كما ذكرت فإن من المحال التحكم في مسألة العلاقات السياسية. فليس هناك خصومة وعداوة دائمة، وليس هناك صداقة ومودة وتصالح دائم.. فلقد عادت بعض الحركات المسلحة باتفاقيات سلام وحاور زعماؤها حكامنا بالقصر الجمهوري مساعدين ونواب وولاة بالانتخاب أو بالتعيين «السكوتي». الإمام الصادق المهدي كان معنا بالداخل لديه أفكاراً ومطالب.. لغته فيها عقلانية وطريقته وأسلوبه يتماهى مع احتياجات الناس للعيش الكريم والحياة الرخية والتداول السلمي للسلطة وتوزيع الثروة والحرية والديمقراطية التي يعرف الوصول للسلطة عن طريقها ولاشيء غيرها، هذه المقدمة ليس بالضرورة أن تعبر عن رأي الأخ عبدالمحمود المتعافي الذي له رأيه وأسلوبه وحديثه السلس والذي نواصله اليوم على النحو الآتي: أخي يوسف.. نواصل حديث الأشواق والشجون، لما كان الحديث بخور الباطن وباطن الأولين من رواد مدرسة الحبيب «عليه أفضل التسليم» والأرض موصولة بنداوة الوحي وأشواق الرجال، فلماذا لا نتماسك للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كان؟ مجتمعهم كالبنيان المرصوص بالحوار الهادئ الرشيق لأن دستورهم كان واحداً ولا يوجد تعدد لدساتير وزعاماتهم حديثهم على ألسنتهم وقلوبهم، ومن ثم خلفها الأنفس. فهل لنا من حديث هادف نقوي به الحجج ونبني به الأهداف ونبلغ به المقاصد بكل الحب والود بدل الحديث الناقد سلبياً والجارح أصلاً الذي لم يرفع ظلماً ويقوي حجته، ترفع قواعد الخير وتخسف بالشر وتهزمه شر هزيمة تقطع الوصل وتحي غريزة المقاومة والبغضاء.. والمتابع لصحافتنا الغراء وبعض صحفيينا الميامين ومنهم «يوسف» وتحت شعار، محاربة الفساد نجد الكثير من القسوة التي تضيع في ثناياها الحقائق فلا تقوِّم اعوجاجاً ولا ترفع ظلماً ولا تؤسس لحقائق، بل بعد بشريات حرية الصحافة ألجمنا السلطان صمتاً وإذعاناً فلا بانت حقيقة ولا بلغنا مقاصد الحوار الهادف من أجل الوطن والمواطن، وتمترسنا خلف البغضاء وجفاء الحديث. فهل لنا من سبيل غير السبيل؟ وسنواصل حديث الأشواق والسجون. أخي: تجدني متفقاً معك في مسألة الحوار والحديث الهادف الذي يقوي الحجج حتي نبلغ المقاصد التي ننشدها ولكن أين العقلية التي تفكر وتدبر أمر هذا الحوار.. غير متاحة ومتوفرة في الجانبين حكومة ومعارضة داخلية وخارجية، لأن الجميع وبكل أسف لا زالوا متخندقين وراء مطالب دنيوية ومناصب وكراسٍ وثيرة وعربات بالمليارات وحراس وخدم وحشم.. جميعهم مركبين ماكينات وزراء الى حين الممات وهو الوحيد الذي سوف يلجمهم ويثنيهم عن هذا المطلب غير المشروع. أما صحافتنا، فلا حول لها ولا قوة حتي تقسو لأنها مكبلة بقيود من الطرفين حكومة ومعارضة، كيف تكون صحافتنا حرة والبلد محاصرة و«مهندبة» بالحركات المسلحة التي تريد أن تصل بالسلاح لكي تحكمنا وتتحكم فينا. لسنا ببعاد عن التجربة الليبية واليمنية والعراقية، وجميعهم «ندموا وسفوا التراب» بعد الحديث عن شعارات «الربيع العربي» والثورة والحركات وكانت ولا زالت الشعوب هي الضحية. أما الحديث عن الفساد، فنحن لم نقسو على أحد ولدينا الأدلة والبراهين والحجج. وأسألوا عمنا عوض عثمان مدير البنك الزراعي السوداني السابق الذي ظلمه الإعلام حينما كان متهماً ووقتها كان النشر بالخط العريض «مانشيتات» ولكن بعد البراءة خبر صغير أولى أو داخلي. ولكننا وبحمد الله أنصفناه وبالخط العريض «أولى» نشرنا براءته ولأكثر من مرة إحقاقاً للحق والعدالة التي برَّأت ساحته. وسنواصل...