كشف ميثاق التأسيس الذي وقعته قوى سودانية في العاصمة الكينية عن المضي ببناء دولة علمانية فدرالية لا مركزية، وتشكيل حكومة مدنية في الوقت القريب تكون معنية بتحقيق السلام. وكانت قوى سودانية تضم والحركة الشعبية برئاسة عبدالعزيز الحلو، والجبهة الثورية، وأحزاباً سياسية على رأسها حزب الأمة القومي، وجماعات أهلية ونقابية، قد وقعت ليل الأحد على ما سمته "الميثاق التأسيسي" للدولة السودانية. وأكد الموقعون على ميثاق التأسيس العمل على إنهاء الحروب، من خلال مخاطبة ومعالجة جذور المشكلة السودانية، وتأسيس دولة سودانية جديدة على أسس عادلة ومستدامة، وعقد اجتماع يبنى عليه الدستور، قوامه الحرية والعدالة والمساواة والسلام المستدام، والتعايش السلمي. وأشار الميثاق، الذي اطلع عليه "إرم نيوز"، إلى أن الانقلاب الذي نفذه الجيش على حكومة الفترة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021 أنهى آمال السودانيين في الحكم المدني الديمقراطي، مبينا أن الانقلاب كان بهدف تمكين الحركة الإسلامية مرة أخرى من السيطرة الكاملة على مفاصل البلاد، مما أدى لاحقًا إلى إشعال حرب 15 أبريل 2023. حظر الأحزاب الدينية وحظر الميثاق تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني، أو قيام أي حزب أو تنظيم بالدعاية السياسية على أساس ديني أو عنصري. وأكد أن المناهج التعليمية تؤسس وتصاغ وتصمم أهدافها وفقا للتنوع التاريخي المعاصر، على أن يطور منهج التربية الوطنية وتتم إعادة كتابة التاريخ الاجتماعي والسياسي للشعوب السودانية. وأوضح أنه في حالة عدم الإقرار ب أو النص على العلمانية، التي تفصل الدين عن الدولة، في الدستور الانتقالي والدستور الدائم المستقبلي أو انتهاك أي مبدأ آخر من المبادئ فوق الدستورية، يحق لجميع الشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير. وأشار الميثاق إلى أن المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات الدستورية دون أدنى تمييز على أساس ديني، أو لغوي، أو جهوي، أو بسبب الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعاقة أو أي شكل من أشكال التمييز. وأضاف أن "الهوية السودانية ترتكز على حقائق التنوع التاريخي والمعاصر للدولة السودانية في ظل سودان جديد يقوم على أسس الحرية والعدالة والمساواة ويكون التنوع مصدرا للثراء الثقافي والاجتماعي". حل حزب البشير ونص الميثاق على حل وتفكيك حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وجمعياتهما ومنظماتهما وواجهاتهما، وتصادر كل ممتلكاتهما وأموالهما وأسهمهما، سواء كانت باسمهما أو باسم أي من جمعياتهما أو واجهاتهما أو منظماتهما لصالح وزارة المالية والاقتصاد الوطني. وشدد على الالتزام بالعدالة والمحاسبة التاريخية، وإنهاء الإفلات من العقاب من خلال محاكمة كل من ارتكب جرائم بحق الوطن والمواطن، خاصة انتهاكات حقوق الإنسان، وإعادة الثقة بالسلطة القضائية وأجهزة الدولة عبر ضمان استقلالها وفاعليتها في تنفيذ القانون. وأكد الميثاق على الالتزام الصارم بمبدأ سيادة حكم القانون، وانصاف الضحايا، وتسليم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتهيئة الظروف الملائمة لعودة النازحين واللاجئين. جيش واحد ونص الميثاق على تأسيس جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس التعدد والتنوع اللذين تتسم بهما الدولة السودانية. وأشار إلى أن الجيش الموحد يخضع من أول يوم من تأسيسه للرقابة والسيطرة المدنيتين، ويعكس في تكوينه أقاليم السودان كافة على أساس التوزيع السكاني العادل، ويكون مستقلا عن أي ولاء أيديولوجي أو انتماء سياسي أو حزبي أو جهوي أو قبلي. ويقتصر دور الجيش الموحد على حماية البلاد وأراضيها وسيادتها الوطنية، وصون النظام الديمقراطي، وضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، دون أي تدخل في الشأن السياسي أو الاقتصادي، وفق الميثاق. وأكد تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية او جهوية وتعترف بالتنوع وتعبّر عن جميع مكوناتها على قدم المساواة. وأشار إلى ضرورة "كفالة الحريات والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان الدولية، خاصة العدالة الدولية". كما تضمن الميثاق "تأسيس نظام حكم لا مركزي حقيقي يقوم على الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية".