وجه الرئيس التشادي إدريس ديبي أمس الثلاثاء نداءين للحركات المسلحة في دارفور والمعارضة التشادية المتمركزة في السودان، بضرورة وضع السلاح والدخول في تسوية سلمية تنهي الحرب في البلدين الجارين. وأعلن الرئيسان السوداني والتشادي "طي صفحة الخلافات". ودعا ديبي في ختام زيارته للسودان معارضيه المتمركزين في دارفور إلى العودة إلى بلادهم والمشاركة في الانتخابات المقبلة. وقال في كلمة ألقاها في قاعة الصداقة في الخرطوم أمس "إنني أطلب منهم أن يختاروا طريق العقل وأن يعودوا إلى البلاد". وأضاف: "أتعهد بأن أوفر لهم كل الضمانات الأمنية حتى يتسنى لهم الإندماج مجدداً بشكل مشرف في الحياة العامة والمدنية في البلاد طالما أنهم سيحترمون المؤسسات والقوانين واللوائح". وأكد ديبي أنه "لم يعد الوصول إلى السلطة عن طريق فوهة البندقية بل من خلال صناديق الاقتراع، وفي هذا السياق باتت تتوافر الآن في تشاد الشروط اللازمة لتنافس سلمي في انتخابات حرة وديموقراطية وشفافة". وستجرى انتخابات تشريعية في تشاد في نوفمبر المقبل تليها انتخابات رئاسية في أبريل 2011. ديبي: أتيت للخرطوم بلا ضغوط كما أكد إدريس ديبي اهتمامه بحل قضية دارفور ووجه نداءً عاجلاً لحاملي السلاح بدارفور لوقف العدائيات. وأعلن أن إنجمينا تؤكد أن منبر الدوحة هو المنبر الأمثل لحل قضية دارفور وأنها تقف مع هذه الجهود دون تحفظ. وقال الرئيس التشادي إنه اتفق مع البشير على أن حل مشكلة دارفور يتم بالحوار، داعياً كل الأطراف المعنية للعمل معاً لحل الأزمة، مناشداً الحكومة السودانية بالتحلي بالمرونة وحث حاملي السلاح على الحوار. وأعلن أنه اتفق مع البشير على طي الخلافات وبدء صفحة جديدة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار بالبلدين. وقال إن زيارته للسودان جاءت ليمد يده للبشير والسودان من دون أي ضغوط ليعملان معاً لإزالة الأضرار التي لحقت بالبلدين جراء الخلافات والحروب. وزاد: "أدركت أنا والبشير أن خيار السلام هو الأصوب وأن صنع السلام والتنمية يحتاجان ويتطلبان التعاون والبناء". وأضاف ديبي: "الأخوة ووحدة المصير المشترك بين السودان وتشاد ثابتة وستظل". وتابع: "أتيت بقلب مفتوح ويد ممدودة للسلام ولا أشك أن البشير يبادلني ويشاركني نفس الشعور وأن من واجبنا تطبيع العلاقات". البشير يطوي صفحة الخلافات من جانبه، أكد الرئيس السوداني عمر البشير، أن السودان وضع حداً نهائياً لصفحة الخلافات مع تشاد وعلى استعداد لتطبيع العلاقات معها. وأكد مسؤولون سودانيون أن البشير وافق على دعوة وجهها له ديبي لزيارة إنجمينا قريباً. وقال البشير، في مؤتمر صحفي مع إدريس ديبي، الذي بدأ الإثنين زيارة هي الأولى إلى الخرطوم منذ ست سنوات، "بهذه الزيارة وضعنا حداً نهائياً للمشاكل بيننا". وأضاف: "أقول لشعبينا في السودان وتشاد نحن بهذا طوينا صفحة المشاكل بيننا نهائياً واتفقنا على العمل سوياً لتحقيق الأمن والاستقرار وجعل الحدود بيننا منطقة لتبادل منافع". وقال: "عندما أبلغنا بأن الرئيس ديبي سيأتي إلى الخرطوم فوجئنا ولكنها مفاجأة سارة". وكانت العلاقات بين السودان وتشاد جيدة نسبياً مع بداية النزاع في إقليم دارفور قبل سبع سنوات، ولكنها أخذت في التدهور اعتباراً من العام 2005، عندما بدأ كلٌّ من النظامين السوداني والتشادي في اتهام الآخر بدعم المتمردين المناهضين له لأسباب مختلفة. ووقع البلدان عدة اتفاقات لتطبيع العلاقات غير أنها ظلت حبراً على ورق خصوصاً اتفاق عدم الاعتداء الذي وقعاه في داكار في مارس 2008. إعادة فتح مؤسسات سودانية بتشاد في ذات السياق، أفاد مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، أن الرئيس التشادي أكد استئناف رحلات الخطوط الجوية السودانية بين الخرطوم وإنجمينا إبتداءً من الأسبوع القادم، وإعادة فتح المؤسسات السودانية بإنجمينا ومن بينها مدرسة الصداقة والمركز الثقافي السوداني والقنصليات التي أغلقت في الجنينة وأبشي فوراً. وأشار إسماعيل إلى أن ديبي وجه، أيضاً، باستمرار تنفيذ بروتوكول التوأمة بين الخرطوم وإنجمينا، وتنشيط زيارات الوفود الشعبية وإقامة المعارض التجارية والثقافية بين البلدين. وتم الاتفاق في هذا السياق على تنظيم معرض سوداني تجاري ثقافي في إنجمينا خلال الأسابيع القادمة. ووقع السودان وتشاد في إنجمينا في منتصف يناير الماضي اتفاقية "لتطبيع العلاقات" تتضمن ملحقاً أطلق عليه "بروتوكول تأمين الحدود" يقضي بنشر قوات مشتركة في المنطقة الحدودية. ويتمركز حالياً في دارفور غالبية رجال "اتحاد قوى المقاومة" وهو تجمع يضم فصائل المتمردين التشاديين الرئيسية. وخلافاً للمتمردين الدارفوريين المدعووين لمفاوضات سلام، فإن المتمردين التشاديين الموجودين في دارفور لا يشاركون في أي عملية سياسية لإنهاء النزاع بينهم وبين النظام التشادي. وتنتشر على حدود البلدين التي تمتد لمئات الكيلومترات 18 قبيلة مشتركة، الأمر الذي يجعل الاستقرار والأمن لازمين.