تستهلك مدينة كسلا شرقي السودان ذات الطبيعة السياحية الساحرة في شرقي السودان شهرياً 75 طناً من البن، ويعود ذلك الى أن معظم سكانها من قبائل البجا الذين يعتبرون القهوة مظهر فخر وكرم يضاهي الذبيح وأطيب الأطعمة. وتعد المدينة هي أكبر مستهلك للبن الوارد الى السودان من إثيوبيا وكينيا وزائير. ويصبح غالبية سكان كسلا منذ الصباح الباكر مهمومين بشيء واحد هو تناول القهوة في جلسة لها طقوس خاصة، وإن كانت العادة تجد اهتماماً منقطع النظير عند البجا الذين يبدأون ويختمون يومهم بها. وتعتبر العلاقة بين البجا والقهوة علاقة تاريخية مميزة. وتختلف طقوس تقديم القهوة باختلاف التوقيت والمكان، ما بين المقاهي والبيوت واللقاءات التفاكرية. وداخل المنازل يشرف الصغار على مجلس القهوة ويقومون بتقديمها ووضع أدواتها كاملة أمام الضيوف وأهل البيت. "بخور التيمان" يختلط بالبن وتسبق ذلك ربة المنزل بإطلاق بخور معين يطلق عليه "بخور التيمان" تختلط رائحته بالبن ليضفي على الجلسة رائحة زكية ونوعاً من الأريحية والاستمتاع بالأصالة البجاوية السودانية. وتميز القهوة داخل المقاهي في الأسواق بتقديمها في إناء صغير يسمى "التنكة" ويوضع على منضدة مستديرة يجلس عليها أكثر من أربعة أشخاص يتجاذبون أطراف الحديث والأنس. وأصبحت مقاهي كسلا أشبه بالمنتديات، حيث يلتقي فيها السياسيون والمثقفون لمناقشة قضاياهم. وجرت العادة على أن يشرف على المقاهي شباب صغار يمتازون بالخفة في تقديم الطلب. ويقول المواطن جمال محمد نور للشروق، إن المقاهي في كسلا تحظى بحضور كثيف يحولها الى برلمانات مصغرة تناقش القضايا الحساسة في البلاد. طلب متزايد على السلعة ونسبة للانتشار الواسع لمشروب القهوة في المنازل والشارع العام استفادت الأوساط الاقتصادية من تلك الميزة، وابتدعت أفكاراً كثيرة لمواكبة الطلب المتزايد عليها من خلال عرض أنواع البن بصورة تجذب الزبائن. ويوضح أحد التجار في سوق كسلا للشروق، أن هنالك نوعين من أنواع البن، هما الكلموي والحبشي. ويقول إن سكان كسلا يحبذون بن الكلموي الذي يتم استيراده من دولتي زائير وكينيا. وتعتبر المقاهي في كسلا دليلاً إرشادياً في المنطقة يلجأ اليها كل من لا يعرف المدينة جيداً، كما أنها تشكل ساحة لمجالس الصلح تذوب مع كل رشفة من فنجان القهوة الخصومات. وتعد أفران قلي البن من الأفكار المكتسبة لمقابلة الطلب المتزايد. وأصبحت الأفران تجارة رائجة في المنطقة لأنها تسهل عملية قلي وسحن البن. ضيوف كسلا يعشقون قهوتها " تتميز مدينة كسلا بجمال الطبيعة الساحر، وهي منطقة سياحية مميزة وتحتضن جبل توتيل و تنتشر على قمة الجبل عدد من المقاهي "وعندما تصل الى مدينة كسلا أول ما تستقبلك به هو رائحة البن المميزة. وحتى الضيوف يجدون أنفسهم انجذبوا الى البرنامج اليومي لجلسات القهوة ليستهلكون خلال وجودهم بالمدينة كمية مقدرة من البن باعتباره المشروب الساخن المفضل للسكان ولقاصدي المنطقة. وتنتشر عدد من المقاهي في المحطات السفرية والأسواق الرئيسية وتمتد حتى لداخل الأحياء. ويقول عبدالقادر مكي- وهو ضيف زائر الى المدينة- إن سكان كسلا يكرمون ضيفهم بالقهوة وهي مفضلة ومقدمة على الذبيح والنحر. ويضيف: "إذا لم تقدم لك القهوة في كسلا فأنت ضيف غير مقدر وغير مرغوب فيك". وتتميز مدينة كسلا بجمال الطبيعة الساحر، وهي منطقة سياحية مميزة وتحتضن جبل توتيل وهو الأكثر حظاً بزيارة العرسان في أيام شهر العسل، وتنتشر في قمة الجبل عدد من المقاهي. وتوصف مدينة كسلا بكونها امرأة تصنع الفرح على فنجان قهوة.