أكدت الحكومة السودانية المضي في تنفيذ عدة مشاريع لبناء سدود على نهر النيل في شرق السودان تزيد كلفتها على 1,2 مليار دولار، رغم المصاعب الاقتصادية المتوقعة مع انفصال الجنوب وفقدان شمال السودان نصيبه من عائدات النفط. وأعلنت الحكومة أن المرحلة الأولى من تعلية سد الرصيرص في ولاية النيل الأزرق على النيل الأزرق؛ أحد الفرعين الرئيسيين لنهر النيل، اكتملت على أن يكتمل المشروع في مايو 2012. وفي الوقت نفسه، بدأت أعمال إنشاء سدين على نهرين موسميين يغذيان نهر النيل، هما سد عطبرة على نهر عطبرة وسد ستيت على نهر ستيت، وذلك ما بين ولايتي القضارف وكسلا في شرق السودان. وتكلف تعلية سد الرصيرص 400 مليون دولار، وبناء سدي عطبرة وستيت 838 مليون دولار في ظل مصاعب اقتصادية منتظرة على إثر فقدان شمال السودان لنصيبه من عائدات نفط الجنوب المقدرة بنحو 36% من إجمالي الإيرادات السودانية. حلم سوداني وقال وزير الكهرباء والسدود السوداني؛ أسامة عبدالله، للصحافيين، السبت، عند تدشين المرحلة الأولى من تعلية سد الرصيرص: "بعد اكتمال المرحلة الأولى من تعلية الرصيرص نبشر باكتمال العمل في التعلية والتي هي واحدة من أحلام السودانيين الثلاثة والمتمثلة في تعلية الرصيرص، والثاني قيام سدي عطبرة وستيت، والحلم الثالث قيام سد مروي الذي اكتمل العمل فيه عام 2009". وأضاف أن تعلية الرصيرص "ستضيف مساحات للأراضي الزراعية، كما أنها سترفع الطاقة الكهربائية المولدة من السد بنسبة 50% مما ينتجه السد الآن". ويقول المهندس المشرف على مشروع السد؛ خضر محمد قسم السيد، لفرانس برس: "سنضيف عشرة أمتار جديدة لارتفاع الجسم الخرساني للسد ليصبح 490 متراً فوق سطح البحر، كما أن طول السد سيصبح 25 كيلومتراً، بدلاً من 15 كيلومتراً الآن. هذه الإضافة سترفع السعة التخزينية للسد من المياه من 3,4 مليارات متر مكعب إلى 7,4 مليارات متر مكعب، مما يمكن من ري ثلاثة ملايين فدان من الأراضي الزراعية شمال السد". ويخزن سدا ستيت وعطبرة 3,2 مليارات متر مكعب من المياه يخطط لها أن تروي مليون فدان من الأراضي الزراعية لإنتاج محاصيل غذائية ونقدية أو صناعية كالقطن. عين على القمح ويستورد السودان من الخارج قمحاً بقيمة 1,8 مليار دولار سنوياً وينتج فقط 16% من جملة استهلاكه. وقال وزير المالية السوداني للصحافيين الأسبوع الماضي: "نخطط لرفع إنتاجنا من القمح إلى 40% من جملة استهلاكنا، كما أننا نسعى لزيادة إنتاجنا من قصب السكر والحبوب الزيتية حتى نسد الفجوة ما بين الاستهلاك والإنتاج ومن بعد ندخل في التصدير". وتمول هذه المشروعات بواسطة عدد من مؤسسات التمويل العربية وهي الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق أبو ظبي، والصندوق الكويتي للتنمية، وصندوق وبنك التنمية الإسلامي - جدة. وتقوم ببناء مشروعات السدود شركات صينية. والصين هي أكبر مستثمر بالسودان في مجال النفط والإنشاءات كما أنها أكبر مستورد للنفط السوداني. ومن المقرر افتتاح سدي أعالي عطبرة وستيت في سبتمبر 2015 وهما يبعدان حوالي 600 كلم شرق الخرطوم. جانب مظلم ومنطقة شرق السودان التي بدأ فيها بناء سدي عطبرة وستيت، من أفقر مناطق السودان وفق تقارير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي والتي تؤكد أن 50% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر. وبالإضافة إلى توسيع مساحة الأراضي المزروعة وإنتاج الكهرباء نتيجة تعلية سد الرصيرص، من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تهجير 22 ألف عائلة من قراها، مع ما يمكن توقعه من تأثيرات اجتماعية واقتصادية. ولكن أسامة عبدالله وزير الكهرباء والسدود أكد أن "إعادة توطين هذه العائلات ستجعلها بمنأى من أضرار الفيضان الموسمي لنهر النيل". وكتب السفير البريطاني في فبراير الماضي بعد زيارة للسد أن "التغيير الذي تفرضه عوامل خارجية يولد حالة من الاضطراب.. التخلي عن قبور الأجداد والأسلاف وترك البيوت المبنية من الطين والقش للعيش في بيوت مبنية من الأسمنت ومزودة بالكهرباء والماء ينطوي على تحد كبير، ولكن التحدي الأكبر هو في تجميع القرى المنفصلة في بلدة جديدة واحدة".