على خطوات تنظيم "لواء عبد الله جمّاع":    البرهان: وهم البطولة وسخرية المصير    تعيين اللواء عباس في المنصب هو الأول منذ إتفاقية نيفاشا    إسرائيل تعلن عن "مساعدات إنسانية عاجلة" لجنوب السودان    البرلمان الليبي يصادق على تكليف خالد حفتر رئيسًا لأركان الجيش    على سبيل المزاح.. مقطع فيديو يوثق إطلاق ليبي «أسدًا» على عامل مصري يُثير موجة من الغضب    مناوي يدعو إلى "فتح صفحة" مع الإمارات    قائمة الأندية الأوروبية التي اعتمدت على اللاعبين الشباب    في وجع قديم متجدد لمليشيا الدعم السريع تُصفى مواطن غلبان من أهلنا في دارفور    أخبار المناجل: لو طلعت منو يطلع منك كيف؟    وزارة الداخلية المصرية تبعد سوداني خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    انتعاش تسجيلات اللاعبين الرئيسية بحلفا الجديدة    رئيس القوز ابوحمد يطرح خطة طموحة لتطوير النادي ويؤكد: الموسم القادم سيشهد نقلة كبيرة    الهلال يكتب فصلاً جديدًا... بين المحترف والوطني يلوح موسم استثنائي    عائشة الماجدي تكتب ✍️ وترجل المُهيب نصرالدين    آرسنال يُسقط مانشستر يونايتد في قمة افتتاحية البريميرليج    المركزي ينفي صحة الخطاب المتداول بشأن تجميد حسابات شركة تاركو    السعودية.. أمر ملكي بإعفاء ثلاثة مسؤولين بارزين من مناصبهم    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    عقوبة غريبة.. منع أستون فيلا من "جامعي الكرات"    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    شاهد بالفيديو.. من أحد أحياء القاهرة.. مراهقون سودانيون يذرفون الدموع لحظة وداعهم لصديقهم العائد إلى أرض الوطن    شاهد بالفيديو.. عريس سوداني يفاجئ عروسته و"يبخ" كمية من الحليب على وجهها وصديقاتها يطالبنها بالرد    شاهد بالفيديو.. حسناء سودانية تحكي قصتها مع "التمباك" بعد أن قامت بشحنه داخل "حقيبتها" أثناء إحدى السفريات وتم ضبطها وتوقيفها    قمة نارية.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    شغف غناء الحماس والسيره. الفنان القادم في سماء الغناء الشعبي .بكري الخامسة    يهدد أراضي 8 دول عربية مشروع"إسرائيل الكبرى"    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرهان: وهم البطولة وسخرية المصير
نشر في الصيحة يوم 18 - 08 - 2025


د. الوليد آدم مادبو
"الجبناء يموتون مرات قبل موتهم، أما الشجعان فلا يذوقون الموت إلا مرة واحدة."
وليام شكسبير (هاملت)
في كل المحطات التاريخية الحرجة يظهر قائد يصوغ مصير شعبه، أو ينكفئ ليصبح ظلاً تافهاً في دفتر التاريخ. عبد الفتاح البرهان اختار الدور الثاني. فالرجل لم يجرؤ منذ اندلاع الحرب على اتخاذ موقف صريح يحسم خياراته؛ بل ظل رهينة التردد، يلوذ بالصمت حين يستلزم الموقف كلمة، ويهرع إلى التسويات المبتورة حين يتطلب الموقف إرادة صلبة.
لقاؤه الأخير مع المبعوث الأميركي في سويسرا لم يكن سوى حلقة جديدة في مسرح العبث السياسي: لقاء محجوب عن شعبه، غارق في التسريبات، ومفتقر إلى الشفافية. ومع ذلك، تهافت الإسلاميون وعلى رأسهم المجرم علي كرتي ليصنعوا من اللقاء مادة للتخويف والابتزاز: إن خرج البرهان عن خطهم، فمصيره الاغتيال السياسي، وربما الجسدي. هكذا صار "القائد العام" مجرد أسير لدى جماعة تتغذى على الدم وتسترهن الوطن بكليته لمشروعها المتهالك.
ولعل أكثر ما يثير السخرية أن البرهان الذي لم يسجّل في تاريخه لحظة واحدة مشرّفة يجرؤ على القول: "أتمنى أن يذكرني التاريخ كقائد انتصر على أكبر مؤامرة دولية على السودان". أي تاريخ هذا الذي سيتكرّم بذكر رجلٍ بدأ مسيرته ببيع النمر العسكرية وهو ملازم صغير، ثم ترقّى ليبيع المواقف والولاءات وهو قائد عام؟ أي تاريخ هذا الذي سيتسامح مع رجل تخلى عن المواقع الاستراتيجية للجيش مقابل رشاوى، بارك الخطة الاستعمارية للجارة الشمالية، وسارع للتطبيع مع العصابة الصهيونية؟.
أيُّ تاريخ سيغفر لرجل غدر بشعبه في ميدان الاعتصام، وتآمر على الإرادة الوطنية بانقلاب بائس، ثم أطلق الرصاص على شباب رفضوا خيانته؟ وأي صفحات مجيدة يمكن أن تسع قائدًا جبانًا أعجز من أن يوقف عودة الإسلاميين إلى السلطة، حتى صار شريكًا لهم في حربٍ شردت الملايين ودمّرت البلاد؟.
إن الحقيقة التي لا يريد البرهان الاعتراف بها أن استمراره في الحرب هو الضمان الوحيد لبقائه على قيد الحياة السياسية. أما السلم، فإنه يتطلب منه ما لا يملك: الشجاعة. الشجاعة في أن يفكك تحالفه مع الإسلاميين، أن يواجه تهديداتهم، أن يضع مصلحة السودان فوق مصلحته، وأن يقول لشعبه الحقيقة كاملة. لكنه لا يملك إلا المراوغة والتسويف، وكأن التاريخ ينتظره حتى يتعلم فنون القيادة.
الإسلاميون أنفسهم يعرفون هشاشته، ولذلك يستعملونه كورقة مؤقتة، وسيتخلصون منه لحظة يشعرون بأنه خرج عن طوعهم. فإما أن تلفظه الإرادة الوطنية لأنه خانها مراراً، أو أن يغتاله الإسلاميون لأنه لم يعد صالحاً للاستعمال، فلا أحد غيرهم يجترئ على المقدس أو يهزأ بحرمة الأرواح. في الحالتين، لن يكون البرهان بطلاً قومياً ولا حتى شهيداً سياسياً، بل مجرد "جندي احتياط" في معركة لم يخضها بضمير.
هكذا إذن، لا يقف البرهان اليوم في مفترق طرق كما يتوهم، بل في نهاية ممر ضيق يفضي إمّا إلى هاوية تُلقيه فيها الإرادة الوطنية التي لم يعد جزءًا منها، أو إلى مقصلة الحركة الإسلامية التي لم يعد صالحًا لخدمتها. إن وهم البطولة الذي يحاول أن يتدثر به لا يخدع إلا نفسه، أما المصير فقد سخر منه قبل أن يكتبه التاريخ: قائدٌ بلا شجاعة، سياسيٌّ بلا رؤية، وجنديٌّ بلا شرف. والتاريخ، الذي ادّعى البرهان أنه سيذكره كمنقذ السودان، لن يفعل أكثر من أن يضعه في الهامش، هامش الخونة والجبناء، حيث تتحول البطولات المزعومة إلى سخرية خالدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.