السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات الجنوب.. "الآس" بيد مشار وإيقا!!
نشر في شبكة الشروق يوم 04 - 02 - 2010

عندما صعد النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت، إلى عربته المكشوفة ذات الدفع الرباعي وسط هتافات من بعض مناصريه الذين اصطفوا من غير ترتيب لتحيته وهو يكمل إجراءات ترشحه لرئاسة حكومة الجنوب، كان الجميع على يقين بأنه صعد إلى كرسي الرئاسة من جديد.
فقطعاً كير الموصوف بالهدوء سيكتسح الانتخابات التي لا ينافسه فيها سوى د.لام أكول أجاوين بذات السرعة التي تمت بها الإجراءات، فالزمن الذي أمضاه الرجل لينال لقب المرشح الأقوى لرئاسة دولة الجنوب، لم يزد على ذاك الذي استغرقه الطريق من حي العمارات حيث مكتبه وحي مونتي البائس مقر مفوضية الانتخابات. تلك هي القراءة الظاهرة لخارطة الصراع الانتخابي في جنوب السودان، ولكن الناظر إلى تعقيدات الوضع القبلي مسنودة بثغرات الجانب الهيكلي للحركة الشعبية، لا يستبعد البتة حدوث مفاجآت ربما تكون أكبر من احتمال جسد نيفاشا المهترئ.
يتفق الجميع على أن هناك خمسة "زعماء" أو يزيدون قليلاً يتحدد مصير الجنوب ومستقبله، اتحاداً مع الشمال أو انفصالاً عنه استقراراً وانفلاتا أمنياً، بناءً على مواقفهم، يتصدر هولاء الزعماء بالقطع سلفاكير ميارديت باعتباره ابن القبيلة الأكبر والقائد الأوحد لجيوش جنوب السودان.
ويقف غير بعيد عنه باقان أموم الأمين العام وخليفة الزعيم التاريخي للحركة جون قرنق في نواحي التفكر واتخاذ المواقف الصارمة تجاه حكومة الشمال، غير أنه لا يستطيع الفكاك من أسر كير لأنه لا يتمتع بسند قبلي يمكنه من اتخاذ موقف بعيد عن قيادة الحركة.
أما الزعيمان الآخران فهما يقفان وبوضوح على الطرف الآخر، د.رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب والرجل الذي تعتقد قبيلة النوير، ثاني أكبر القبائل في جنوب السودان، أنه المخلص، فعلى الرغم من إنه لا يزال داخل الحركة الشعبية، إلا أنه يحتفظ لنفسه بمساحة بعيداً عن سلفا ومجموعته التي لم تنفك محاولاتها المستميتة لإبعاده، لكنها فشلت وكان آخرها تلك التي تمت في المؤتمر الأخير للحركة.
أما د.لام أكول، فمعروف أن الرجل قاد أربعة انشقاقات تنظيمية وتنقل بين عدة تنظيمات، آخرها خروجه عن الحركة بعد أن دان لها حكم جنوب السودان، وتشكيله لحزب منفصل يخوض به سباق المنافسة على رئاسة الجنوب حالياً.
"
يقول د. الواثق كمير: "الحركة إذا فيها رجل واحد وحدوي هو جميس واني إيقا"
"
بينما يقف الرجل الخامس وحيداً لا تجمعه أي منطقة رمادية مع الطرفين، وهو جميس واني إيقا رئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان، الذي يعده المراقبون أكثر الشخصيات الجنوبية ميلاً للوحدة، ويقول عنه د. الواثق كمير: "الحركة إذا فيها رجل واحد وحدوي هو جميس واني إيقا".
ويطلق على ابن "الباريا" وهي من القبائل الصغيرة (حكيم الجنوب) وهو صاحب المقولة ذائعة الصيت: "إذا لم يكن هناك أشخاص زي عمر البشير وعلي عثمان محمد طه، ما كان ممكن نصل لاتفاقية السلام، فنحن جربنا حكومات كثيرة كي نصل إلى حل ولم نصل إلى هذا الحل منذ حكومات نميري والصادق ود. الجزولي دفع الله، والاتفاقية زي الكباية الموضوعة في غرفة مظلمة إذا أرسلت شخصاً آخر لإحضارها من غرفتك في الظلام فإنه سيكسرها، لكن سيد الأوضة ممكن يدخل من غير ما يكسر شيء، لكن لو جبت زول جديد بديل البشير والله شهر واحد أو يوم واحد حيكسر الاتفاقية ويرجع كل السودانيين إلى الحرب".
ويجيد إيقا اللغة العربية والإنجليزية بجانب إتقانه لعدد من لهجات القبائل المحلية، وهو من الشخصيات المحبوبة جداً والمؤثرة في القرار وعمل إيقا المتخرج من جامعة الزقازيق بمصر خلال رئاسته للمجلس التشريعي على محاربة الفساد ومحاصرة عدد من الوزراء، مجبراً بعضهم على الاستقالة وآخرين أجبر الدولة على تجرع كأس الإقالة، فإيقا ذو الشخصية المرحة والأقرب إلى الهزلية، قاد برلماناً يعد أنجح برلمان مر على جنوب السودان منذ العام 1956م، غير أن كل ذلك لا يؤهل ابن الباريا للمنافسة على رئاسة الجنوب لأنه ليس من النوير ولا حتى الشلك ولا يمت بصلة للدينكا، لكنه يظل مؤثراً وبشكل كبير على الذي سيصوت لمن يدلي باقتراعه.
قائد حرب إيما... اختيار السلام
كانت الانتخابات تمثل اللحظة الفاصلة في مستقبل مشار السياسي بجنوب السودان، بحسب مراقبين، الذين كانوا يظنون أن مشار سيصبح المرشح لرئاسة الجنوب حال ترشح سلفاكير ميارديت لمنصب رئيس الجمهورية تحقيقاً لنبوءة قديمة مفادها أن النوير والدينكا ينحدرون من أب واحد، وأن هذا الأب تنبأ قبل مئات الأعوام بسيطرة النوير، ويسود اعتقاد واسع في قبيلة النوير بأن أوان حكمهم لجنوب السودان قد حان؛ استناداً إلى الأسطورة، حيث تنبأ نقون دينق زعيم القبيلة بأن رجلاً منهم سيحكم الجنوب.
ووفق هذه الأسطورة، أخذ المستعمر البريطاني عام 1929 العصا (دانق) التي تخص الكاهن نقون دينق بعد أن ألحق الهزيمة بقبيلة النوير، ويعتقد النوير أن عودة عصا كاهنهم من بريطانيا إلى الجنوب مرة أخرى بعد 80 سنة هي البشارة بعهد الرجل "المختار"، ويعنون "رياك مشار" الذي استقبل العصا عند عودتها في مطار جوبا مؤخراً، وألقى خطاباً في الآلاف من أبناء قبيلته الذين شهدوا الحدث، لكنه تحاشى أن يذكر تفاصيل الأسطورة حتى لا يدفع بالتوتر بين الجنوبيين، واكتفى بالحديث عن أهمية العصا وفقاً لنافذين في قبيلة النوير، الذين أشاروا إلى أن استقبال مشار للعصا في المطار والحشود التي رتبها لهذا الحدث، كانت تشير وبوضوح إلى طموحه الشخصي في قيادة دولة الجنوب، وأن يكون هو رجل الوقت الذي تعنيه الأساطير، لأن شكله العام، بحسب ذات المصادر، يؤكد أنه المعني.
"
معروف عن د. مشارأنه لا يترك خصومه ولا يستسلم لهزيمة
"
ورغم أن مشار لم يعلن موقفاً واضحاً من الانتخابات بعد أن تخطاه المكتب السياسي للحركة في الترشيحات، ولكن بالقطع لن يكون صيداً سهلاً، فمشار ذو الميول الانفصالية غير المخفية، معروف عنه أنه لا يترك خصومه ولا يستسلم لهزيمة، فقطعاً انحناؤه أمام عاصفة المكتب السياسي ستعقبه حرباً كحرب إيما.
فالرجل المولود عام 1952 عاش في شمال السودان، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، ولم يمنعه ذلك من توجيه الانتقاد يليه الانتقاد للشمال العربي الإسلامي، وظل يجاهر بميوله إلى الانفصال حتى توجهه إلى العمل المسلح والتحق عام 1983 بالجيش الشعبي، غير أنه انشق لذات السبب عنه عام 1991، وأسس مع بعض المنشقين على قرنق ما عرف بمجموعة الناصر (نسبة إلى مدينة الناصر في جنوب السودان).
ولم يتوان مشار في خوض حرب رهيبة قتل فيها المئات من قواته وقوات الحركة الشعبية، وعرفت تلك الحرب ب"حرب إيما"، نسبة إلى فتاة بريطانية تدعى إيما، كانت تعمل في منظمة إغاثية تزوجت من رياك مشار، وكان جون قرنق قد اتهمها بأنها فتاة المخابرات البريطانية، وأنها التي أوحت لمشار بالانشقاق عن الحركة الشعبية، وقد قضت إيما مشار نحبها في حادث مروري في نيروبي عام 1993م.
وفي عام 1992 أسس مشار الحركة الموحدة، ثم حركة استقلال جنوب السودان عام 1995، ووقع عام 1997 على اتفاقية الخرطوم للسلام مع الحكومة، ولم ينس المهندس دائم الابتسام قضية الانفصال، إذ طالب بمنح الجنوبيين حق تقرير المصير في أمد معلوم في متن اتفاقية الخرطوم للسلام، وفي فبراير 2000 استقال مشار من مناصبه الحكومية، متهماً الخرطوم بإرسال قوات لمحاربة مقاتليه في الجنوب.
وبعد قطيعة دامت عشر سنوات مع حليفه السابق جون قرنق، أعلن مشار في 28 مايو 2001، عودته لصفوف التمرد، وحل نتيجة هذا الإجراء تنظيم الجبهة الديمقراطية لشعب السودان ليؤسس تنظيماً جديداً باسم "الجبهة الشعبية السودانية للديمقراطية"، وانضم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان.
عرف عن مشار تحفظه على المبادرة المصرية الليبية بشأن حل قضية جنوب السودان المقدمة عام 1999 التي تنص على ضرورة إبقاء وحدة السودان، ومال إلى مبادرة السلام التي قدمتها منظمة الإيقاد، والتي أجريت على ضوء مقرراتها لاحقاً اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب في عام 2005، والتي تمنح الجنوب حق تقرير المصير.
ورغم أن مشار لا يظهر أي مشاعر كراهية تجاه الرجل الأول في الحركة، لكن خلافه معه صعب أن يخفى، ويرجع المراقبون تلك الخلافات إلى عام 2002 بعد أن عاد مشار إلى صفوف الحركة، ومطالبته زعيمها بتخصيص منصب الرجل الثاني له في اتجاه لإرجاع سلفاكير لمنصب الرجل الثالث، مبرراً ذلك بأن قرنق وسلفا ينحدران من قبيلة واحدة.
غير أن د.لام أكول كشف في كتابه "الحركة الشعبية لتحرير السودان.. داخل ثورة أفريقية"، معلومة أخرى يمكن أن تفسر سبب شعور مشار بالأحقية في قيادة الحركة ومن ثم رئاسة حكومة الجنوب، فيقول: إن "القائد سلفاكير كان برتبة نقيب عندما تمت ترقيته إلى رتبة رائد، وعيّن في القيادة العليا للحركة الشعبية في 1986، وكان هناك ضباط أعلى رتبة منه آنذاك منهم مشار وكان برتبة رائد".
وقبيل توقيع اتفاقية السلام الشامل، انتخب مجلس التحرير الوطني للحركة مشار لمنصب الرجل الثالث في الحركة بعد تغلبه في نتيجة التصويت على جيمس واني إيقا، بينما احتفظ سلفاكير بمنصب الرجل الثاني.
"
تراجعت حظوظ مشار في الترشح لأيٍّ من المناصب للحصار الذي ضربه عليه ما يعرف تاريخاً بمجموعة أولاد قرنق
"
وفي المؤتمر الثاني للحركة، وهو أول مؤتمر بعد وفاة قرنق، انتخب مشار نائباً لرئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت رغم تحفظ الكثير من قيادات الجيش الشعبي على مشار، وتحفظ الأخير على ما وضعته فيه الأقدار.
تراجعت حظوظ مشار في الترشح لأيٍّ من المناصب للحصار الذي ضربه عليه ما يعرف تاريخاً بمجموعة أولاد قرنق والتي يستخدمها باقان أموم للضغط على الرئاسة بدلاً عن القبيلة ودفع الحركة للتنصل عن اتفاق مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه يقضي بحصول انفصال الجنوب عن الشمال بالأغلبية المطلقة (50%+1) بشرط مشاركة ثلثي الجنوبيين في استفتاء 2011 وإظهارهم له بالضعيف بجانب رفض الحركة أيضاً لمسودة قانون الصحافة والتي أعلن الرجل أنها كانت من أفكار الحركة الشعبية، لكن الرجل الذي أبعد أو ابتعد عن التنافس الانتخابي، يظل هو المؤثر والمحدد الأول في لمن تذهب أصوات ثاني أكبر قبائل الجنوب.
د. لام أكول.. مشوار الميل
ينحدر من أسرة رفيعة في قبيلة الشلك الجنوبية، وهي إحدى ثلاث أسر يتم اختيار ملك القبيلة أو ما يعرف ب"الرث"، من بينها بصورة دورية.
ولد في منطقة أكيضوي بولاية أعالي النيل بجنوب السودان، تخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم في 1975م، ونال درجة الماجستير في هندسة البترول من جامعة هيريوت وات بأدنبرة عام 1977م، والدكتوراة من الجامعة العالمية للعلوم والتكنولوجيا بجامعة لندن 1980م، وعمل أستاذاً للهندسة الكيميائية بها بعد نيله للدكتوراة. انضم للحركة الشعبية لتحرير السودان بحسب كتابه "الحركة الشعبية لتحرير السودان.. داخل ثورة أفريقية" في أكتوبر 1983 بعد خمسة شهور من بدء تمردها على السلطة المركزية.
عمل أكول، وهو أستاذ سابق بجامعة الخرطوم، لخدمة أجندة الحركة الشعبية من داخل العاصمة والمدن الأخرى بأمر من رئيسها جون قرنق، وتم تعيينه في ذات الوقت عضواً في اللجنة المركزية للحركة الشعبية لتحرير السودان. هرب سراً من الخرطوم ليلحق بقوات الحركة الشعبية في أثيوبيا، وأصبح قائداً لتلك القوات الموجودة في الأراضي الأثيوبية المتاخمة للسودان.
في 19 أغسطس 1989م، تولى أكول رئاسة أول وفد للحركة الشعبية يفاوض حكومة الإنقاذ، التي وصلت السلطة في يونيو 1989م، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
انشق عن الحركة الشعبية وكون مع بعض رفاقه، ومنهم رياك مشار، ما عرف بمجموعة الناصر في عام 1991م، ثم تولى رئاسة الحركة الشعبية لتحرير السودان (الفصيل المتحد) وهو فصيل مسلح منشق.
خاض معارك ضارية ضد الحركة الشعبية، التي انشق عنها، أسفرت عن سقوط آلاف القتلى من الطرفين، وعرفت هذه الحرب عند الجنوبيين ب"حرب المثقفين".
في 1997 وقع د.لام أكول على رأس الجيش الشعبي لتحرير السودان (الفصيل المتحد) "اتفاقية فشودة" مع الحكومة السودانية أسوة باتفاقية الخرطوم للسلام التي وقعها نظيره رياك مشار في أبريل 1997م مع حكومة الرئيس البشير، وقد حظيت تلك الخطوة بمباركة "رث" الشلك.
"
يقطع مراقبون بأن لام أكول الذي أكمل ترشيحه لمنصب رئيس حكومة الجنوب سيكون منافساً شرساً لسلفاكير
"
ويقطع مراقبون بأن لام أكول الذي أكمل ترشيحه لمنصب رئيس حكومة الجنوب سيكون منافساً شرساً لسلفاكير، نظراً للشعبية الكبيرة التي يحظى بها الرجل في منطقة أعالي النيل الكبرى والاستوائية وجزء من بحر الغزال، ولكنهم يستبعدون تماماً تأسيس تحالف أو تنسيق بينه وحليفه القديم د.رياك مشار (لا يزال في الحركة الشعبية)، المنحدر من قبيلة النوير المنافسة لقبيلة الدينكا، لأن الشلك لا يمكن أن يرضى بهم زعماء الدينكا ولا النوير حكاماً، ومشار لا يسطيع أن يجاهر بمساندته للام أكول حتى لا يفقد شعبيته لصالح منافسه على زعامة النوير فاولينو ماتيب، فيما يقول آخرون بغير ذلك ويذهبون في زعمهم هذا بالضجر البائن لدى معظم الجنوبيين من سيطرة الدينكا ويرجحون التحالف سراً بين الرجلين للإطاحة بسلفا.
معركة.. أبناء الآلهة
كير المولود بولاية بحر الغزال عام 1951 ينتمي لقبيلة الدينكا والتي تسيطرعليها الخرافة لدرجة أنها تمثل عندهم عنصراً أولياً لبناء العقل، حيث تدل على خصوبته. وتقول خرافة الدينكا، إن جدهم جميعاً ولدته سيدة تدعى (ألوت) والتي تعني بلغة الدينكا بنت المطر، واسمته (دينج ديت) وتعني في لغتهم ربنا الكبير، وباعتقاد السيدة ألوت أنه الصلة بينها والله خالق الخلق. ويعتقد الدينكاويون أن (ألوت) صعدت إلى السماء ذات يوم تاركة (دينج ديت) مع جمهور من الدينكا ليكون نبراساً مضيئاً في دنياهم.
ومن ذلك الوقت يخصص أهالي قبيلة الدينكا بقرة واحدة باسم (ديت) وسط أبقارهم تيمناً وتبركاً، ولا يحق لهم بيعها، وإنما يحسنون تربيتها لتتكاثر عندهم ويستفيدون منها في الزواج وشرب الحليب وأكل لحمها.
ويقول أحد رجالات الدينكا اسمه جون البير لصحيفة الرياض السعودية إنه وفي مطلع كل سنة جديدة يذبح كل شخص ثوراً أو خروفاً سميناً، وذلك قرباناً لروح (دينج ديت) وتحديداً في أول موسم الأمطار والحصاد وفي أول نضوج الذرة، ولا بد أن تكون ذبائح (دينج ديت) من أفضل القطيع.
ويطغى عندهم حبهم وولعهم للأبقار وتربيتها والذود عنها، وبحسب البير، فإن جد الدينكا قال لهم في وصاياه إن الزواج بالأبقار وكذلك الدية والتعويض عن أجزاء الجسم، كلها بالأبقار.
"
ولأن الدينكا، بحسب أساطيرهم، خلقوا ليحكموا، فإن كير سيحصد وفقاً لهذه الوصايا جميع أصوات أبناء قبيلته
"
أوصى (دينج ديت) جميع الدينكا بأن لا يقربوا الزنا، ولا يسرقوا، أو يضاجعوا زوجات غيرهم.
وللدينكا صفات الكرم وحسن الضيافة، فهم يأوون الغريب والطريد ويبرون به. ونجد الدينكا في مكان يحفظون ويراعون ويطبقون وصايا جدهم (دينج ديت) ويتواصون بها أباً عن جد.
ولأن الدينكا، بحسب أساطيرهم، خلقوا ليحكموا، فإن كير سيحصد وفقاً لهذه الوصايا جميع أصوات أبناء قبيلته والتي تمثل 11% من سكان الجنوب، لكنه سيحتاج بالقطع إلى أصوات قبائل أخرى حتى يضمن الفوز وبالعودة إلى المقال الذي كتبه وزير التعليم العالي بيتر أدوت، فإن مهمة سلفاكير لن تكون سهلة في اختراق القبائل الأخرى والفوز بأصواتها خاصة القبائل الاستوائية، والتي قال أدوت إنها باتت تفضل (دكتاتورية الجلابة على دكتاتورية الدينكا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.