كانت لحظة ميلاد دولة جنوب السودان في العام 2011 مشحونة بالأمل في أن تصبح دولة متطورة تحكم من قبل أبنائها، ولكنها بعد عام على الصراع بين أبنائها لم يتنزل ذلك الحلم على أرض الواقع. ففي يوليو من العام الماضي عزل الرئيس سلفاكير نائبه رياك مشار وكل الطاقم الحكومي، ثم اندلع العنف في 15 ديسمبر 2013 فيما وصفه سلفاكير بمحاولة انقلاب من قبل مشار. منذ ذلك الحين الفصائل التي تدعم الرجلين تقاتل بعضها للسيطرة على البلاد، لا يعرف بالتحديد كم عدد القتلى. ولكن التوقعات تشير إلى الآلاف القتلى ونحو أكثر من مليون مشرد وتخشى المنظمات الإنسانية من خطر المجاعة في العام المقبل. ؛؛؛ الجهود التي قام بها بوش و أوباما أعاقتها الانتقادات الواسعة للأخير، بينما كانت العلاقة الخاصة التي تجمع بوش بسلفاكير، سهلت عملية ولادة الدولة الجديدة ؛؛؛ جهود دبلوماسية الجهود الدبلوماسية من قبل الولاياتالمتحدة الأميركية التي قام بها الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما في أفريقيا أعاقتها الانتقادات الواسعة للرئيس أوباما، بينما كانت العلاقة الخاصة التي تجمع بوش بالرئيس سلفاكير، سهلت كثيراً عملية ولادة دولة جنوب السودان، وافتقار أوباما لهذه العلاقة الخاصة جعل من الصعوبة بمكان للولايات المتحدة أن تقود جهود إعادة جنوب السودان إلى السلام في داخله مع جاره الشمالي (السودان). الرئيس بوش أُنتخب بينما كانت الحرب الأهلية في السودان تشتعل وجعل من أفريقيا أولوية في داخل إدارته مؤسساً خطة الرئيس الطارئة لمحاربة الأيدز، وكذلك مبادرة الملاريا، وكان للمشروعين تأثيرهما البالغ على الحياة في القارة الأفريقية، ولكنه كان مهتماً بقضية جنوب السودان، حيث كان اللوبي المسيحي والكتلة السوداء بالكونغرس تضغط باتجاه عقوبات ضد الخرطوم. الاستثمار في القائد لم يكن المسؤولون في الولاياتالمتحدة يدافعون عن استقلال جنوب السودان بقدر ما يسعون لإنهاء الحرب الأهلية هناك خوفاً من أن يشجع الانفصال أقاليم أخرى في القارة كانت تسعى للاستقلال والانفصال عن البلد الأم، في المقابل كانت الولاياتالمتحدة - بحسب كامرون هودسون الموظف السابق بمكتب قائد هيئة الأركان السابق الجنرال إسكوت غريشون، الذي عمل مبعوثاً خاصاً للسودان خلال الفترة من 2009 و2011، يقول كامرون "كانت الولاياتالمتحدة تستثمر في شخصية القائد الجنوبي الذي تلقى تعليمه بالولاياتالمتحدة جون قرنق، لأنه كان يملك رؤية لوحدة السودان بغض النظر عن اختلافه مع حكومة الخرطوم". ؛؛؛ المسؤولون الأمريكان لم يكونوا يدافعون عن استقلال الجنوب بقدر ما يسعون لإنهاء الحرب الأهلية خوفاً من أن يشجع الانفصال أقاليم أخرى كانت تسعى للاستقلال ؛؛؛ يقول المبعوث الخاص للسودان، اندور ناتسيوس، خلال الفترة من 2006 إلى 2007 "اعتقد أنه كان هناك تردد في دعم استقلال جنوب السودان من قبل وزارة الخارجية الأميركية، ولكنه قد حدث في النهاية خصوصاً بعد ما اتخذ الرئيس بوش قراره بأن يترك الخيار للجنوبيين لتحديد مصيرهم. انتقال السلطة المقلق جون قرنق قُتل في حادث تحطم مروحية بعد فترة وجيزة على توقيع اتفاق السلام في العام 2005 في حادث لا يزال الكثيرون يعدونه اغتيالاً، وبعدها تولى القيادة سلفاكير الرجل الذي كان يقاتل من أجل الاستقلال أكثر من التفاوض مع الخرطوم، وهو الانتقال في السلطة الذي أقلق الولاياتالمتحدة على مصير اتفاق السلام، وخشيت أن ينهار بسرعة، لكن بوش سعى إلى استثمار العلاقة الدبلوماسية مع القيادة الجنوبية الجديدة من خلال تكثيف اللقاءات الشخصية مع سلفاكير، والحديث الدائم بينهما عبر الهاتف، فنمت علاقة شخصية بينهما وراج بأن طاقية رعاة البقر التي يعتمرها سلفاكير وأصبحت علامة مميزة له كانت هدية من الرئيس بوش. يقول نائب رئيس برنامج أفريقيا في منظمة الأزمات الدولية، إي جي هوغيندورن، إن علاقة بوش وسلفاكير الشخصية تعود إلى أن كليهما أعلن إيمانه بالمسيحية. ؛؛؛ العلاقة بين بوش وسلفا ساعدت الولاياتالمتحدة في أن يكون لها نفوذ على قيادات الجنوب خلال التفاوض مع الخرطوم في القضايا العالقة ؛؛؛ هذه العلاقة ساعدت الولاياتالمتحدة في أن يكون لها نفوذ واسع على قيادات جنوب السودان خلال التفاوض مع الخرطوم في القضايا العالقة جزءاً من اتفاقية السلام مثل الحدود وعوائد النفط. دبلوماسية شخصية كامرون هودسون الذي عمل كذلك مديراً للشؤون الأفريقية في طاقم مجلس الأمن الدولي، الذي عمل على تنفيذ اتفاقية السلام الشاملة خلال الفترة من 2005 و2009، أشار إلى أن الرئيس بوش كان يمارس دبلوماسية شخصية مع سلفاكير من خلال الاتصال الدائم عبر الهاتف، واستضافه في البيت الأبيض، حيث وصلت إلى أربع مرات في ولاية بوش الثانية، وهو معدل قياسي لم يصل إليه أي رئيس في العالم. ؛؛؛ العلاقة بين أوباما وسلفاكير افتقرت لذلك الرباط على أيام بوش، وكان الجميع يتوقع لأوباما ألا يجد صعوبة في نسج علاقة مع زعيم الدولة الوليدة ؛؛؛ اتفاقية السلام نصت على جدول زمني من ست سنوات وصولاً إلى الاستفتاء على الاستقلال، وعندما وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى البيت الأبيض، كان الوقت قد أزف وصوت 98.83% من الجنوبيين لصالح الانفصال، ولكن عندما قُدمت للرئيس أوباما المشورة للتعامل مع جنوب السودان كان السودانيون الجنوبيون - بحسب المبعوث الخاص للسودان وجنوب من 2011 إلى 2013 بريستون ليمان - أصحبوا كمن لا يرغب في سماع أوامر من أحد. علاقة بلا رابط العلاقة بين أوباما وسلفاكير افتقرت لذلك الرباط على أيام بوش، وكان الجميع يتوقع للرئيس ذي الأصول الأفريقية أن لا يجد صعوبة في نسج علاقة جيدة مع زعيم الدولة الأفريقية الوليدة، وظهرت الشقة بين أوباما وسلفاكير واضحة عندما تقابلاً على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من العام 2011، للحديث حول بعض القضايا، منها التقارير الاستخبارية عن دعم جنوب السودان لجماعات متمردة داخل السودان، ولكن اللقاء بينهما لم يمض على ما يرام. ويقول بربستون ليمان "إن سلفاكير قام بما نصحناه بعدم القيام به، وهو يواجه الرئيس أوباما وجهاً لوجه بأن عليه التأكد من معلوماته عن دعم التمرد في السودان، لأنها غير صحيحة، بينما الجميع كان يعرف أن سلفاكير يدعم التمرد في السودان، وكان الرئيس سلفاكير يكذب بصراحة، فقام الرئيس أوباما بإنهاء الاجتماع سريعاً وقال له: شكراً!". ؛؛؛ الإدارة الأمريكية، حسب نتاسيوس، يمكنها العمل بحزم بعد اندلاع العنف، ويعتقد بأن الإدارة يمكنها العمل بصورة عاجلة لمنع اتساع الهوة بين سلفاكير ومشار ؛؛؛ عمل حازم مع ذلك يرى اندرو نتاسيوس بأن الإدارة الأميركية يمكنها العمل بحزم بعد اندلاع أعمال العنف في ديسمبر الماضي، وكان يعتقد بأن الإدارة الأميركية يمكنها العمل بصورة عاجلة لمنع اتساع الهوة بين الرئيس سلفاكير وخصمه رياك مشار من خلال تدخل مباشر من الرئيس أوباما. مسؤول كبير في إدارة أوباما تحدث لموقع (يو اس نيوز)، طالباً عدم الكشف عن اسمه، وهو يعمل في القضايا الأفريقية تحدث مدافعاً عن انخراط إدارة أوباما في جنوب السودان الذي قال إنه كان ولا يزال من أولويات اهتمام إدارة أوباما الخارجية. مستشارة الأمن القومي سوزان رايس كانت من أكثر المسؤولين حديثاً عن السودان وجنوب السودان حتى قبل الانفصال، وهي - بحسب بريستون ليمان - عاطفية ومقربة جداً من قيادات جنوب السودان، وموقفها هذا جعل العلاقات السودانية الأميركية تزداد تعقيداً. سوزان كانت لها آراء قوية حول السودانيين، واتهامات لقيادات البلدين، وكانت عنيفة جداً في دعمها للعقوبات ضدهم، وهو ما جعل من الصعب تحقيق توازن في العلاقات السودانية الأميركية. ؛؛؛ المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، قال إن امريكا لم تتخذ الخطوة الإيجابية التي من شأنها حل الصراع بين سلفا ومشار ؛؛؛ خطوة ايجابية مؤجلة المبعوث الحالي الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، قال إن الولاياتالمتحدة لم تتخذ الخطوة الإيجابية تجاه كيف يمكنها أن تحمل كل من سلفاكير ورياك مشار لحل الصراع بينهما، ويستدرك بوث الذي عينه أوباما في العام 2013 مبعوثاً خاصة للدولتين أنه شأن الجنوبيين ليحددوا كيف يمكن حل الأزمة. بوث العائد للتو من المنطقة، حيث تجري مفاوضات بين سلفاكير ومشار برعاية مجموعة الإيقاد ونقطة الخلاف الرئيسة، هي الاتفاق حول قسمة السلطة بأن يظل سلفاكير رئيساً للجمهورية ورياك مشار رئيساً للوزراء. بوث أشار إلى أن علاقات المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية مع قادة دولة جنوب السودان أفضل منها من علاقات المسؤولين في البيت الأبيض مع الدولة الوليدة، ولكن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية من 2009 إلى 2013 جوني كارسون، يرى غير ذلك ويدافع بشدة عن سياسية أوباما في مقابل الانتقادات التي يوجهها بعض قادة الكونغرس بأن أوباما لم ينخرط بما يكفي في أزمة جنوب السودان ولا يبدي اهتماماً كبيراً بمستقبل هذا البلد. ؛؛؛ السناتور فرانك وولف يرى أن الرئيس بوش بتعيينه في العام 2001 السناتور جون دانفورث مبعوثاً للسودان، أرسل للعالم رسالة تؤكد أنه مهتم بهذا البلد ؛؛؛ سياسة تجاهل الواقع ومن المنتقدين لسياسة أوباما أو تجاهله في الواقع لجنوب السودان السناتور فرانك وولف الذي يرى أن الرئيس السابق جورج بوش بتعيينه في العام 2001 السناتور جون دانفورث مبعوثاً للسودان، أرسل للعالم رسالة تؤكد أنه مهتم بهذا البلد، ويقول وولف "في حال مقارنة إدارة بوش مع إدارة أوباما، نجد أن الأخيرة لم تعين مبعوثاً مثل دانفورث الذي حينما يتحدث كل العالم يستمع إليه". أما السناتور استاني هوير، فهو يدفع باتجاه المزيد من الانخراط الدبلوماسي لإدارة أوباما في أزمة جنوب السودان، ويقول "يجب أن نستخدم كل أسلحتنا الدبلوماسية لوضع نهاية للحرب وإعادة الوعد بالسلام والأمل لجنوب السودان في المستقبل". الإدارة الأميركية ترى أنها من الأفضل أن تعمل على دعم مباردة الدول الأفريقية المجاورة لجنوب السودان بدلاً من ابتدار مبادرة جديدة، وهو الموقف الذي يجد مساندة من جوني كاريسون. * محررة الشؤون الدولية في موقع (يو ايس نيوز اند وورلد ريبورت)