عقب انفصال الجنوب حدث استقطاب حاد بين المؤتمر الوطني وأحزاب تحالف المعارضة، حول تشكيل الحكومة، التي طالبت المعارضة بحلها، حيث أصرَّ المؤتمر الوطني على حكومة القاعدة العريضة التي يشارك فيها بنسبة أكثر ويعطي ما تبقى من نسب للآخرين. تمسَّكت المعارضة ببرنامج الحكومة القومية الانتقالية التي تعقد المؤتمر الدستوري وتجري الانتخابات، واستمرت حالة الشد والجذب بين المؤتمر الوطني والمعارضة لأكثر من خمسة أشهر، شكَّل بعدها المؤتمر الوطني الحكومة الحالية في 8 ديسمبر 2011 بمشاركة 14 حزباً بينها الاتحادي الأصل. حكومة التوازنات ووصفت قيادات في المعارضة الحكومة بالمترهلة نتيجة لترضيات أهل الولاء وأحزاب البرنامج الوطني، الذين يطلق عليهم "المؤلَّفة قلوبهم"، لتشكيل حكومة القاعدة العريضة، التي رفضتها المعارضة ما عدا الحزب الاتحادي الأصل لمشاركته بثلاثة وزراء. ؛؛؛ الحكومة الحالية تقوم على توازنات قبلية وجهوية، وأحزاب منشقة وترضيات لأهل الولاء بخلق وزارات لا حاجة لها أو توليد وزارات من أخرى ؛؛؛ والناظر للحكومة الحالية يرى أنها تقوم على توازنات قبلية وجهوية، وأحزاب منشقة وترضيات لأهل الولاء بخلق وزارات لا حاجة لها أو توليد وزارات من أخرى. وكذلك الوضع في الولايات التي لم تكن استثناءً من الوضع العام، الذي سادت فيه الجهويات والقبليات، خاصة دارفور التي أُنشئت بها ولايتان حديثاً على أساس جهوي، أو قد يكون ردة فعل لمطالبة الحركات المسلحة بالإقليم الواحد. وتشكيل الحكومة بتوازنات سياسية وجهوية، جاء امتداداً لاتفاقية نيفاشا الثنائية. بدأ المؤتمر الوطني يتحدَّث عن إعادة هيكلة الحكومة، التي ترهَّلت لدرجة أن مصادر برلمانية قدَّرت وجود تسعة آلاف شخصية بالدولة، بينهم أكثر من 800 دستوري. ومعظم هذه الوظائف خلق خلقاً ليس لحاجة دولاب الدولة لها. ومن الممكن إدارة السودان إدارة راشدة بعُشر هذا العدد من الوظائف الدستورية والحد بصورة كبيرة من الحوافز والامتيازات والأجهزة المساعدة التي تصاحب هذا الجيش الجرار. وتشير التسريبات إلى تقليص الوزارات ودمج بعضها إلى بعض لتصبح 13 وزارة، مع الاستغناء عن جميع مناصب وزراء الدولة باستثناء أربع وزارات سيادية. تقليص جهاز الدولة لكن الرئيس البشير أعلن ضمن حزمة إجراءات لمعالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، تقليص جهاز الدولة علي المستويين الاتحادي والولائي في المجالين التنفيذي والتشريعي بنسب تتراوح بين (45 و50%)، مما يعني أن حوالي 50% من الوظائف الدستورية. ؛؛؛ المؤتمر الوطني سيجد صعوبة في إقصاء 50% من شاغلي الوظائف ذات الرواتب العالية لصعوبة إقناع شاغليها من أهل الولاء والأحزاب المنشقة ؛؛؛أي تقليص الوزارات ووزراء الدولة والخبراء في الحكومة الاتحادية بما يزيد عن 100 منصب اتحادي والولائي بنحو 280 منصباً. كما أعلن عن تخصيص منحة مالية للعاملين والمعاشيين. وتخفيض نسبة مشاركة المؤتمر الوطني -حسب ما أعلن بحوالي 80% قد يخلق غبناً وسط الكوادر التي سيطالها التقليص، قد يرتفع إلى مستوى معارضة المغبونين من أهل الولاء والمؤلفة قلوبهم من أحزاب البرنامج الوطني التي وصل عددها إلى 14 حزباً بجانب منسوبي الحركات المسلحة. ووفقاً لرئيس تحرير صحيفة "الأيام"، الأستاذ محجوب محمد صالح، فإن عدد الدستوريين في السودان اليوم تجاوز عدد كل البريطانيين في الخدمة المدنية الذين طالتهم عملية السودنة، مما يعكس الترهل المثير للدهشة في الحكومة التي شكلت عقب انفصال الجنوب، باعتبارها حكومة أزمة. إن حجم التقليص الذي أعلنه الرئيس البشير، سيجعل 50% من أعضاء الحزب الحاكم خارج الوطائف الدستورية، وكذلك نفس النسبة من أحزاب الحكومة العريضة ومنسوبي الحركات المسلحة، مما سيؤدي إلى معارضة تتشكل من أعضاء الوطني الغاضبين والمؤلفة قلوبهم، لفقدانهم الوظائف التي تعودوا عليها أو وقعوا اتفاقاً من أجلها. عودة المديريات وقد يؤدي هذا الإجراء إلى انشقاقات وسط الأحزاب المشاركة في الحكومة والحركات الموقِّعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة وما أكثرها. ؛؛؛ الدستوريون في السودان اليوم تجاوز عددهم كل البريطانيين في الخدمة المدنية الذين طالتهم عملية السودنة، حسب الأستاذ محجوب محمد صالح ؛؛؛ وسيجد المؤتمر الوطني صعوبة في إقصاء 50% من شاغلي الوظائف ذات الرواتب العالية لصعوبة إقناع شاغليها من أهل الولاء بدرجة أولى أو قيادات الأحزاب التي انشقت من أحزابها الأم من أجل هذه المناصب أو حركات مسلحة وقعت مع الحكومة من أجل حصول قادتها على مناصب بولايات دارفور أو مستوى اتحادي، والجيوش الجرارة من الشخصيات العاملة في الدولة، معظمها إما أحزاب صغيرة منشقة أو أهل ولاء خلقت لهم الوظائف خلقاً كمكافآت وليس لحاجة دولاب العمل. إن تقليص الحكومة في ظل وجود 17 ولاية لن يكون ذا جدوى كبيرة، باعتبار أن لكل ولاية جهازاً تنفيذياً على رأسه والي الولاية وجهازاً تشريعياً وفي مقابل كل وظيفة جيش جرار يبدأ بالسائق وينتهي بالمستشاريين لا يستشارون. إن الحل في تقديري يكمن في إعادة تقسيم البلاد إلى خمس مديريات هي (الشمالية والشرق والوسطى وكردفان ودارفور)، بالإضافة إلى معتمدية العاصمة القومية، حتى يسهل التخلُّص مع الجيوش الجرارة من العاملين، الذين لا حاجة لدولاب العمل لهم. ويقتضي هذا إصدار مرسوم جمهوري يحدد التقسيم ويعلن عن انتخابات مبكرة، حتي يحتكم الجميع لصندوق الانتخابات بدلاً عن التعيين من أجل الترضيات.