بدأنا الحديث في العمود السابق عن الدور الإجتماعي الذي يجب أن تلعبه أندية المقدمة في السودان تجاه جماهير كرة القدم السودانية تلك الجماهير العريضة التي ظلت وعلى الدوام تعطي وقتها وأموالها ومشاعرها ولا تجد أي مقابل .. حتى المقابل المعنوي المتمثل في الإنتصارات وتحقيق البطولات أصبح ضرب من مستحيل لا طائل من انتظار تحقيقه ..!! قلنا إن الغالبية العظمى من جمهور كرة القدم في كل العالم من الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة .. وبالتأكيد فإن هذا الأمر ينطبق على جمهور كرة القدم السودانية .. غالبيته من أهلي الغبش الذين يعاني الواحد فيهم جدًا لأجل توفير تكاليف حضور مباراة في كرة القدم .. وكثيرًا ما يكون الحضور على حساب أولويات حياتية أهم .. !! المشجع السوداني يعاني كثيرًا لأجل دخول ملاعب كرة القدم ومشاهدة المباريات المحلية والدولية هذا أمر يجب أن لا نتجاهله أبدًا .. علينا أن نعلم أن الحضور الجماهيري الكبير الذي يميز ملاعب كرة القدم السودانية غالباً ما يكون على حساب الخبز واللبن .. وربما مصاريف العلاج أيضاً .. ولو إفترضنا جدلاً أن المشجع يحتاج لمبلغ ثلاثون جنيهاً عندما يقرر الذهاب للملعب لمتابعة فريقه والوقوف إلى جانبه وتشجيعه تشمل مصاريف المواصلات و قيمة تذكرة الدخول وتناول بعض المرطبات ( موية زرقاء ) ثم تناول بعض ال ( سناكس ) .. (تسالي .. فول مدمس ) وغيرها من الطيبات ..!! ولو إفترضنا أيضا أن هذا المشجع يشاهد عشرون مباراة في الموسم فإننا نجد أنه يدفع حوالي ستمائة جنيه في الموسم لمتابعة مباريات فريقه .. ولو كان عدد الجماهير التي تتابع المباريات المحلية والدولية لأندية المقدمة مائة ألف مشجع فإن ما تدفعه الجماهير يساوي ستون مليون جنيه ( 6 مليار بالقديم ) ..!! والمقابل كما قلنا .. ضغط .. سكري .. وجع قلب .. !! مقترح نطرحه اليوم على أندية المقدمة مريخ هلال .. ما رأيكم في إستقطاع نسبة 10 بالمائة من دخل أي مباراة يذهب مباشرة لدعم مشاريع إجتماعية لفائدة جمهور كرة القدم السودانية .. مثلاً فإن المبلغ الذي يمكن تحصيله أن يساوي6 ملايين جنيه ( ستمائة مليون بالقديم ) .. هل تعلم أن هذا المبلغ يمكن يحل الكثير من المشاكل لو تم توجيهه في مشاريع الدعم الأصغر .. أعلم تجربة سابقة لمشروع مماثل تم من خلاله تقديم مشاريع صغيرة لعدد من الأمهات والأرامل .. لا تتجاوز قيمة تمويل المشروع ألف وخمسمائة جنيه ( مليون وخمسمائة ألف جنيه بالقديم ) .. هل تصدق أن هذا المبلغ الصغير جدًا حول مئات الأسر إلى أسر منتجة .. على سبيل المثال تم شراء ماكينة خياطة لإحدى الأمهات من سكان منطقة الكلاكلة وعدد قليل من الأقمشة .. فبدأت في مشروع لتطريز وتزيين الثياب النسائية .. صدق أو لا تصدق في أقل من عام أصبحت هذه المرأة تصدر إنتاجها لجنوب السودان كما قامت بتوظيف عدد من الفتيات لمساعدتها في العمل .. وقبل ذلك كانت عاطلة عن العمل تنتظر عطف المحسنين .. مشكلة أسرة كاملة كان حلها في ( ماكينة حياكة ) فقط .. !! و إمرأة أخرى تم تزويدها ببضاعة لكنتين صغير جدًا .. فكبرت تجارتها وتوسعت للحد الذي يكفلها وأسرتها ويقيهم شر الفقر والفاقة ..!! والأمثلة الأخرى كثيرة للغاية هناك مشاريع أخرى يمكن توجيهها لخدمة المجتمع حتى تشعر الجماهير أن هناك تواصل حقيقي بينها واندية كرة القدم الرياضية الثقافية ( الإجتماعية ) وأن العلاقة بين الطرفين ( Win win situation ) مصالح متبادلة والكل كسبان .. مثلاً نادي الشباب السعودي والذي يعتبر من الأندية التي تهتم جدًا بالعمل المجتمعي ظل على الدوام يقيم العديد من من المناشط الاجتماعية مثل المركز الصيفي لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يقوم النادي بتمويله ورعايته كل صيف ويشتمل هذا المركز على برامج متنوعة يقدمها النادي لتلك الفئة .. يمكن لأنديتنا أن تقوم بمشاريع مماثلة تخرج بها من الحيز الضيق الذي هي فيه الآن فيجعلها تستشعر نبض الجماهير التي لولاها لما كانت هذه الأندية ولما كانت أمجادها .. ولو أنها ( أي الجماهير ) قررت مقاطعة مشاهدة مباريات كرة القدم من الملعب فإن على هذه الأندية أن تتحول فورًا ل ( أفران ) ومطاعم بلدية تقدم (القراصة والفسيخ ) ..!! نرجو أن ينظر القائمين على أمر أندية المقدمة هلال مريخ لهذا الأمر ببعض الإهتمام .. فهذا يجعلها أطول قامة .. وأكثر نبلاً وقرباً من المجتمعات والجماهير التي سوف تسائل نفسها يوماً .. ما المقابل الذي نحصل عليه عندما ندفع من قوت عيالنا ..!! سد الألفية .. والمدينة الرياضية : قامت الحكومة الإثيوبية مؤخر بطرح شهادات أسهم مشاركة لمواطنيها للمساهمة في بناء سد النهضة أو سد الألفية كما يطلق عليه .. وبالمقابل سوف يكون لصاحب كل سهم حصة في الأرباح التي يحققها بناء هذا السد .. وبلا شك سوف تنجح الحكومة الإثيوبية في جمع أموال ضخمة من مواطنيها تساهم في بناء السد في فترة وجيزة .. تماماً كما حدث في تركيا عندما قررت تشييد جسر ( البسفور ) الشهير الذي يربط الجزء الآسيوي بأوربا ( بيجيبوه طوالي في مسلسل فاطنة ) .. فنجحت إنجاز هذا المشروع الضخم في فترة وجيزة .. ومازال حملة الأسهم من المواطنين الأتراك ينالون الأرباح التي يحققها هذا الجسر من رسوم التحصيل التي تفرض على السيارات التي تمر من عبره ويقدر عددها بالآلاف في اليوم ..!! كما لو تذكرون قد تقدمنا عبر هذه الزاوية بمقترح لتطبيق هذا سيناريو التجربة التركية لجذب التمويل من المواطنين السودانيين في الداخل والمهجر .. على أن ينالوا أرباحاً سنوية من الدخول التي سوف تحققها المدينة الرياضية.. الملاعب والفنادق وغيرها من مرافق إستثمارية .. وكنا قد تلقينا إتصالاً من السيد مساعد رئيس الجمهورية الأستاذ موسى محمد أحمد رحب من خلاله بالفكرة ووعد بدراستها لمعرفة إمكانية نجاحها .. ولكن لم نسمع بعد ذلك بجديد حول هذا الأمر ..!! سوف تشاهدون بأم أعينكم كيف سوف ينجح أهل الحبشة في بناء حلمهم هذا في وقت وجيز جدًا وبمساهمة كبيرة من عمال ( الشاورما ) وخادمات المنازل في الخرطوم ..!! ويا قلب لا تحزن . قف : نؤذن في سرقسطة ..!!