كتبنا من قبل في نفس هذا المكان الذي قام مصمم الصحيفة الصديق ابراهيم الجعلي بوضع هذه الزاوية عليه .. وقلنا أن أندية الهلال والمريخ تعتبر من أفقر الأندية في السودان .. وربما تتساوي في فقرها المدقع مع نادي ( البكري ) في حي دردق بودمدني .. ذلك النادي الذي أغلق أبوابه منذ سنوات طويلة بسبب عدم توفر الأموال لإدارته .. !! ولا أظنني أحتاج إلى الكثير حتى أقنع القلة التي قد لا تتفق معي في هذا الحديث .. يكفيني فقط أن أقول لكم أبعدو جمال الوالي عن نادي المريخ .. وابعدوا البرير وصلاح ادريس عن نادي الهلال وبقية ( الداعمين ) .. ثم راقبوا ما سوف يحدث ..سوف تتقطع نياط قلوبكم من الألم والشفقة على المريخ وعلى الهلال !! في مسجد الحي ( بتاعكم ) وبعد صلاة الجمعة مباشرة سوف ينهض شخص من احد جوانب المسجد يحمل أوراقا و( رغيفا في يديه ) .. ينادي الناس بصوت مبحوح ويذكرهم بان الخير في أمة محمد ( ص) لم ولن ينقطع ..!! نحن اخوانكم في نادي الهلال .. النادي الذي تأسس عام كذا ولعب له فلان وفلان .. وحقق الإنجازات وهزم الخصوم في الداخل والخارج نسألكم أن تجودوا علينا مما آتاكم الله .. التسجيلات على وشك أن تنتهي ولم نتمكن حتى اليوم من تسجيل أي لاعب .. !! وقبل أن يكمل حديثه سوف ينهض شخص من الجانب الآخر وهو يهتف .. لله يا محسنين .. نحن نادي المريخ .. حققنا بطولة كأس مانديلا .. ولعب في صفوفنا الحضري ووراغو .. ولولا كتومبو (الله لا بارك فيهو) لشاهدتم بيدي مبينزا بالأحمر .. التسجيلات .. التسجيلات .. التسجيلات يا أحباب الله تحتاج إلى وقفتكم معنا .. آتونا من مال الله الذي آتاكم ..!! ثم يجلس هذا .. ويجلس ذاك ويشد كل واحد منها جلبابه في إنتظار دراهم المصلين ..!!
نعم لهذه الدرجة يمكن أن يصل الحال بالناديين طالما اننا على أبواب العام 2012 وما زالت هذه الأندية الجماهيرية الضخمة تعتمد في صرفها وفي كل خطوة تخطوها على جيوب الأقطاب والإداريين .. في الوقت الذي أصبحت فيه الأندية الموازية لها والمتساوية معها من حيث الشهرة والثقل الجماهيري في الدول الأخرى القريبة مؤسسات لها مواردها التي تكفي وتفيض عن حاجاتها .. لذلك نشاهد كل الأندية العالمية تتطور وتتقدم في كل شيء بينما ما زالت انديتنا تشكل ( عالة ) على جيوب الرجال .. تشارك أبنائهم وتقاسمهم أموال آبائهم مقابل الشهرة والصورة في الجريدة .. وحاجات تانية لا يتسع المقام لذكرها الآن ..!! لماذا لا يخرج علينا من يدخل بهذه الأندية إلى عصر الإستثمار فيكون قد عمل فينا معروفا ..؟؟
مثلا .. الآن وبعد الصعوبات التي وجدها رئيس نادي المريخ جمال الوالي في عملية تسجيل الكنغولي بيدي مبينزا وقرر بعدها صرف النظر عن تسجيله .. ما رأي الوالي في أن يقوم بتوجيه أموال الصفقة لإطلاق أول مشروع استثماري يضخ نقودا في خزينة النادي فيكون بذلك قد قدم جميلا لن تنساه له جماهير المريخ ..والمشاريع الإستثمارية والأفكار كثيرة جدا .. ولكن دعونا نتخيل مشروعا بسيطا نأخذه مثالا لشرح الفكرة .. فمبلغ المليون دولار إذا افترضنا أن تكاليف تسجيل مبينزا تساوي هذا الرقم فقط يمكنها ان تعادل مبلغ إثنين مليون وسبعمائة ألف جنيه سوداني ( بالجديد ) ..وهو رقم كبير جدا جدا أنصحكم بعدم التفكير في الحصول عليه يوما ..( أوكي ) ..؟! فلو تخيلنا أن سعر ذلك المخلوق الغريب ( الركشة ) يساوي عشرون ألفا من الجنيهات .. فإن مبلغ صفقة مبينزا سوف يمكن من شراء عدد 135 ركشة ( حمراء ) يمكنها أن تضخ في خزينة النادي مبلغ أربعة ألف وخمسون جنيها في اليوم ( أربعة مليون بالقديم ) أي مائة وواحد وعشرون ألف وخمسمائة جنيه في الشهر ( 121 مليون بالقديم ) ..!!
ألا يمكن أن يسد هذا المبلغ بنودا كثيرة من بنود الصرف على هذا النادي دون أن يدخل رئيس النادي يده في جيبه ..!! ألا يمكن أن يسد هذا المبلغ فجوة مرتبات اللاعبين وحوافزهم مثلا .. ونفس الأمر يمكن تطبيقه في نادي الهلال بالطبع ..!! ولكن هل يا ترى يرغب أقطاب وإداريي الاندية السودانية في تحريرها من هذه القيود وتحويلها إلى مؤسسات كبيرة تملك مواردها وتملك بالتالي وقرارها ؟؟
هنالك الكثير جدا من الأفكار الإستثمارية التي يمكنها أن تخرج الاندية من جيوب الإداريين وتحررها من سيطرة الأشخاص .. وتفتح الأبواب مشرعة أمامها لكي تكون في مصاف الأندية العالمية الكبرى التي وقبل أن تدخل إلى ملعبها لمشاهدة المباراة سوف يقودك الطريق إلى ( مول ) النادي فتشتري قميص لاعبك المفضل .. ثم تنزل بين الشوطين لتناول القهوة أو الطعام في كافتريات النادي ثم تذهب إلى ( السوق العربي ) مستغلا حافلات النادي ليذهب ريع كل ذلك لخدمة النادي .
للأسف الشديد سوف ننتظر طويلا جدا حتى نشاهد مثل هذه الأمور تحدث هنا في السودان .. فالحال الآن ينبئ بذلك .. فقط لكم أن تتخيلوا أن نادي الهلال لا يمكنه إستخدام شعاره اليوم لأي أغراض تجارية .. والسبب أن العلامة التجارية لهذا النادي مسجلة بإسم شخص آخر يملك كل حقوق إستخدامها ..!! ولا نلوم هذا الشخص على هذه الفعل بالطبع .. تخيل أن تجد ( جوهرة ) مرمية على الطريق لا يأبه أصحابها بها .. أتأخذها أم تتركها للتراب يدفنها ويقتلها ..!! فهذا الذي قام بتسجيل شعار الهلال بإسمه كعلامة تجارية خاصة به لم يكن ليفعل لو أن هنالك من كان يعرف القيمة التجارية لهذه العلامة ( الشهيرة ) التي وصلت شهرتها إفريقيا والعالم العربي ..!! كل ما فعل الرجل أنه استيقظ من نومه مبكرا وذهب للمسجل التجاري وقام بتسجيل الشعار ملكية خاصة به ..!!
السؤال الكبير .. ماذا فعل أهل الهلال لحل هذا الإشكال .. هل فكروا في الجلوس إلى هذا الرجل مثلا ومفاوضته للتنازل بعد ان قال القضاء كلمته واعلن أحقيته وملكيته لعلامة الهلال ..؟ هل فكروا في رفع دعوة جديدة في محاولة جديدة لإسترداد حقوق الهلال .. ؟؟ لا لم يحدث أي شيئ من هذا والنتيجة هي أن الهلال عاجز الآن عن إستخدام علامته وشعاره تجاريا ..!! يعني حتى لو قام الهلال بشراء تلك( الركشات ) لن يمكنه وضع هذه العلامة عليها ... فهي وبحسب الأوراق القانونية ليست ملكا لنادي الهلال أمدرمان ..!! تخيل لو أن هذا الأمر قد حدث للنادي الأهلي المصري أو نادي الزمالك .. أو نادي الهلال السعودي .. فهل كان الحال سوف يكون نفسه الذي يحدث لدينا الآن ..؟؟
تنتهي اليوم فترة التسجيلات الرئيسية في السودان .. و قد فشل الكبيران في ضم محترفين أجانب من الوزن الثقيل خلال عملية الإحلال والإبدال الرئيسية هذه والسبب الرئيسي في هذا الفشل هو ( الفقر ) .. فلو كانت انديتنا هذه اندية متكاملة في هيكلتها الإدارية ولديها خططها وأستراتيجياتها .. لوضعت أمر تسجيلات ديسمبر نصب الأعين منذ وقت مبكر جدا .. ولعملت على توفير الأموال المطلوبة لإنجاح هذا الأمر المهم جدا من مواردها الخاصة.. ولكن لأن أنديتنا تعتمد على أموال ( الناس ) في مثل هذه الأمور كانت العشوائية والإرتجال هي المسيطرة على كل شيء .. فكان الفشل هو سلطان كل شيء .. عليه ( هاردلك ) مقدما لجماهير كرة القدم السودانية .. يمكننا الآن مشاهدة انديتنا وهي تخرج من مولد البطولات الإفريقية دون ( حُمص ) ..!!