[email protected] جنوب كردفان حلبة المنافسة : من يكسب الرهان ، اندو ام الفكي: هل ابتلع المؤتمر الوطني الحركة الإسلامية؟ وأصبح وريثها الشرعي ام اصبحت هي الاخري تنافس المؤتمر الوطني علي كرسي السلطة علي مستوي الولايات كبادرة ربما تطل برأسها في المركز ويظهر مرشح رئاسي من جماعة الحركة الاسلامية السودانية لينافس الرئيس السوداني عمر البشير رئيس المؤتمر الوطني . نقلت صحيفة الوطن عدد الخميس رقم (4917) بتاريخ 25 سبتمبر خبراً مفاده ان حزب المؤتمر الشعبي ينوي تقديم الدكتور حسن عبدالله الترابي مرشحاً لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة المزمع انعقادها في ابريل المقبل ، واكدت مصادر الصحيفة ان انصار الدكتور حسن الترابي اتجهوا نحو هذا العمل وذلك من خلال السعي لتوحيد قواعد الحركة الاسلامية اضافة الي قيام الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور الترابي الفترة القريبة القادمة بجولة واسعة علي الولايات ، يخاطب من خلالها عامة الجماهير ويخص عضوية الحركة الاسلامية وقياداتها لا سيما الوسيطة منها بلقاءات خاصة تهدف الي دعمه كمرشح باسم الحركة الاسلامية . انه رغم وجود الحركة الاسلامية المادي وعدم انعقاد مؤتمراتها القاعدية في الولايات ، والتي اكتفت بمؤتمر قومي تم انتقاء عضوية معينة وطرحت عليها بعض القضايا التي صدرت بموجبها موجهات واضحة ، خاصة منهج الحركة الاسلامية المتجه نحو العمل الدعوي ، وكانت الموجهات قد صدرت عبر امينها العام الحالي ، ان يفسح المجال في مجال المنافسة نحو السلطة للمؤتمر الوطني وهذا الذي لم يحدث ، علي الاقل في جنوب كردفان حيث نافس رئيس الحركة الاسلامية بجنوب كردفان الهادي عثمان اندوا ادم الفكي رئيس المؤتمر الوطني بولاية جنوب كردفان . ثم ما هي إسقاطات هذه الفرضية على واقع ومجريات السياسة العامة للدولة في حراكها السياسي وحربها وسلمها واقتصادها؟ حيث أبدى عدد من عضوية الحركة الاسلامية عدم رضائهم عن تقوقع الحركة الإسلامية القسري وقالوا إنها لا تحكم الآن وهي لا تأمر ولا تنهى والأمور تجري بغير إرادتها، وأشاروا أن الإخوان في الحكومة لا يحكمون بمرجعية الحركة الإسلامية وقالوا إن الحركة لا تعين ولا تفصل ولا تبتّ في أي شيء» وكان قد برزت بعض الأصوات التي تنادي بتذويب الحركة الإسلامية داخل المؤتمر الوطني لكن يبدو أنهم رأوا أن هذه الخطوة ستواجَه بمقاومة ورفض كما أنها ستقطع الطريق أمام عناصر الحركة الاسلامية داخل المؤتمر الوطني والسلطة التنفيذية بأنهم جزء أصيل من الحركة الإسلامية وبالتالي يحكمون بهديها وأن المشروع الذي تواضعوا من أجله بانتزاع الحكم بأسنة البنادق وليس صناديق الانتخابات مازلوا حفيظين عليه ، ولهذا لعلَّ تعديل دستور الحركة كان تجنباً صريحاً لخطوة التذويب لكنه في ذات الوقت سمح بذكاء للسلطة السياسية والتنفيذية أن يكون لها التمكين داخل الحركة ، فالآن جمع بعض الولاة بين السلطة السياسية ، المؤتمر الوطني والتنفيذية الحكم ، وبين رئاسة الحركة الإسلامية في مناطقهم كما برزت أصوات مؤخراً تنادي بأن يجمع رئيس الجمهورية بين السلطة السياسية «المؤتمر الوطني» والتنفيذية «الحكم» ورئاسة الحركة الإسلامية في الانتخابات القادمة للحركة الإسلامية إلا أن هذا الاقتراح لم يؤكَّد، لكن بلا شك أن سياسية الجمع بين السلطات والحركة الإسلامية من شأنه أن يحدَّ كثيراً من رسالة الحركة كمرجعية تقدِّم النصح والرقابة المرجعية للحكومة، فهي خطوة ربما حوّلت الحركة الى آلية تابعة للجهاز السياسي والتنفيذي للدولة بدلاً أن تشكل الحركة المرجعية اللازمة لها في كل شؤون الحياة. ولا شك أن الكثيرين من أعضاء الحركة الخلص يرون أن تجربة الحكم الإسلامي لتحقيق المشروع الإسلامي أو ما يُعرف بالمشروع الحضاري لم تكن موفقة بالنظر إلى غياب مرجعية الحركة وسيادة مفاهيم السياسية البرجماتية والتوسع في فقه الضرورة بمرونته الفضفاضة، وكلما ظهرت التحديات والعقبات التي تواجه السلطة السياسية والتنفيذية كانت الضرورة جاهزة لإزاحتها وابتلاعها دون ثمة احترازات فقهية كافية مما جعل التجربة تفرز إسقاطات سالبة طرحت بقوة نظرية القدوة والتباين بين المثال والواقع حيث شكلت جدلية حتى لدى العامة واختبارًا حقيقيًا لتجربة المشروع دون مصدات هوائية ذلك لأن الشعارات بحرارتها ومثالية معانيها تخترق وجدان الجماهير وتستقر فيها دون عناء ولكن عندما يزول فوران اللحظة وتتولد أصداء التجربة الظرفية يتدخل العقل لفضّ الاشتباك ، ويبدو البحث جارياً بين المثال المنشود وبين التجربة الحاضرة وهو مأزق بدا للانقاذيين وكأنه نفق يصعب الخروج منه على الأقل في ظل تغييب نهج نقد الذات والاعتراف بالقصور والنظر في معظم الأحيان تجاه الأصوات الناصحة وفق نظرية المؤامرة إذ أن الانغماس في الحكم دون الاستناد إلى مرجعية خارج منظومة السلطة حيث المواعين الشورية الواسعة ومحاولة حرق المراحل بوقود التكتيكات البرجماتية وسَّع الفجوة بين هدى المرجعية وبالتالي بين الواقع الماثل والمثال المفقود، بينما بدت رسالة المشروع الحضاري كما يرى كثير من المراقبين والإسلاميين أسيرة الملفات حتى غطاها الغبار ولفَّها النسيان إلا من بعض الهتافات العابرة وتأكيدات الانتماء والوفاء بالعهد المقطوع في الخطاب السياسي للمعنيين به في المناسبات التي تحتاج إلى تلك التأكيدات اللفظية ، من هنا فإن تحسس المشروع الإسلامي داخل البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أمرٌ لا يحتاج إلى ثيرمومتر لقياسه، فالمشروع ليس حالة من الإسقاط المباشر للتعليمات والقرارات أو إضفاء شعارات محددة، إنما هو حالة من الاستبطان والاستلهام للمفاهيم القِيمية الإسلامية يتنفس بها ويتحرك بهديها، فالمناهج التعليمية ليست حشواً لمفاهيم باردة يُلقَّن بها التلاميذ ولكن التفاعل التربوي لا ينفصل عن البنية المدرسية بمعلميها والمجتمع الخارجي والإعلام المحيط. وحركة الإصلاح الاجتماعي لا تُبنى بالقوانين أو بحملات الضبط الأمني بكل آلياتها واذرعها الطويلة، إنها جزء من منظومة الحراك الاجتماعي المتجذِّر في بحار الدين وشواطئه. إن حالة التمييز التنظيمي للأفراد داخل الحركات الإسلامية قد تصبح آلية مغرية لاستقطاب العناصر الهشّة والكسولة في غياب المفاهيم الرسالية وفقه العزائم والتجرد للعطاء، فصحيح أن الحركات الإسلامية بهذه الإغراءات ضخَّمت عضويتها واكتسحت الاتحادات الطالبية والشبابية والمهنية وبات هناك التزام عضوي بمناهج العمل وآليته لا بمبادئه القِيمية. لذا فإن هذه الكوادر عرضة للتساقط عند الابتلاءات الحقيقية والإغراءات كما أن مردودها يظل دائماً محل جدل من منظور الشفافية والالتزام الحقيقي بالمضمون الرسالي. إذا كانت الحكومة لا تعمل بمرجعية الحركة كما يبدو أن هذا البحث سيستمر حتى تاكيد جدلية زحف الحركة نحو السلطة من جديد والاستلاء عليها عبر ثوب آخر . الصراع في جنوب كردفان بين رئيس المؤتمر الوطني ادم الفكي محمد الطيب ورئيس الحركة الاسلامية الهادي عثمان اندو علي مقعد والي الولاية يؤكد بجلاء صحة زحف الحركة الاسلامية نحو السلطة عبر اليات جديدة ، والاصطفاف الذي ظهر في انتخابات المؤتمر الوطني ظهر بوضوح حيث انحازت كل عضوية الحركة الاسلامية بشوري الوطني الي صف الهادي عثمان اندوا وقدموا اصواتهم ليدخل مع السبعة المرشحين ويتقدم مع الخمسة ليتم رفع اسمه للمركز معلناً بذلك اسقاط توجيهات واوامر الحركة الاسلامية التي يرأسها الزبير احمد الحسن والتي وجهت رؤسائها بعدم منافسة رؤساء المؤتمر الوطني ( الولاة) في الانتخابات الداخلية للحزب ، واكدت هذه الفرضية خبر ترشح حسن الترابي لتوحيد الحركة الاسلامية عبر بوابة السعي نحو السلطة والامسالك بلابيها بالرغم من فشل الحركات الاسلامية في المحافظة علي السلطة علي مستوي العالم في مصر وتونس وليبيا .