ترعى كثير من الدول بعض الجوائز في عدد من المجالات المهمة مثل البحث العلمي والثقافة والفكر، في ما يعرف بجوائز الدولة التقديرية. وفي هذه الجوائر إشارة مهمة لاحتفاء تلك الدول بالباحثين المميزين في شتى المجالات. ودائماً ما تركز هذه الجوائز على المميزين في شتى مجالات العلم سيما التطبيقية والاجتماعية التي يعود نفعها على الوطن والمواطن، وحتى المخترعين الذين لا يحملون أي شهادات علمية، تقديراً لمخترعاتهم المفيدة. جائزة الأدب النبوي وقبل مدة أكدت الدولة ممثلة في نائبها الأول بكري حسن صالح، دعم الدولة ورعايتها لجائزة الشيخ البرعي للأدب النبوي. ووجهت الجهات الرسمية المعنية بالالتزام بما يليها تجاه الجائزة حتى تتحقق غاياتها. وكان الأمين العام لمؤسسة أروقة السموأل خلف الله، قد كشف أن فكرة الجائزة نبعت في (حولية) الشيخ البرعي. وتستهدف المبدعين في مجال الأدب النبوي على مستوى العالم في الشعر الفصيح والدارجي والدراسات والبحوث والترجمة. ؛؛؛ النائب الأول بكري حسن صالح، أكد دعم الدولة ورعايتها لجائزة الشيخ البرعي ووجه الجهات الرسمية بالالتزام بما يليها تجاه الجائزة حتى تتحقق غاياتها ؛؛؛ وقد يتفق معي كثيرون أن مجال المديح النبوي فيه مئات الناشطين والسدنة والشعراء والفرق الإنشادية، بل يمتلك فضائية وإذاعة، ودعماً لا محدود من عدد من الجهات داخل وخارج السودان. ومجال بهذه الإمكانات لا يحتاج لتدخل الدولة، ممثلة في رئاسة الجمهورية لترعاه وتدعمه مادياً ومعنوياً. بل يجب أن يُترك ليكون شأناً خاصاً بمنظمات المجتمع المدني التي ابتدرته، وهي تعلم من أين ستجد له الدعم والتمويل. رعاية رئاسية جائزة البرعي يمكن أن تُمول من فرق المديح والإنشاد وحدها، إذا خصصت كل فرقة 10% فقط من دخلها لهذه الجائزة، بجانب رعاية سوداتل وأروقة. وأستغرب أن تبادر رئاسة الجمهورية برعاية جائزة البرعي، وهي عاجزة عن رعاية الجائزة التي صدرت بالقرار الجمهوري رقم (381) الصادر في يوم 17 رجب 1419ه، الموافق له يوم 7 نوفمبر 1998م، والقاضي بإنشاء جائزة علمية تمنح سنوياً في مجالات الإبداع والتميز العلمي. وظلت هذه الجائزة قبلة للأنظار لما ظلت تقدمه على الدوام في مضمار تشجيع وحفز الإبداع العلمي. وبها وجد الكثير من المبدعين والمخترعين مكانتهم في المجتمع، وظلت المسيرة على هدى الأهداف المعمول بها. ؛؛؛ البروفيسور عبدالله الطيب، وب. عون الشريف، وب. أبوسن أبرز الفائزين بجائزة الشهيد الزبير التي كانت تهدف للوقوف على حجم الإبداع والتميز العلمي في السودان ؛؛؛ وكانت تجد اهتماماً خاصاً من المغفور له بإذن الله بروفسور أحمد علي الأمام رحمه الله تعالى. بل وصارت جائزة الدولة الرسمية؛ ألا وهي جائزة الشهيد الزبير للإبداع والتميز العلمي؛ أرفع جائزة علمية تقدمها الدولة، والتي توقفت منذ أكثر من خمسة أعوام. جائزة الزبير يتيمة وزارة المالية التي تصرف على سفر الوزراء ونثرياتهم باليورو والدولار، قد أحرجت اللجنة الفنية لجائزة الشهيد الزبير مع الفائزين بالجائزة في دورتها العاشرة آخر دورة لها، ولم توف بوعدها منذ 11 يونيو 2011م؛ ولأسباب أوهى من بيت العنكبوت. وبل ظلت هيئة رعاية الإبداع العلمي، التي تهتم بأمر الجائزة تتنقل من مقر إلى آخر، حتى وصلت لأطراف الخرطوم لضيق ذات اليد. بل وسرّحت العديد من شبابها المميزين للسبب نفسه، ثم تأتي رئاسة الجمهورية لترعى جائزة أخرى، لها رجالها ومحبوها، وتترك جائزتها الرسمية لا تجد خشاش الأرض. ؛؛؛ الجائزة أسهمت إلى حد معقول في وضع حلول لبعض المشكلات العلمية في سبعة مجالات مختلفة، كما أشركت الباحثين في المساهمة في اتخاذ القرار السليم ؛؛؛ جائزة الشهيد الزبير لم تكن جائزة عادية، فقد فاز بها عدد من فطاحلة العلم في بلادي، على رأسهم بروفيسور عبدالله الطيب، وبروفيسور عون الشريف قاسم، وبروفيسور أحمد إبراهيم أبوسن، وغيرهم. وتهدف الجائزة للوقوف على حجم الإبداع والتميز العلمي في السودان، وتسليط الضوء على مشكلات البحث العلمي وتفعيل مؤسساته. غياهب النسيان الرسمي وفاز بالجائزة خلال الدورات السابقة (116) شخصاً في مختلف المجالات، يحصلون على براءة علمية ووسام العلم مقدم من رئيس الجمهورية ومكافأة مالية تبلغ جملتها 500 ألف جنيه تقسم على الفائزين حسب مستوياتهم. كان ذلك في أيام اهتمام الدولة بها، ولكن الآن الجائزة في غياهب النسيان، والفائزون بها في آخر دورة لم يتسلموا حتى الآن مليماً واحداً من الدولة. كان من فوائد الجائزة إسهامها إلى حد معقول في وضع حلول لبعض المشكلات العلمية في سبعة مجالات مختلفة. كما أشركت الباحثين في المساهمة في اتخاذ القرار السليم، وأتاحت فرصة للشباب لتقديم ابتكاراتهم وأبحاثهم. ؛؛؛ الرئاسة نسيت الجائزة التي تحمل اسم النائب الأول الراحل، وتركتها تتسول على أبواب وزارة المالية، حيث لم تتمكن من نشر شروطها للعام 2012 ؛؛؛ علماً بأن الجائزة قد تبنت المشاريع التي أعدت بواسطة الفائزين، وغيرهم من الموهوبين، بغرض تمويلها وربطها بالسوق. كما فتحت للمبدعين الوطنيين طريقاً لم يكن سالكاً من قبل، بإتاحتها الفرصة للتعرف على حجم الإبداع وسط السودانيين، خاصة الشباب. تجربة ناجحة وشكلت الجائزة أيضاً تجربة مؤسسية في إدارة الجوائز العلمية كأول سابقة، وأتاحت أيضا لأكثر من (84) أستاذاً جامعياً، المشاركة في الجوانب الفنية للجائزة التي كانت برئاسة بروفيسور عبدالرحيم علي، مما كان له كبير الأثر في إنجاح التجربة، فأصبح هذا العدد شبه متفرغ لتقويم ما يعرض عليه من أبحاث ومشاريع. ومنذ 2011م نسيت رئاسة الجمهورية الجائزة التي تحمل اسم النائب الأول السابق، وتركتها تتسول على أبواب وزارة المالية اللئيمة، حيث لم تتمكن الجائزة من نشر شروط المسابقة للعام 2012. كما زهَّد الجادين من أصحاب الإبداع العلمي في الجائزة وفي المشاركة، مما يعني خسارة الجائزة أهدافها التي أنشئت لها، وما ذلك إلا بسبب هذا التسويف الذي لا مبرّر له إلا التقليل من دور أرفع جائزة تقدمها الدولة. علماً بأن حجم الجائزة المالي قليل جداً، ولا يكاد يوصف مقابل ما يُدفع لأمور تافهة، مقارنة بجائزة تقديرية يسعد بها كل بيت سوداني، في ظل انعدام برامج الدولة التنفيذية الموجّهة للمبدعين والمخترعين، وضعف وقلّة الهيئات والمنظمات العاملة في مجال رعاية الإبداع والبحث العلمي.