كان سقوط الفاشر في يد (ملاقيط) المليشيا ومرتزقتهم انتصاراً (بطعم الهزيمة النكراء) وقد استعصت المدينة عليهم مسجلةً رقماً قياسياً بموسوعة (غينيس) العسكرية كأطول استبسال في وجه عديد الهجمات البربرية الشرسة.. تقديرات الخسائر التي منيت بها المليشيا خلال خمسمائة يوم لا تقل عن الأربعين ألف قتيل على أسوار المدينة من عديد جنسيات (المرتزقة) العابرين للحدود.. وتشاء إرادة الله ألا يكون طعم العلقم في حلوق هؤلاء (القتلة الأوباش) هو وحده ما تذوقوه وتجرعوه من هزائم ولكن صرخات القتلى الأبرياء وقد اتشحت جدران المدينة وشوارعها بآثار دمائهم الذكية تردد رجع صداها في أرجاء المعمورة.. لينتبه كل العالم ويقف مشدوهاً ومندهشاً وهو يشاهد الفظائع والجرائم التي تقشعر لها الأبدان فتنطلق الإدانات والتنديدات والمطالبات بمحاكمة المتورطين في انتهاكات القانون الدولي الانساني.. هذا أصاب جوقة المليشيا (وطمبراتها) في صمود وحلفائها في تأسيس وداعمهم الإقليمي (بالجنون) وكشف زيف كل الدعاوى الإنسانية والسياسية الكذوب على حدٍ سواء وجعلهم في مرمى السهام والانتقادات والإدانات.. فهرعت المليشيا وعلى لسان الناطق الرسمي باسمها ليعلن (القبول المتعجل) بمقترح الهدنة الإنسانية المقدم من الرباعية وبضمنها الدولة الداعمة وعرّابها مسعد بولس كمحاولة (لتجميل) قبح الوجه الجنجويدي القميئ الذي رآه العالم.. لكن هذا لم يجد فتيلاً وقد توحدّت الإرادة الدولية نحو وقف الانتهاكات والجرائم البشعة ومحاسبة المليشيا وعناصرها المجرمة ووقف تدفق السلاح من الراعي الرسمي الذي (ذهب كل مذهب) لينحنى للعاصفة التي لم تمر حتى الآن.. ثم جاء خطاب الفريق أول البرهان أمس الأول ليعمّق من جراحات المليشيا السياسية والعسكرية وحلفها المشؤوم فوضع النقاط على الحروف ليتعالى (الصراخ) في أكثر من اتجاه وقد أربك الخطاب كل معسكر الشر هذا بمصداقيته العالية ونبراته القوية ولغته الواثقة.. فقد وصف الخطاب وبكل دقة مسعد بولس ووضعه في (حجمه الطبيعي) ورد بكل وضوح على ما يسمى بالرباعية غير المبرئة للذمة بوجود الراعي الرسمي للمليشيا بضمنها وكرر على شروط الوطن نحو أي مقترح للسلام.. ولم يكن أمام حلف المليشيا وداعميها ومناصريها مقابل ذلك الوضوح والمصداقية خلاف تكرار ذات الاسطوانة الإسلاميين وعلي كرتي والحركة الإسلامية والجيش المختطف وغير ذلك من الترهات والعلف (المسيخ) في ظل كل هذه الضربات القوية السياسية والعسكرية أطل علينا (البعاتي) عبر تسجيل (مصنوع) دأبت عليه الغرف الإعلامية التي تدير الحرب ضد السودان وأهله وتحمّله من الرسائل ما تريد إرساله.. ليقول أن المليشيا توافق على هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر ومن طرف واحد (مسببةً) ذلك بوضع حد (لمعاناة المواطنين) وقد كانت أول أسباب هذه المعاناة بعد فشل انقلابهم لابتلاع الدولة السودانية.. وكالعادة وقعت المليشيا وداعميها وراعيها الرسمي في أخطاء سياسية فادحة فاضحة فليس هناك ما يسمى (بمبادرة فخامة الرئيس ترمب) الذي قال به الهالك كما ليس للاتحاد الأفريقي ولا الايقاد أي مبادارات ولا طرح لهدنة من قبلهما.. وهذا ما استند عليه خطاب الهالك وأعلن هذه الهدنة لمدة ثلاثة أشهر وكررها مرتين ولكأنه يعلم أن (مصداقيته على المحك دوماً) لذا وجب التكرار لعل ينال تصريحه قدراً من المصداقية المفقودة.. علماً بأن هذه الهدنة كان قد طرحها مسعد بوليس ووافق عليها الناطق الرسمي باسم المليشيا ولم تجدّد منذ ان رفضها مجلس الدفاع والأمن في اجتماعه بتاريخ 6 نوفمبر 2025م فما الجديد إذن الذي جعل تكرار إعلان القبول بها؟؟ ولكن الإجابة تكمن في ذات الأسباب التي جعلت المليشيا تقبل بها لإحراز مكاسب سياسية وعسكرية وبغباء لا تحسد عليه.. (تسهيل العمل الإنساني) وبلا عوائق هذه العبارة الرنانة التي وردت مسألة معلومة وشهدها الجميع بما في ذلك الهجوم على قوافل الإغاثة وحرقها وتجويع المدنيين ودفعهم لتناول (الأمباز).. ثم جاءت (فقرة مضحكة) هي الموافقة على إنشاء آلية لمراقبة تشرف عليها الرباعية والاتحاد الأفريقي والايقاد لمراقبة وقف إطلاق النار ووصول المساعدات وسبب ذلك أنه ليس هناك اقتراح من هؤلاء لتقبله المليشيا المتمردة.. ولكن المقترح من المليشيا ذات نفسها ووافقت عليه فهي غاية ما تتمناه أن تعود كطرف مقبول دولياً وإقليمياً وقد نبذها الجميع وهم يرون ما تقوم به جرائم وانتهاكات.. وكالعادة (وعشان خاطر) حلفائه في تأسيس وصمود تمنى الهالك (مسار سياسي) غير موجود أصلاً ولا مطروح يشارك فيه الجميع عدا المؤتمر الوطني وواجهاته.. لكم أن تتخيلوا هذا الغباء المطبق فهم كمليشيا متمردة (مقبولون) ويشاركوا في أي (حوار سياسي) وأيديهم تقطر دماً وسجل إداناتهم في كل المنظمات الدولية والإقليمية والحقوقية بينما تقول لنا من يستحق الحضور ومن يتم عزله.. هذه كلها رسائل الكفيل التي يود إرسالها عبر هذا التسجيل الهزيل شكلاً ومضموناً والذي لا يقنع أحداً بل ينبي عن محاصرة المليشيا المجرمة وحلفائها السياسيين عسكرياً وسياسياً وقضائياً وإعلامياً وينبي كذلك عن هزيمة المشروع الإقليمي الإجرامي الذي لم يعد بامكانه الاستمرار في (الدعم المفضوح) وقد وقف العالم كله مطالباً بوقف هذا الدعم وقد رأي آثاره قتلاً وتنكيلاً وحرقاً للجثث في محاولة لطمس معالم الجريمة.. هذا الإعلان لا جديد فيه ويضاف لسجل أكاذيب المليشيا وقد تعودنا عليها ولن يغير من الواقع شيئاً ولن يجعل من (الذئب المفترس) الذي نعرف حملاً وديعاً.