احتفى السودانيون يوم السبت بمرور خمسة قرون على قيام أول مملكة إسلامية في قري، 50 كلم شمالي الخرطوم، ومهد مؤسس المملكة عبدالله جماع بتحالفه مع الفونج في سنار بأواسط السودان سنة 1504 لقيام السلطنة الزرقاء. وشارك الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يقود حكومة منذ 1989 تتبنى تطبيق الشريعة الإسلامية في احتفال "العبدلاب" الذين توافدوا من جميع أنحاء السودان للاحتفال بذكرى تأسيس دولتهم. وقال البشير أثناء مخاطبته حشداً بقري يوم السبت، إن قيام الدولة الإسلامية في سنار، 300 كلم جنوب العاصمة الخرطوم، عبر تحالف عبدالله جماع وعمارة دنقس "قائد الفونج"، كان الفاصل بين العهد القديم والعهد الجديد للسودان بقيمه الإسلامية. ونصح البشير أن تكون المناسبة انطلاقة لإعادة كتابة تاريخ السودان الذي زوَّره المستشرقون والمستعمرون للقضاء على الإسلام -حسب قوله- واعتبر قبيلة العبدلاب نموذجاً لوحدة السودانيين. واستمال عبدالله جماع القبائل العربية بالسودان ووحد كلمتها تحت سلطة واحدة ونجح مع نجله عجيب المانجلك في تكوين أول إمارة إسلامية فتحت البلاد أمام المسلمين من الجزيرة العربية والمغرب العربي. أساطير مكذوبة ودعا مساعد الرئيس جلال الدقير لدى مخاطبته الاحتفال إلى تحرير سيرة جماع والمانجلك من المفاهيم المغلوطة والأساطير المكذوبة والتمكين لذكراهم في المناهج التعليمية منعاً لاستلاب الأجيال ثقافياً. وأدى تحالف العبدلاب والفونج تحت لواء "السلطنة الزرقاء" عام 1504 إلى تقوية النفوذ الإسلامي بالسودان بعد أن تقاسما النفوذ بالتراضي ليبقى عمارة دونقس في سنار وعبدالله جماع بعاصمته قري، في أول نظام حكم فدرالي بتفاصيله الإدارية والمالية والقضائية والسِّياسية. واعتبر الدقير أن جماعاً هو واضع أول أساس في بناء السودان الحضاري الوسيط والحديث، وصاحب سابقة في ترسيخ الهوية الإسلامية العربية بالسودان، وإبطال العصبيات القبلية والجهوية. وتمكن جماع بمساعدة عمارة دونقس من تجهيز جيوش من قبائل العرب حارب بها العنج في عدة معارك حتى انتصر عليهم وفتح مملكة "علوة" في عاصمتها "سوبا". ورسخت مملكة قري العلاقات مع الأزهر الشريف والكوفة والحجاز وبنت عدداً من الأوقاف للحجيج السوداني في مكة والمدينة المنورة. وحسب رئيس مجلس شورى العبدلاب أونسة عثمان، فإن عبدالله جماع اسمه الحقيقي عبدالله محمد الباقر ولقِّب بجماع لجمعه قبائل السودان وتوحيدها.