ربما خانت الذاكرة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، وهي تزعم أنه "منذ نابيلون لم يوجد قائد يتقن الحديث للنساء وينهزم أمام الأنوثة بنفس الطريقة التي يهزم بها الأعداء"، ربما خانتها الذاكرة تماماً وهي تُفلت ساسة سودانيين. نعم ربما خانتها الذاكرة تماماً وهي تُفلت بلزوجة مضطربةساسة سودانيين برزوا في محراب العشق على نحو باهر، منذ رواد صالون (فوز).. تلك السيدة الشهيرة التي جمعت حولها صفوة من الوطنيين الكبار، وإلى بعض سفراء الإنقاذ الذين تغنوا في وزيرة الخارجية الموريتانية الحسناء (الناها بنت مكناس) وبرزوا قمينين بالتتويج على عرش الدبلوماسية الناعمة. ولكن وميض المقارنة يتماهى في حدود الاستقصاء لا سيما وأن الرصد هنا يحدق في مفردة الحب على اتساعها ويصطاد أشهر الساسة العشاق في بلادي. أو بالأحرى في ردهات الأحزاب المعروفة، مع فرز الوقائع ورتق نسيج التشابه بين (الرومانسية) وفن التعامل مع الممكن، بين الوطن الحبيبة والحبيبة الأخرى بطباعها وملامحها عند الشيوعيين والإسلاميين أو عند بقية الطوائف الأخرى. مساجلة البطل الشهيرة ثمة من يعتقد بأن الأمة التي تكبح جماح عواطفها النبيلة هي أمة معروضة للفرجة في بترينات الكراهية، وبين الحب والحرب أحرف متشابهات ومعان مختلفة. ؛؛؛ الأمة التي تكبح جماح عواطفها النبيلة هي أمة معروضة للفرجة في بترينات الكراهية، وبين الحب والحرب أحرف متشابهات ومعان مختلفة ؛؛؛ وليس بعيد عن هذا دوي المساجلة الشهيرة التي شهدتها منابر الإعلام منتصف العام السابق تقريباً بين الكاتب الصحفي مصطفى عبدالعزيز البطل وأسرة المهدي تحت عنوان: (في إشكالية الحبيب والحبيبة). دونما كوابح أعاب البطل على الملحق الإعلامي محمد محمد خير استخدام مفردة الحبيبة في مخاطبة بنات الصادق المهدي بوصفها مفردة شديدة الخصوصية تنصرف مباشرةً في الوعي السائد إلى المعاني العاطفية الإنسانية التقليدية المصطلح عليها عالمياً في العلاقة بين الجنسين. ولكن جاءت مرافعة الدكتورة مريم الصادق مجوزة مخاطبة بنات البيت المهدي بلقب (الحبيبة). "الاستحياء الثقافي" ثم أضافت أنه إذا كان طلاب حزبها وكيانها الإنصاري في الجامعات قد خاطبوا بعضهم بعضاً بصفة الحبيب ثم استنكفوا مخاطبة الطالبات بلقب الحبيبة، فإنما مردُّ ذلك "الاستحياء الثقافي" الذي غلب عليهم، وهو استحياءٌ يستصحب في الوعي الجمعي "نداءات المحبين في المسلسلات المصرية". ؛؛؛ مريم الصادق ذكّرت في مسعاها لتأصيل لفظة الحبيبة في تراثنا القومي- بالقول المعلوم: (الماعندو محبة ما عندو الحبة، والعندو محبة ما خلى الحبة) ؛؛؛وذكّرت مريم في مسعاها لتأصيل لفظة الحبيبة في تراثنا القومي- بالقول المعلوم: (الماعندو محبة ما عندو الحبة، والعندو محبة ما خلى الحبة). وعلى مقربة فإن الإمام الصادق المهدي ما انفك يحتفي بعيد ميلاد زوجاته ولا يستنكف من شراء الهدايا لأيما واحدة منهن في عيد الحب أو أي عيد آخر ذي صلة بالمعاني الإنسانية الخالصة. وقد جاءت كلماته في تأبين الراحلة سارة الفاضل مغلَّفة في مناديل الشجن ومسح دموعه على مرأى من الناس كعاشق يتيم، وإنما هو الإمام في حياته الخاصة بلا (ميك أب) سياسي، رصدته عيون الأنصار في أشد لحظات التجلي، وهو يقر بأن حارسات القذافي ألهمنه شعر الغزل. غزل (الناها بت مكناس) مشهد آخر هو سابقة محيّرة في العمل الوطني، أبطاله هذه المرة نجوم الطاقم الدبلوماسي للحكومة السودانية وللمؤتمر الوطني في صبغته الإسلامية. ؛؛؛ وزيرة الخارجية الموريتانية السابقة (الناها بت مكناس) كلفها غزل (سفراء) المؤتمر الوطني منصبها في وخشي شعبها أن تفتن العالمين فأقصيت ؛؛؛ المشهد الأبرز حادثة وزيرة الخارجية الموريتانية السابقة (الناها بت مكناس) والتي كلفها غزل (سفراء) المؤتمر الوطني منصبها في بلادها، وخشي شعبها أن تفتن العالمين فأقصيت نتيجة لتك الأسباب ولموازنات أخرى بالطبع. وقد أثارت تلك الحادثة جدلاً متصلاً، لم تنقطع المنابر الإعلامية عن الفتيل على جديلته بعد، وتعود تفاصيله إلى مبارزة شعرية أشعلها سفير السودان بإنجلترا عبدالله الأزرق في وصف وزيرة خارجية موريتانيا السابقة (الناها بنت مكناس). قال في مطلعها: "حيّ الميامين من شنقيط والنّاها / قُم حيّها بحبور حين تلقاها". وزاد عليه سفير سوداني آخر: "أخبر القوم أن السُقم أوهنني/ وليس يبرئني إلّا أن ألقاها". وقال سفير ثالث: "العين تسبقها والأذن تلحقها / واللُبّ يعشقها والقلب يهواها". الفالنتاين السياسى وعلى خلفية ذلك الغزل المسكوب بعيداً عن عيد الحب بتواريخه وقريباً من (الفالنتاين السياسي) والذي ربما تكون لديه مرامٍ سياسية إلا أن الصحف المورتانية المحافظة شنت هجوماً عنيفاً على الوزيرة ووجهت انتقادات حادة للسفراء السودانيين. ؛؛؛ الشيخ أبوزيد قال ساخراً (الناس قالوا لينا خلينا ليكم الجوامع لاحقننا في حبيبي مفلس)، وهي عبارة تشير إلى أن أنصار السنة تتسلل ل (شارع النيل) ؛؛؛في أروقة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يدور حديث أخر –لربما- لا ينفصل عن مضمون العبارة التي أطلقها شيخ أبوزيد محمد حمزة قبل أيام قلائل ساخراً (الناس قالوا لينا خلينا ليكم الجوامع لاحقننا في حبيبي مفلس)، وهي عبارة تشير إلى أن جماعة أنصار السنة جماعة دعوية تتسلل إلى أي مكان لنشر دعوتها في (شارع النيل) أو في (ميدان المولد). أما الشيوعيون الذين هم في خصام جارف ومتصل مع الحركات الإسلامية، لربما تشير مشاهد تفاعلهم مع اللون الأحمر، لون الورود والعشاق والجراح، إلى صورة أخرى من التماسات العاطفية. معطيات اليسار السودانى الحزب الشيوعي والذي طليت واجهاته باللون الأحمر منذ تأسيسه من العدم يحرص غالب شبابه في ذلك اليوم (14 فبراير) المعروف بالفالنتاين على ارتداء لون المكان، اللون الأحمر الذي يرمز لعيد الحب ويرمز للدعوة الشيوعية في ذات الوقت، الملامح المشتركة تلك تتماهى مع تفاصيل الشارع السوداني، وأجياله المتمردة على القهر السياسي. ؛؛؛ الحزب الشيوعي والذي طليت واجهاته باللون الأحمر منذ تأسيسه من العدم يحرص غالب شبابه في ذلك اليوم (14 فبراير) المعروف بالفالنتاين على ارتداء اللون الأحمر الذي يرمز لعيد الحب ؛؛؛من بين جملة معطيات تميَّز بها اليسار السوداني تشهق فكرة الخلط بين (الوطن والحبيبة) ويمضي شعراء التيار اليساري في الترميز (يا بت يا نيل، الشارع فاتح على قلبي... مريم ونورة مقابل، عزة الخليل). غير أن قادة الحزب الشيوعي الذين فضَّل أغلبهم تأخير الارتباط بزوجة من (لحم ودم) إلى حين اتمام أعراسهم السياسية. للحرب اكثر من معنى الشيوعيون رسموا صورة لذلك المشهد المهيب عندما جعلوا دماء شهدائهم أشبه بالضريرة المجدولة في أعناق فرسانهم يوم الزفاف، بيد أن للحب أكثر من معنى وإن كان للحرب معنى واحد، والشواهد تترى. ؛؛؛ الشيوعيون رسموا صورة لذلك المشهد المهيب عندما جعلوا دماء شهدائهم أشبه بالضريرة المجدولة في أعناق فرسانهم يوم الزفاف ؛؛؛ فكم من رئيس خرج ليغازل شعبه في الزمن الضائع، يسميهم أهله أو أحباءه، فتبدو العشرة بينه وبينهم قصة أشبه بالعلاقة العاطفية. كما تبرز صورة لرئيسة حركة القوى الجديدة (حق) السيدة هالة عبدالحليم والتي نجحت بعاطفية رقيقة في الجمع بين الدكتور الترابي والصادق المهدي بعد أن تعذّر بينهما الوصال لسنين خلت رغم المصاهرة. وفوق ذلك تتناسل من تلك الأمشاج الدعوات للتسامي فوق الجراح بين القوى السياسية، وبين الشعب وحكامه، وكسر الإطار السائد في الحياة السياسية، وتعضيد المساعي لقبر ما يعكر صفو العلاقة بين القائد والجماهير.