عاد النيجيري أبوبكر محمد بارينجيني البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاماً، ليجلس على مقاعد المدرسة في المرحلة الابتدائية مع خطة طموحة تمتد إلى ما بعد عامه المائة، واحتفلت به المدرسة الواقعة في ولاية كانو الشمالية. ويجلس بارينجيني على مقعد خاص داخل الفصل الدراسي وسط صغار لم تتعد أعمارهم السبع سنوات وهو يرخي لحية طويلة ويجلس على كرسي يتناسب وحجمه، ومع ذلك يتعلم المواد نفسها التي يتعلمها الأطفال وهدفه الأكبر هو حيازة شهادة دكتوراة في الدين. لكن هذا الحلم لا يزال بعيد المنال بعض الشيء، فهو ينمي، راهناً، مهارات القراءة والكتابة، وفي حال تابع تحصيله المدرسي والجامعي بالنمط نفسه كباقي التلاميذ لن يحقق حلمه قبل بلوغ عامه العشرين بعد المائة، ولكن من لا يجازف لا يحقق شيئاً. قلم وابتسامة ويقول بارينجيني وهو يمسك بقلمه وينظر مبتسماً من فوق كتابه "سني لا يقف عائقاً بوجهي وهدفي الأكبر هو حيازة شهادة دكتوراة في الدين قبل مغادرة هذا العالم". وبعد تقاعده من عمله في البناء في العام 2008، التحق بارينجيني بالمدرسة الخاصة النيجيرية المصرية لتعليم الفقه الإسلامي بالإضافة إلى المواد الدراسية العادية. ولبارينجيني ثمانية أبناء وأكثر من ستين حفيداً وهو يجتاز مسافة ستة كيلومترات يومياً بالحافلة للوصول إلى المدرسة. ويساعده أبناؤه في الدراسة بما أنهم تابعوا تحصيلهم العلمي، ويقول ابنه ساني بارينجيني (42 سنة) وهو أستاذ جامعي: "فرحت جداً حين علمت بأنه يخطط للذهاب إلى المدرسة، وكذلك فرح إخوتي، ونقدم له جميعنا الدعم المعنوي والمادي ليحقق حلمه، ونحن فخورون جداً به". التمكن من قراءة القرآن " نسبة التعليم في ولاية كانو النيجيرية التي تضم عشرة ملايين نسمة متدنية جداً إذ لا تتعدى نسبة الذين يتقنون القراءة والكتابة 34% بحسب وكالة كانو لمحو الأمية " كان هدف بارينجيني الأول التمكن من قراءة القرآن الكريم، وحين تمكن من ذلك نوعاً ما، أراد أن يصبح عالم دين ليلقن تعاليم الإسلام للناطقين باللغة الإنجليزية من غير المسلمين. إلا أنه يحتاج ل25 سنة على الأقل لينجز مراحل التعليم المدرسية والجامعية الضرورية لحيازته شهادة الدكتوراة. ويلقي قراره الضوء على نسبة غير الأميين المتدنية جداً في ولاية كانو التي تضم عشرة ملايين نسمة، إذ لا تتعدى نسبة الذين يتقنون القراءة والكتابة 34% بحسب وكالة كانو لمحو الأمية. أما على الصعيد الوطني فقد تحسنت النسبة خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت من 55,3% في العام 2003 إلى 69,1% هذا العام، على ما تفيد وزارة التربية. إلا أن بارينجيني كان من بين الأقل حظوة الذين لم تتسن لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة. البناء بدل المدرسة " بارينجيني أرسله والده إلى أحد عمال البناء ليتعلم المهنة وسمحت له بتقاضي أجر جيد وعيش حياة كريمة وتعليم أبنائه الثمانية "وعوضاً عن إرساله إلى المدرسة، أرسله والده إلى أحد عمال البناء ليتعلم هذه المهنة، وقد سمحت له هذه المهنة بتقاضي أجر جيد وعيش حياة كريمة وتعليم أبنائه الثمانية، ولا ينزعج بارينجيني من فارق السن بينه وبين زملائه الذين يلقبونه "بابا" كما يفعل المعلمون أيضاً. ويقول بهذا الشأن: "يسعدني أن أكون محاطاً بهؤلاء الأطفال فوجودهم يشجعني مع أن عمرهم لا يتجاوز عمر أحفادي، وفي الواقع يتعلم اثنان من أحفادي في هذه المدرسة، صبي وفتاة، وحفيدتي التي تبلغ الثامنة من العمر في الصف الثالث فيما إنا في الصف الثاني وهذا لا يزعجني أبداً". ويؤكد المعلمون والتلامذة أن بارينجيني يحرز تقدماً. ويقول مدير المدرسة، سليمان غاربا حسين إنه في المرتبة الرابعة في صفه، وإنه يتعلم بسرعة.