دنا الرجل الأغبش التلقائي البسيط من الرجل الصالح الفتى معلم القرآن وإمام مسجد الحارة قال له متسائلاً: أراك في كل صلاة وفي كل خطبة وفي كل درس تتحدث بثقة كاملة وطلاقة ورجاء كأنك لا تشاهد دماء اهلنا في دارفور وكردفان وغزة، كأنك لا ترى القتلى والجرحى واليتامي والأرامل والجوعى والمعذبون في الأرض الذين يملأون عراء الله ويسدون الأفق، فبأي شعار تلتزم وتُصابر ونحن نتقلب على الحزن والضيم ليل نهار؟ صمت الرجل الصالح برهة ثم قال: إني با اخي لا أحزنُ على هذه القوافل التي تتسارع صوب الجنة ولا الجرحى ولا الأرامل الذين تأبوا على العدوان ورفضوا أن يرفعوا الراية البيضاء لا في السودان ولا في لبنان ولا في سوريا ولا في اليمن ولا في الضفة الغربية ولا غزة. هذه الراية البيضاء التي يترقبها الطغاة في تحالف الصليبيين والصهاينة وإن شاء الله لم ترتفع ولن ترتفع. أما شعاري فهو في طمأنينة الآية الكريمة الشفاءُ للحزانى الذين يبتسمون ظاهراً وتتمزق قلوبهم للمذلة والإهانة التي تتعرض لها خير أمة أُخرجت للناس، حينما لم يصبح في عالم البشر بصيص أمل يربط على العقول والأفئدة والقلوب والأرواح الحائرات، جاء قول جبار السماوات والأرض ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) صدق الله العظيم خرج الرجل المتسائل باكياً وأخفى الشيخ الصالح دمعاته الحرى عن تلاميذ القرآن وهنالك احتفى الزمان والمكان بأذان العشاء "الله أكبر .. الله أكبر"