أيد البريطانيون انسحاب بلادهم من عضوية الاتحاد الأوروبي، حيث أظهرت النتائج النهائية للاستفتاء التي أعلنت الجمعة، فوز معسكر "الخروج" ، بنسبة 51,9%، مقابل 48,1 من الأصوات لصالح البقاء، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للاستقالة. ووجهت نتيجة الاستفتاء البريطاني أكبر ضربة منذ الحرب العالمية الثانية للمشروع الأوروبي لوحدة أوسع. وتراجعت قيمة الجنيه الإسترليني لما يصل إلى عشرة في المئة أمام الدولار مسجلاً مستويات لم يشهدها منذ 1985 وسط مخاوف من أن يضر القرار بالاستثمار في خامس أكبر اقتصاد في العالم، وأن يهدد دور لندن كعاصمة مالية عالمية ويغلف المشهد السياسي بالضباب لشهور. واتجهت الأسهم نحو واحد من أكبر الانخفاضات في التاريخ وفقدت الشركات الأوروبية مليارات الدولارات من قيمتها، وتكبدت أسهم البنوك الكبرى في بريطانيا خسائر أفقدتها 130 مليار دولار من قيمتها. خسارة كاميرون " كاميرون الذي قاد حملة البقاء لكنه خسر مقامرته يقول إن الشعب البريطاني اتخذ القرار الواضح جداً بالتحرك في مسار مختلف "وقال كاميرون -الذي قاد حملة البقاء لكنه خسر مقامرته عندما دعا للاستفتاء قبل ثلاثة أعوام- وهو يغالب انفعاله إنه سيستقيل من منصبه بحلول أكتوبر المقبل. وأضاف في كلمة بثها التلفزيون من أمام مقره في عشرة داونينج ستريت "الشعب البريطاني اتخذ القرار الواضح جداً بالتحرك في مسار مختلف ومن ثم أعتقد أن البلاد تحتاج قيادة جديدة تأخذها في هذا الاتجاه". وقد يحرم الخروج بريطانيا من تجارة السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وسيتطلب منها أن تبرم اتفاقات تجارية جديدة مع بلدان العالم، وقد تتفكك المملكة المتحدة نفسها في ظل دعوات من زعماء اسكتلندا -التي أيد نحو ثلثي ناخبيها البقاء في الاتحاد الأوروبي- لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال. من جانبه سيتضرر الاتحاد الأوروبي اقتصادياً وسياسياً مع رحيل دولة لم تكن فقط أقوى مناصر لاقتصاد السوق الحر، لكنها أيضاً تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي وبجيش قوي. وسيخسر الاتحاد نحو سدس ناتجه الاقتصادي دفعة واحدة. وشجعت النتيجة المتشككين في البقاء في الاتحاد الأوروبي بدول أخرى، وطالب زعماء شعبويون في فرنسا وهولندا بإجراء استفتاءات للانسحاب من التكتل. صدمة أوروبية " الحملة التي استمرت أربعة أشهر كانت من بين أكثر الحملات إثارة للانقسام في بريطانيا، في ظل تبادل الجانبين الاتهامات بالكذب والترهيب "وأصابت الصدمة تكتلاً أوروبياً يعاني بالفعل أزمة دين في منطقة اليورو وهجرة جماعية غير مسبوقة ومواجهة مع روسيا بسبب أوكرانيا، وتشهد الأحزاب المعادية للهجرة وللاتحاد الأوروبي صعوداً في جميع أنحاء القارة الأمر الذي شكل ضغطاً غير مسبوق على مؤسسة يسار ويمين الوسط التي تحكم أوروبا منذ عقود. وكانت الحملة التي استمرت أربعة أشهر من بين أكثر الحملات إثارة للانقسام في بريطانيا، في ظل تبادل الجانبين الاتهامات بالكذب والترهيب واندلاع خلافات بسبب الهجرة يقول البعض إنها كشفت في بعض الأحيان عن عنصرية علنية. كما كشفت الحملة انقسامات عميقة في المجتمع البريطاني، واستمد مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي دعماً من ملايين الناخبين ممن شعروا بأن العولمة أثرت سلباً عليهم ولا يرون أي منافع من التعددية العرقية واقتصاد السوق الحر في بريطانيا. وبلغ الأمر ذروته بطعن نائبة في مجلس العموم مؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي وإطلاق عليها النار إلى أن لقيت حتفها في الشارع، وقال المتهم أمام المحكمة في وقت لاحق إن اسمه "الموت للخونة، الحرية لبريطانيا". وأيد الناخبون الأكبر سناً الخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما كان مؤيدو البقاء فيه من الشبان في الأساس.