رشا عوض ماقادرة افهم ماذا تعني عبارات على شاكلة انت بتكرهي الحزب الشيوعي وحاقدة على الحركة الاسلامية وعندك موقف شخصي ضد مصر؟ دا كلام غير ناضج وهروب من مناقشة قضايا عامة لا مكان فيها لمثل هذا الاختزال والتسطيح! لا الحزب الشيوعي راجل أمي ولا الحركة الاسلامية مرة أبوي ولا مصر حماتي عشان أكرهم!! دا مستوى طفولي من مناقشة القضايا الكبيرة!! في موضوع مصر مثلاً، لو الأمر شخصي، أنا على المستوى الشخصي لا يوجد سبب واحد يجعلني أكره مصر! بلد عشت فيها سبعة سنوات متواصلة وللأمانة لم يصبني أي أذى منها سواء من حكومتها أو من مواطنيها الذين ساكنتهم ولم أجد منهم ما يجعلني أكرههم بل وجدت ما يجعلني أحبهم وحتى هذه اللحظة لا اتمنى لهم إلا الخير، هذه باختصار هي تجربتي الشخصية مع مصر بكل أمانة، فتجربتي الشخصية ليست مثل تجربة ذلك الشاعر الفلسسطيني الذي قال: التقينا في مطار القاهرة ليتني كنت طليقا في سجون الناصرة للاسف فوجئت بان بعض اصدقائي المصريين خاصموني بسبب انتقادي للسياسة المصرية المدمرة تجاه السودان، فكل واحد أو واحدة منهم اعتبر مهاجمة سياسة مصر تجاه السودان هجوماً شخصياً عليه وكراهية لمصر كبلد وشعب! في هذه الحالة طبعا ليس أمامي إلا أن أقول الله الغني عن صداقات تشترط مصادرة الرأي الحر، وما دمت أرفض استتباع مصر للسودان سياسياً فبداهة لن أقبل على المستوى الشخصي استتباعاً في علاقات الصداقة التي جوهرها الندية والاحترام المتبادل!! وتجربتي الشخصية الجميلة في مصر لن تجعلني اغير حقائق تاريخية ومعاصرة تثبت أن السياسة المصرية تجاه السودان تسببت لبلادنا في كوارث محسوبة بالأرقام والمشكلة أن هذه السياسات مستمرة ولا تتغير إلا إلى الأسوأ، ولذلك لن أصمت عنها لأن الصمت عنها خيانة وطنية! وبالمناسبة إعلان أي صحفي أو سياسي لموقف ناقد للسياسة المصرية فيه تضحية بالمصالح الشخصية ويدل على أن صاحبه لا ينظر أبداً للجانب الشخصي بل ينظر للجانب الموضوعي! فانتقاد السياسة المصرية ليس مجانياً مثل انتقاد السياسة الامريكية أو البريطانية أو الفرنسية! فهناك تستطيع التظاهر في الشوارع ضد تلك الحكومات ثم تتوجه إلى بيتك امنا وفي الدول الأوروبية تتوجه لصرف الضمان الاجتماعي بعد المظاهرة! انا لو بتاعة حسابات شخصية كنت حاعمل رايحة في موضوع مصر دا بالذات أما بالنسبة للحزب الشيوعي فهو جزء من الحياة العامة وبهذه الصفة من الطبيعي جداً أن يكون في دائرة النقد الذي لا يعني كراهية أو حقد أو حسد أو أي مفردة من المفردات التي تصلح للاستخدام في بيوت الأعراس والبكيات والسمايات وليس في مجال عام نتشاركه جميعا! الحكاية انني من جيل عندما بلغ رشده عمراً وبدأ في التفاعل مع القضايا السياسية كان الاتحاد السوفيتي قد تفكك وأصبح في خبر كان! ويوغوسلافيا راحت في حق الله، وتمت إزالة سور برلين وانطوت صفحة حلف وارسو وصعدت موجات جديدة في الفكر والسياسة عالمياً وتبعاً لذلك ما عاد الحزب الشيوعي السوداني بذات البريق الاسطوري في الستينات كمنصة متعالية تحتكر الاستنارة ولا يأتيها النقد إلا من جماعات الهوس الديني أو من جماهير الطائفية، بل أن منطق التطور السياسي والفكري في البلاد أفرز تيارات ناقدة للشيوعية من مواقع متقدمة عليها لا متخلفة عنها كما في الماضي، المشكلة أن بعض الشيوعيين لم يتقبلوا هذا الواقع بروح رياضية، لذلك كل من انتقدهم لا بد أن يكون شخص غير موضوعي اعمته الكراهية والحقد! وهذا هروب من النقاش الجاد لما يطرح من أسئلة يبدو أن ليست لدى الزملاء والزميلات اجابات محترمة لها!! وهذه ليست مشكلتي! أما الحركة الاسلامية فليس عليها حرج لأن منطقها هو أن الاختلاف معها هو كراهية للاسلام ذات نفسه وبغض لله ورسوله!! وهي ترى أن أعوامها الثلاثين العجاف في حكم السودان وما فعلته في البلاد من جرائم توجتها بهذه الحرب اللعينة لا يستحق مجرد كلمة نقد! ومثل هذا الجنون غير قابل للنقاش مطلقا ! كيفية التعامل مع لحظة الاختلاف هي هم معيار لاختبار النضج السياسي وكذلك أهم معيار لاختبار الصداقات الحقيقية والعلاقات المحترمة. في السودان من السهل جداً تحويل ي اختلاف سياسي أو فكري إلى خصومة وعداء وكراهية شخصية وهذا سائد في كل التيارات بدون استثناء بكل اسف! من أراد أن يرضي الجميع سوف ينقضي عمره دون أن يقول شيئاً مفيداً ! ومن أراد أن يقول شيئاً مفيداً يجب أن يكون مستعداً لخسارات كبيرة وغضب كبير ولكن لحسن الحظ هناك موضوعيين وعقلانيين خارج مستنقع الشخصنة هذا وهؤلاء هم أمل المستقبل.