في صباح يوم حار من أيام الصيف غادرت الخرطوم صوب الجنوب بمزيد من التعلق، المدينة العريقة بوقعها الثقافي والحضاري والوريث الشرعي لحضارة كوتش النوبية التي ظهرت من حوض النيل وحكمتْ تلك المنطقة ما يربو على 1500 سنة أكن لها حبا يفوق الخيال منذ أن (...)
واصلت سيري نحو العمق الأوغندي، هنا كل شئ يحمل عبق الطبيعة، وملامح البرآءة والسمرة القمحية، وآمال هرمت وشاخت، ونظرات تحمل ألف إستفهام وإستفهام، في لحظات الشروق القاني وساعات الصباح الأولى تذبل المآسي على عتبات الجمال وتتحول الأشجار إلى لوحة بانورامية (...)
"إجعله خيرا يارب" كنت أردد هذه الجملة وأنا في طريقي إلى مطار مدينة كسمايو في مستهل سفر يمتد من الشواطئ الشرقية للمحيط الهندي إلى المشارف الشمالية لبحيرة فيكتوريا العظيمة، لم تكن رحلتي هذه هى الأولى من نوعها كي يصيبني الخوف والهلع المعروف عند الرحلة (...)
جاء الدرويش بزمن كانت الصومال بحاجة ماسة إلي منقذ حقيقي ينتشل الأمة من براثن المستعمر، وينقذ منها دنس المرتزقة ومجاهيل العدو ومخالبه التي تنهش جسدهم وأنيابه التي تنهب خيراتهم، وحقيقة كان الشعب الصومالي ضاق ذرعا عن الممارسات الهمجية للإحتلال، والعذاب (...)
ولد السيد محمد عبدالله حسن عام 1864م علي الأرجح في قرية قوب فردود (Qob Fardod)الواقعة قرب مدينة بوهودلي من إقليم توغطير في الشمال الصومالي، هاجر والده من إقليم أوغادينيا الذي كانت تشتعل فيه آنذاك المقاومة الكبيرة للمسلمين بقيادة أمراء إمارة هرر (...)
العودة إلي مرفأ الذاكرة لها ألف إيقاع أوهكذا خيّل إليّ وأنا علي متن الطائرة التي هبطت علي مدرج مطار كسمايو الذي لبس أبهي الحلل بعد ترميمه والعناية الفائقة التي لقيها مؤخرا ...إستقبلتني المدينة بطريقتها الخاصة وتفردها المميز وحنانها الأمومي الطافح، (...)
لم تكن تلك الليلية من ليالي الربيع البارد في جكجكا لتمر دون أن تمنحني لذة التعامل مع الليالي الإفريقية الخانقة ذات الإيقاعات المتباينة الرائعة أحيانا والصاخبة أحيانا, وشعورا خارقا يلهب الحشى ويعكر المزاج ويبلد الذهون، وتفكيرا عميقا تتسمر العيون من (...)
في أيلول عام 2001م وبالذات الأيام التي كان العالم منهمكا بالتفجيرات الإستشهادية التي حدثت بالولايات المتحدة الأمريكية، ومشغولا بأحداث 11-9 وتحليلاتها التي أطلق عليها البعض "يوم غير التاريخ" وأيلول الأسود، كنت علي موعد مع سفر أصبح علامة فارقة في (...)
كنت علي مشارف مدينة شرقية ناعسة فوق التلال الخضراء والروابي المحيطة بالطبيعة العذراء التي تعيش حياة شاعرية هانئة في ليل ربيعي مقمر، رذاذ المطر المتقطع وزقزقة العصافير والهدؤ الشرقي البديع والهواء العليل والأوراق الحزينة التي بللها المطر وغيمة (...)
إستيقظت مبكرا في صباح يوم غائم شتائي وبعد نوم غير هانئة، بل كانت مشوبة بلحظات تراجيدية أليمة قربت المسافة بين الحلم والواقع، وكافحت في عزه كائنات غريبة وأشباح مخيفة ذات ملامح متشابهة وسحنات غريبة مشوّهة متقاربة. ناشفةالحلقوم غليظة الشفاه (...)
تمر بنا الأيام والليالي دون ان نشعروتقربنا السنون إلي أجلنا المحتومة ويومنا الموعود، وتحمل لنا الأعوام والساعات أخبارا سارة مليئة بالبهجة والحبور وأخرى ضارة مفعمة بالحزن والأسى! كما يحمل العام في طياته الأتراح والأفراح والبشائر والأنذار المبكرة (...)
بين عامي 1969 و1970 كتب يحيى حقي واحدة من افتتاحياته الباذخة بمجلة 'المجلة' حول ترجمة الشاعر الألماني العظيم 'غوته' لقصيدة الشاعر العربي 'تأبط شرا' التي يقول مطلعها: 'إن بالشعب الذي دون سلع لقتيلا، دمه مايطل'. وهي القصيدة التي أعاد ترجمتها عن (...)
بعد روايته الصادرة قبل عدة أعوام 'أوراق العائلة' وهي ككل رواياته تتسم بالواقعية المفرطة صدرت للكاتب المصري الراحل محمد البساطي روايته الجديدة التي تحمل عنوان 'الخالدية' عن سلسلة روايات الهلال التي تصدرها مؤسسة دار الهلال العتيقة.
الخالدية مدينة محمد (...)
اصدر المجلس الاعلى للثقافة كتابا هو جماع الابحاث التي القيت في الجلسة النقدية الموسعة التي اقامها المجلس تحت عنوان 'جان بول سارتر .. رؤى وقرارات' وذلك بمناسبة مرور مئة عام على مولد سارتر. وقد ضم الكتاب معظم الابحاث المشاركة لباحثين عرب واجانب بينهم (...)
القاصة والروائية هالة البدري واحدة من كاتبات جيل الوسط في مصر، أو ما يطلق عليه جيل السبعينات. قدمها يوسف إدريس منذ بداية الثمانينات واعدا قراءها بميلاد كاتبة مهمة.
وها هي البدري تواصل مسيرتها بدأب. فقبل عدة أشهر أصدرت روايتها الأخيرة 'مطر على (...)
لم يكن مدهشا، لخاصة الجماهير العربية ودهمائها، أن يراقبوا تكاثرا مفزعا لمفارز عصر الأنوار وفضلات موائد الحداثة، بينما تتساقط الكلمات من أفواه نخبتها في دفقات هستيرية تدعو للأسف، لاسيما في الموقف المخزي من الثورات العربية المتصاعدة. وكأن انهمار هذه (...)