مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    حمّور زيادة يكتب: من الخرطوم إلى لاهاي    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السر سيد أحمد يكتب: في إعادة التأسيس (2+3)..بحثًا في الأسباب الثلاثة
نشر في باج نيوز يوم 30 - 08 - 2021

*تبرز ثلاثة عوامل رئيسية عند البحث عن الاسباب التي أدت الى سيادة ثلاثية التفكير الرغبوي وعدم ترتيب الاولويات وغياب الجدية وهي فترة الحكم الثنائي التي ألقت بتأثيراتها على مجمل أداء الحركة السياسية، والعقلية الابوية التي ميزت الممارسة السياسية استنادا الى الموروث الثقافي والاجتماعي وموارد البلاد الطبيعة التي جعلت نسبة مقدرة من السكان تعيش في قناعة على اقتصاد الكفاف وتكتفي بذلك.
*فحقيقة ان أستعمار البلاد كان ثنائيا دفع الحركة السياسية الى ملعب التركيز على الاستعانة بطرف في مواجهة الطرف الاخر، الامر الذي نتج عنه بروز المعسكرين الرئيسيين الاستقلالي والأتحادي وهو ما يعود بجذور تأسيسه النظرية في المقالات الاربع لحسين شريف في صحيفة "حضارة السودان" في العام 1920 ودعا فيها الى توحيد ادارة السودان تحت الرعاية البريطانية فقط ، وهي التي رد عليها "ناصح مخلص أمين" عبر منشور سري ودعا فيه الى التنسيق مع مصر.
*كما ان حقيقة ان السودان كان يدار من قبل وزارة الخارجية وليس المستعمرات أعطت حتى معارضي الانجليز أحساسا بخصوصية العلاقة معهم ، وظل هذا التقدير قائما وتوسع في النظرة الايجابية لكل وارد من الخارج. ويلاحظ ان المرة الوحيدة في تاريخ البرلمانية التي حاز فيها حزب واحد على الاغلبية في الانتخابات وهو الوطني الاتحادي لعب فيه العامل الخارجي دورا أساسيا بالدعم وقبل ذلك جمع شتات الاحزاب الاتحادية في حزب واحد. كما أن الخارج ظل هو منبع التيارات الحديثة من يسارية ماركسية وعروبية واسلاموية رغم الاجتهادات التي تمت من البعض لتوطين تلك النظريات في البيئة السودانية.
*على ان هذا التطلع الى الخارج تلقى دفعة قوية عبر الجانبين العسكري والاقتصادي. اذ أدى الفشل السياسي في بناء الدولة القومية القادرة على استغلال أمكانيات البلاد الطبيعية أقتصاديا واستيعاب مختلف مكونات المجتمع سياسيا، وأيجاد مساحة للأعتراض والنقد الى اللجوء الى خيار مناهضة الدولة عبر امتشاق البندقية وهو خيار يحتاج الى أسناد لوجستي ضخم توفره عادة دولة أجنبية. وبسبب موقع السودان الاستراتيجي ومحاذاته لسبع دول كان من اليسير على كل حركة متمردة ان تجد دعما ما من دولة ما تجد تعبيرا لها بصورة ما وتأثيرا حتى بعد وضع السلاح. وحققت هذه الممارسة نقلة نوعية بمحاولة الجبهة الوطنية وبدعم كامل من ليبيا غزو البلاد وأسقاط النظام المايوي في 1976، وبلغت قمتها في عهد الانقاذ حيث لم تبق حركة سياسية الا وأنتهجت لها خطا عسكريا عبر التجمع الوطني رغم انها لم تسنده بالجدية اللازمة بدليل انه باستثناء الحركة الشعبية لم ينجح أي فصيل عسكري لحزب سياسي بالوصول بعدد أفرادة الى ألفي مقاتل.
*وهذه العسكرة ببعدها الخارجي تفاقمت أثر أنفجار أزمة دارفور مما أسهم في تعطيل العمل المدني السلمي المعارض انتظارا للحلول القادمة من الخارج وأصابته بشلل تبدو أثاره ظاهرة الان في ضمور النشاط السياسي الشعبي رغم انتهاء القيود التي كانت تتذرع بها مختلف الاحزاب لتبرير عجزها. وأسوأ من ذلك فأن أنغماس حركات دارفور في الصراع الليبي وتقلبها بين مختلف الفصائل كما فصلته تقارير الامم المتحدة ينذر بانعكاسات سلبية على المشهد الداخلي بدأت أثاره في الظهور.
*وأتضح التأثير القوي لهذا العامل بعد سقوط الانقاذ. فبدلا من أن تعود الحركات المتمردة الى داخل البلاد وتصر القوى المدنية على ضرورة أجراء مباحثات السلام في الداخل كونها تحتل المرتبة الاخلاقية العليا وتقديرا للحراك السلمي المدني الذي أنجز التغيير وان الجبهة الثورية من الموقعين على ميثاق الحرية والتغيير، الا انها فضلت كلها أن تشد الرحال الى جوبا بحثا عن منبر وضمان خارجي للسلام المتوقع.
*أقتصاديا فأن سبعينات القرن الماضي وما تلاها شهدت الطفرة النفطية باحتياجاتها لمختلف أنواع العمالة، الامر الذي وفر فرص عمل لمئات الالاف من الكوادر ذات التأهيل المختلف، ومن ثم أصبح النظر الى الخارج نافذة الامل في أحداث تغيير الى الافضل على المستوى الفردي والاسري وهو ما ساعد في تعزيز ثقافة التفكير الرغبوي والتطلع الى الخارج وعدم الجدية في التعامل مع الداخل خاصة وبسبب الدعم الذي تلقاه الاسر من الخارج تمكنت من تجاوز عبء تحمل الازمات الاقتصادية في وجهها الحقيقي. وهو ما أنسحب على الدولة التي أصبحت أكثر أعتمادا على العون الاجنبي حتى في دعم موازنتها السنوية رغم العجز االذي أبدته مختلف الانظمة في بلورة سياسة مستقرة تجاه المغتربين بعد أن أصبحوا مصدرا هاما للعملات الاجنبية لصالح الخزينة العامة.
*من ناحية أخرى فالسودان يتمتع بأراض زراعية تقارب المائتي مليون فدان، وثروة ماشية بالملايين ، إلى جانب جريان عدة أنهر بعضها طوال العام، وبعضها موسمي وبمعدل معقول من الأمطار والمياه الجوفية، وعدد قليل من السكان لا يصل إلى 40 مليوناً، يقيمون في مساحات شاسعة، ولهذا فهناك إحساس مقيم أنه ليست هناك مشكلة في توفير الطعام، إذ أن نسبة مقدّرة من السكان تعيش أساسا على اقتصاد بدائي يقوم على الكفاف وبالحصول على احتياجاتها بأقل مجهود ممكن في الزراعة والرعي مثلاً.
*ومن الجانب الآخر ظل النظام السياسي انعكاساً للواقع الأبوي والعشائري السوداني، أكثر من أن يكون عاملاً على تغييره. ويظهر ذلك في أن أكبر طائفتين دينيتين في البلاد، وهما الختمية والأنصار، تحت قيادة بيتا الميرغني والمهدي، كانت لهما واجهتهما الحزبية من خلال حزبي "الاتحادي الديمقراطي" و"الأمة"، وظلا القوتين السياسيتين الرئيستين في البلاد، في الحكم والمعارضة. وساعد على ترسيخ هذا المنحى فترة تزيد على نصف قرن عاشتها البلاد تحت حكم عسكري بكل تراتبيته وتقليديته المعروفة. بل حتى القوى الراديكالية يميناً ويساراً مثل الإسلاميين تحت لافتاتهم المختلفة أو الحزب الشيوعي، انتهوا إلى الممارسات نفسها بثبات القيادة فيهما، وبطريقة أبوية على الرغم من مرور الزمن.
*فعبد الخالق محجوب، سكرتير عام الحزب الشيوعي، ظل في موقعه القيادي حتى إعدامه في العام 1971، وخلفه محمد إبراهيم نقد الذي ظل في قيادة الحزب حتى وفاته في 2012. والشيء نفسه مع الزعيم الإسلاموي الدكتور حسن الترابي، الذي ظل على قيادة الحزب منذ أن ظهر في الساحة السياسية في العام 1964 وحتى وفاته في 2016، بل واكتسب في سنوات عمره الأخيرة لقب الشيخ بكل محمولات اللقب الصوفية والأبوية على الرغم من درجة الدكتوراه التي يحملها من جامعة السوربون.
*هذه الأحزاب تعاملت بقسوة مع الأصوات الناقدة داخلها، الأمر الذي أضعف إلى حد بعيد إمكانية إحداث تغيير داخلي. لذا تعددت محاولات الانشقاق التي لم تحقق نجاحاً يذكر لتحسين مسار وأداء هذه الأحزاب، وذلك لأن الزعيم ظل هو المرجعية النهائية في مختلف الأوضاع، على الرغم من تغير الأزمان.
*(غدا: ظلال سنارية في المشروع الوطني)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.