:: قرار بتأسيس محكمة جنايات تختص بمكافحة الفساد ومخالفات المال العام، ومن مهام هذه المحكمة النظر في الدعاوى الخاصة بقضايا الفساد واستغلال النفوذ والتعدي على المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني، ومقرها بولاية الخرطوم، ويجوز لها أن تنعقد بكل ولايات السودان، هكذا الحدث.. ولو لم يأت الحدث في إطار الحملة القومية لمكافحة الفساد، لسألت: هل مكافحة الفساد بحاجة إلى المزيد من المحاكم – مختصة كانت أم غير مختصة – أم توفير الإرادة وتفعيل القوانين..؟؟ :: وبالمناسبة، ما لم تكن قد سقطت من ذاكرة الناس والحكومة، كانت هناك حملة قومية لمكافحة الفساد أيضاً، وفي إطارها شرع القوم في تأسيس آلية مركزية لمكافحة الفساد، وقد أجازوا قانونها في البرلمان.. ومنذ ثلاث سنوات إلا قليلاً، ما أن يقدم المراجع العام تقريره للبرلمان، إلا وينهض بعض النواب ويسألون بعضهم عن مصير مفوضية مكافحة الفساد، ثم يتحدثون عن أهمية هذه المفوضية، ويؤكدون للناس بأن قانونها مجاز برلمانياً..!! :: وقريباً، سوف يبلغ عُمر قانون مفوضية مكافحة الفساد (ثلاثة أعواماً)، ولا وجود للمفوضية على أرض الواقع.. مجرد قانون على الورق، منذ يناير 2016.. وقبل نصف عام، عندما سألوه عن مصير المفوضية، قال رئيس الوزراء: (عقدت اللجنة التنسيقية العليا للحوار الوطني مشاورات بشأن عمل مفوضية الفساد، ووضعت شروطاً يجب توافرها في رئيس المفوضية من بينها أن يكون قانونياً، ولديه خبرة 15 عاماً في المجال، بجانب قوميته وحياده).. ويبدو أن اللجنة التنسيقية لا تزال تجري المشاورات – منذ يناير 2016 – وتبحث عن مواطن قومي ومحايد – ومن ذوي الخبرة في القانون – ليتولى منصب رئيس المفوضية..!! :: وربما تستغرق مشاورات البحث عن مسؤول بهذه الشروط ربع قرن آخر، وينبغي على الناس والبلد (الصبر).. وبالمناسبة، كان البرلمان قد أضعف أهم مواد القانون.. وهي المادة التي تلغي العائق المسمى بالحصانة، وكانت تُقرأ في مسودة القانون: (على الرغم من أي نص قانوني آخر لا يتمتع أي شخص بأي حصانة في أي إجراءات تحقيق تتخذ بواسطة المفوضية).. وقد تم إضعاف هذا النص عندما ألزموا المفوضية بإخطار الجهة التي يتبع لها المتهم، وفي حال تخلفه عن المثول أمام المفوضية – لمدة شهر من تاريخ الإخطار – تحيل المفوضية نتائج التحقيق إلى الجهة المختصة لتباشر إجراءات (رفع الحصانة)..!! :: أي هناك حصانة في القانون.. وفي يناير العام الفائت، مخاطباً مجلس أمناء كرسي النيلين لسيادة حكم القانون ومكافحة الفساد؛ أقر النائب العام مولانا عمر أحمد بأن هناك مشكلة في (مسألة الحصانات)، ثم وعد بالعمل على سد كل الثغرات التي تكافح الفساد.. وعليه، فإن كان القانون الخاص بمكافحة الفساد لا يلغي الحصانة، ولم يتم تنفيذه على غير ذوي الحصانة منذ تاريخ الإجازة (يناير 2016)، فكيف – ولماذا- نفرح بتأسيس المحكمة المختصة بمكافحة الفساد؟.. لا جديد في أمر هذه المحكمة، إذ لا تنقصنا المحاكم، ولكن نعاني من (أزمة إرادة).. !!