مهدي إبراهيم في كثير من الأحيان لا يعبر عنهم، وكان قد قوبل أمر اختياره رئيساً للهيئة في حينها برفض من قبل عدد من منسوبي حزبه داخل البرلمان من بينهم العضو مهدي أكرت، وكانوا قد هددوا رئيس الهيئة التشريعية القومية الدكتور الفاتح عز الدين برفع مذكرة احتجاجية لرئيس الجمهورية لإقالته ودمغه بأنه يتبع الترضيات السياسية وعدم ممارسة الشورى وعدم انتهاج الإصلاح الحقيقي وإقرار الديمقراطية في اختياره لرؤساء اللجان. حسناً.. واجه مهدي إبراهيم تلك الاعتراضات عليه إبان تعيينه رئيساً للهيئة وما صاحبها من ردود أفعال تجاهه بشيء من عدم اللامبالاة أو ما يشبه ذلك، وقاد آراءً كثيفة بالجدل واستطاع أن يجتاز كل ما كان يعيق سير الاتجاه العام لحزبه من داخل البرلمان، ربما كان يعلم أنها ستجلب له الكثير من العناء، لكنه نجح الى حد بعيد في تجاوزها . وربما هذا ما دفع بمهدي إبراهيم للتقدم باستقالته من منصبه، وتحدثت مصادر عن إنه قد قام بتلك الخطوة منذ عدة أيام لقيادة الحزب التي لم تبت فيها حتى الآن، غير أن مقربين من الرجل نفوا بشده أن يكون قد تقدم باستقالته، وكما أن أحد موظفي مكتب مهدي إبراهيم نفى هو الآخر علمه بأمر تلك الاستقاله، وقال ل(الوطن) عبر الهاتف ليس لدينا علم باستقالة مهدي، الا أن الصحيفة علمت أن قيادات نافذة في المؤتمر الوطني عقدت لقاءات مع رئيس الكتلة بالبرلمان مهدي إبراهيم لإثنائه عن الاستقالة، وأن مهدي اجتمع بنواب الوطني خلال الأسبوع قبل الفائت بقاعة الشهيد الزبير في لقاء تشاوري، إضافة الى لقاء آخر مع قيادات من الحزب، في حين أبلغت مصادر أن إبراهيم أوصد الباب أمامهم عندما اعتذر وتمسك بقرار الاستقالة. رئيس كتلة الوطني المُثار حوله جدل الاستقالة كان قد فنَّد مزاعم سابقة بشأن مطالب برلمانية نادت بإقالته من رئاسة الكتلة، ولم ينفِ أو يؤكد حينها الأمر واكتفى بالقول إن إشاعة الاشاعات ليست من واجب الاعلام، مشدداً على أهمية الابتعاد عن التخرصات والاوهام. مبررات عدة ساقها بعض النواب الذين تحدثوا ل(الوطن) فيما يتصل باستقالة رئيس كتلة المؤتمر الوطني، وذهبوا الى أنه ثمة دوافع جعلته يتنحى لخصوها في رغبته في الابتعاد عن المناصب التي دائماً ما تكون عرضة للنقد. وكان نواب اللوطني خلال تولي إبراهيم لرئاسة الكتلة يتعرضون له بالنقد الحاد، ويتهمونه بأنه يمارس الإقصاء لآرائهم، وفي إحدى جلسات البرلمان الشهيرة والتي كانت مخصصة لتعديل لائحة المجلس وقعت مشاحنات حادة بين النواب ورئيس المجلس الذي اقترح تعديل لائحة تنظيم المجلس بالاستماع الى بيانات قطاع مجلس الوزراء حول الأداء الحكومي بدلاً عن سماعها من الوزراء منفردين، وقوبل المقترح بانتقادات واسعة. واتهم نواب الوطني رئيس كتلتهم مهدي إبراهيم بمحاولة إسكات أصحاب الخبرة في البرلمان وأكدوا على أن اختياره للمنصب خلفاً لغازي صلاح الدين لم يكن قانونياً. وانتقدت النائب عطيات مصطفى حالة التنافر وسط نواب الحزب الحاكم واعتبرتها محاولة لخلق فرقة بينما يدعو رئيس الجمهورية إلى الحوار. وخرج النائب محمد الحسن الأمين من اجتماع الكتلة البرلمانية مبدياً غضبه وقال للصحافيين إن تعديل اللائحة يتعارض مع المادة (91/3) من الدستور التي تنص على جواز استجواب الوزراء. وفي وقت سابق من دورة انعقاد البرلمان المنصرمة كان قد تلاسن إبراهيم مع زعيم المعارضة دكتور إسماعيل حسين بسبب اعتراض الأخير على التوسع في زيادة لجان جديدة بالبرلمان بخلاف سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة. الذي عدَّ زيادة اللجان هزيمة لسياسة البرلمان والحكومة الخاصة بالحد من الانفاق، وقال ألا مبرر منطقي لزيادة عدد اللجان، ودعا للابقاء على العدد حتي نهاية أجل البرلمان. ومن جهته هاجم رئيس كتلة الوطني مهدي ابراهيم اسماعيل وقال إن دواعي الزيادة لم تأتِ اعتباطاً، وتعجب من حديث اسماعيل ،إلا أن الاخير احتج غاضباً بنقطة نظام وطالب بمنعه من توجيه الحديث له، بل للمنصة حسب اللائحة، واستدرك مهدي أن التجربة الحقيقية للممارسة كشفت خلل حقيقي في عمل اللجان استوجب زيادة اللجان. وتقود تلك الواقعتين الى الرفض الواسع الذي لاقاه من قبل نواب الوطني لقرار المؤتمر الوطني بإقصاء رئيس الهيئة البرلمانية غازي صلاح الدين من رئاسة الهيئة وتعيين القيادي البرلماني مهدي إبراهيم بدلاً عنه.