——————————- ▪️ابنعوف رجل عاش وسط الحلاوين وعاصر ثورة الثائر عبد القادر محمد إمام الشهير «بود حبوبة»، وأعجب بجسارة الحلاوين وثباتهم في مواجهة الإنجليز، واستهانتهم بالمدافع التي أحاط بها الإنجليز الحلاوين، وعندما طلب أحد الضباط الإنجليز من ابنعوف الخروج من منطقة الحلاوين لأنه لا ينتمي إليهم، جاء ردّه قوياً (والله أنا حلاوي وأبوي حلاوي وأمي حلاوية وزوجتي حلاوية وحماري دا حلاوي)، تلك حكاية واقعية تُروى، ولكنها تحمل دلالات عظيمة، وهي ان منطقة الحلاوين بقعة مُباركة تمنح مواقفها وشجاعتها وجسارتها، وفكرتها وفنها وثقافتها وإنتاجها للوطن، لأنها منطقة عزيزة هواها السودان وهوايتها أن يكون الجميع من أجل وطنهم، هنا تأتلق المبادرات وتتنافس الأفكار ويتنفّس الفن ويستنشق هواءً نقياً، وتطل فكرة توظيف الفن والإبداع من أجل النهضة وتخليق بيئة جديدة، ربما كانت ضربة بدايتها ثلاثية متناسقة هي جمعية تطوير المنطقة ومهرجان شكيرة وجمعية تطوير المرأة وغيرها من مبادرات مبتكرة من أجل النهضة والتطوير. ▪️ولمن لا يعرف هذه المنطقة المباركة وتاريخها نقول إنها أرض المبادرات الوطنية الموفقة، في كل المجالات الدين، والعلم، والفن، والشجاعة والذكاء المشهود. فعلم الشيخ البصير الكبير، يقصده طلاب المعرفة من كل بقاع السودان، بل إن الشيخ احمد الطيب البشير تلميذ سمان المدينةالمنورة وصاحب الطريقة السمانية الشهير، قد اختار الشيخ القرشي ود الزين (حفيد الشيخ مختار الحلاوي من بنته الزيارة ليكون تلميذه)، وبذات الاهتمام يبشر ابن خالة القرشي الخليفة الماحي ود الجبارة حفيد مختار الحلاوي من بنته الرسالة، بأنه سيكون تلميذاً لأحد أشراف مكة، لتتحقق بشارته بالفعل فيصبح الخليفة الماحي أول خليفة للسيد محمد عثمان الميرغني الكبير في السودان، وذلك قبل أن ينجب الميرغني ابنه السيد الحسن الميرغني راجل كسلا الشهير بعد زواجه من بنت الشيخ علي جلاب في بارا بكردفان. إذن علاقة المنطقة وعطاؤها وخدمتها للدين والعقيدة قديم جداً ومتوارث منذ عهد الشيخ محمد أبو المطايب في أم سوتيب، مروراً بالفكي رحمة الحلاوي والشيخ البصير والفكي يوسف، والشيخ الفقيه العالم ود زروق والشيخ أبو الحسن، والفكي عبد الله والشيخ احمد البصير بلوغاً للداعية الإسلامي والعالم الجليل الشيخ محمد الأمين القرشي، رائد الدعوة وصاحب المبادرة بنشر الإسلام في مناطق جبال النوبة وما حولها، وصاحب المؤلفات، في مختلف ضروب العلم، والمحقق لسيرة الفقيه السوداني الدنقلاوي يزيد بن أبي حبيب والذي نقل عنه البخاري العديد من أحاديث رسول الله، والذي نال شرف التدريس بمصر معاصراً للإمام الشافعي، حيث جلس على كرسي عالمية الفقه والذي لم يسمح بالجلوس عليه يومها إلا له والإمام الشافعي. ▪️والمنطقة موطن الحكماء وسادة فن الإدارة وتوظيف الذكاء الفطري، من لدن الناظر مساعد ود احمد ثم الناظر الحكيم محمد ود إمام ، وحتى الأمين محمد الأمين أحد أنبه قادة اتحاد مزارعي الجزيرة، ثم انها رائدة العلم وأم العلماء في مجالات التربية والتعليم، والطب والهندسة والزراعة والابتكارات الصناعية، وتتعدّد الأسماء والشخصيات بحيث يصعب حصرهم، ولكن نكتفي بذكر بعضهم أمثال الأجلاء محمد الطيب عمر والطيب قرشي والطيب الطائف ومصطفى محمد نور وبروف قرشي محمد علي ودكتور ابراهيم محمد نور وعوض عباس حسن وحسن أحمد عثمان وأحمد الفكي آدم وعبد العزيز الخليفة وعبد الوهاب موسى (صاحب المخترعات) وآدم محمد زين وعبد الرحمن اللحوي وغيرهم كثير ممن يستحق التكريم والإشادة. ▪️كل ما ذكرناه ينتهي بنا إلى ما يجمع شباب المنطقة وقادتها في مجالات الفن والثقافة والعمل الاجتماعي على تنفيذه من مشاريع نهضوية، ينتظر أن يكون مهرجان شكيرة الخطوة المفتاحية، لنهضة شاملة تنتظم المنطقة وفق نظم علمية وخُطط مدروسة، تحدث تحولاً عظيماً في المنطقة، فالتحية للمجموعات التي تتصدى لإنجاز هذا المهرجان د. عبد الرازق والفنان الشامل عاصم الطيب قرشي والفنان الواثق الأمين والشاعر إيهاب الأمين والفنان أكرم معتصم الحسن وارث الصوت الجميل من جده فنان الحلاوين محمد محمود والمخرج الإذاعي الشهير حسب الرسول كمال الدين (ابن عم الفنان الأشهر بادي محمد الطيب) والدكتور عبد النور محمد الماحي والفنان والمصمم العالمي عمار علي عبد القيوم وياسر محمد دفع الله (ود الكرستناوي) وكل من فات علينا ذكره ممن يقودون هذ العمل العظيم، وأعني به مهرجان الحلاوين الكبير، والذي يمثل نقطة تحول كبرى نحو نهضة المنطقة، ونموذجاً للمبادرات التي يحتاجها الوطن الحبيب السُّودان.
