تبذل السلطات السودانية مساعي حثيثة لإعادة رفاتي ملك الجعليين المك نمر من إثيوبيا والفنان محمد أحمد سرور من أريتريا، بجانب تحديد قبر حسناء الشرق "تاجوج" لجعله مزاراً سياحياً، حيث تدور حول الفتاة الكثير من الأساطير. وحسب مديرة إدارة السياحة بولاية كسلا إشراقة عبدالحليم لشبكة الشروق، فإن المساعي تقوم بها إدارة السياحة بالولاية، بتنسيق مع وزارة السياحة بالولاية للإسهام في نقل رفات المك نمر، مؤكدة أن الوزارة بدأت سلسلة اتصالاتها بإدارات السياحة الاتحادية في الخرطوم، بجانب اتصالات غير رسمية مع بعض الجهات بأثيوبيا لتسهيل المهمة. وكشفت إشراقة لشبكة الشروق عن مساعٍ أخرى لنقل جثمان فنان الحقيبة محمد أحمد سرور من "كرن" الأريترية، إضافة الى إعادة إحياء ذكرى حسناء الشرق تاجوج، عبر إنشاء منطقة تاجوج التي تحوي متحفاً يضم تراث قبيلتها وإقامة ضريح على قبرها، وأفادت أن إدارتها بصدد تنظيم ملحمة درامية تروي قصة الحب بين تاجوج والمحلق. مزارات خارج الحدود وفر المك نمر الى إثيوبيا بعد قتله إسماعيل باشا نجل محمد علي باشا إبان العهد التركي بالسودان، حيث وصل إسماعيل باشا إلى شندي في ديسمبر 1822م، وأمر المك نمر بدفع غرامة فادحة، فرد المك باستحالة الطلب فضربه الباشا بغليونه، ما جعل المك يدبر وليمة أحرق فيها الباشا وحاشيته، وهو الأمر الذي قاد الدفتردار لتنظيم حملات انتقامية دفعت ملك الجعليين للهجرة إلى الحبشة، حيث خطط مدينة أسماها المتمة أسوة بعاصمة الجعليين ومكث هناك حتى مماته. وظل قبر المك نمر بأثيوبيا مزاراً للسودانيين وأحفاده خاصة طوال ال 180 عاماً الماضية. أما سرور فهو من رواد فن الغناء في السودان وكان قد غادر الى إريتريا إبان الحرب العالمية الثانية للمشاركة في الترفيه عن المحاربين السودانيين في مواجهة الطليان إلا أن المرض دهمه هناك ودفن على تلة قصية بضواحي أسمرا. و"تاجوج" من قبيلة الحمران بشرق السودان، حيث عاشت مع "المحلق" قصة حب عظيمة شبيهة بقصة قيس وليلى في الجزيرة العربية. وحدثت فصول القصة في منتصف القرن التاسع عشر، لكن المحلق مات مجنوناً من الوجد, وماتت تاجوج مقتولة في قتال مع قطاع الطرق وهي في طريقها إلى مدينة كسلا, لكن قصة العاشقين عاشت. وتدور أقاويل بأن قبر تاجوج يوجد في إحدى القرى شرقي مدينة كسلا. ضريح بين خيارين وجاءت فكرة نقل رفات آخر ملوك الجعليين من جمعية المك نمر بمدينة كسلا للحفاظ على تاريخ ونضالات المك نمر بنقل مزاره الى منطقة ود الحليو بريفي كسلا وهو المكان الذي مكث فيه نمر قبيل هجرته إلى أرض الحبشة، كما أن بعض أحفاد المك نمر ما زال مقيماً بود الحليو حتى الآن. وفي ذات السياق، يجري عدد من أبناء محليتي شندي والمتمة بولاية نهر النيل شمالي السوداني، مشاورات لوضع تدابير تهدف إلى نقل رفات المك نمر إلى مسقط رأسه في المتمة السودانية. وأكد السفير بوزارة الخارجية السودانية إبراهيم ميرغني لصحيفة "الرائد" أن الحكومة تجري اتصالات بجهات سياسية ودبلوماسية وأسرة المك نمر في المتمة الأثيوبية، توطئة لنقل الرفات إلى مسقط رأسه وبناء ضريح له، تكريماً لدوره البطولي في تاريخ السودان ووضع اسمه في قائمة الشرف بعد الإمام محمد أحمد المهدي، مفجر الثورة المهدية. ويعد وجود رفات العديد من الرموز السودانية في كل من أثيوبيا وأريتريا دليلاً على الارتباط الجغرافي والثقافي والاجتماعي بين هذه الدول والسودان.