لقد كتبنا من قبل ولن نملَّ الكتابة عن الواقع المزري الذي وصلت له الكرة السودانية جراء الممارسات غير الأخلاقية التي ظلت تتكرر في كل موسم للإنتخابات التي تتزامن مع الجمعيات العمومية لمؤسساتنا الرياضية والتي ظلت تتمشدق بإنتهاجها للديمقراطية وقلنا أن مصطلح الديمقراطية قد تم إكتشافه باليونان في منطقة «بينيكا» بالقرب من أكروبولس خلال فترة الألعاب الأولمبية القديمة وكان متزامناً مع مبدأ «إسونوميا» ويعني أن الجميع سواسية أمام القانون وقد ساد هذا المبدأ خلال فترة الألعاب الأولمبية القديمة وكان الناس سواسية أمام القانون رفيعهم ووضيعهم لذلك شهدت فترة الألعاب الاولمبية القديمة تعايشاً سلمياً وإزدهاراً كبيراً في المجتمعات . وقلنا أن مصطلح الديمقراطية في الأصل رياضي وقد تلقفه الساسة ليعود مرةً أخرى لعالم الرياضة وفي بلادنا ظللنا نسمع بديمقراطية وأهلية الحركة الرياضية وهي كلمة حق أريد بها باطل ففي واقع الأمر ومن التجارب المعاشة والماثلة أمامنا وفي واقعنا الرياضي لم تعد هناك ديمقراطية بالمعنى المفهوم للكلمة حيث صار شراء أصوات الناخبين وفي جميع العمليات الإنتخابية التي تتزامن مع الجمعيات العمومية لمؤسساتنا الرياضية عبارة عن سوق للنخاسة ولم يعد الناخب يلقي بالاً لخطط المرشحين وبرامجهم الإنتخابية لتتمخض صناديق الإقتراع وتلد مجالساً مشوهة جينيياً تحمل بذرة فنائها منذ صرخة ميلادها الأولى لذلك ظللنا على مستوى أنديتنا وإتحاداتنا ندور في حلقة مفرغة ولذلك لم ولن يحدث التطور في مجال الرياضة.وبالأمس كشف عدد من قياديي الاتحادات الولائية في استطلاع اجرته الزميلة «الصدى» معلومات مثيرة وخطيرة عن محاولات بيع وشراء تعرضوا لها للحصول على اصواتهم وأقر عدد من رؤساء وسكرتيري الاتحادات الولائية بوجود الظاهرة الخطيرة حيث أكد الأستاذ الهادي إبراهيم سكرتير اتحاد الدلنج وجود عمليات بيع وشراء في الانتخابات وقال إنه ظل يشارك في الجمعيات العمومية لاتحاد كرة القدم منذ عام 1995 وأضاف: طوال هذه الفترة قُدمت لي الكثير من العروض والرشاوى من بينها تقديم دعم للاتحاد الذي أترأسه أو تسليم أموال مباشرة لي أو دعم النادي الذي يمثّل المنطقة في التأهيلي أو كاس السودان ولكني بحمد الله قاومت كل تلك العروض والإغراءات لأن أخلاقي تمنعني من ذلك, من جانبه قال حاتم إبراهيم رئيس اتحاد أم روابة إنه قدمت له رشوة عبارة عن سيارة جياد جديدة مقابل صوته لكنه رفضها في حين كشف الأستاذ حيدر محمد عبد الرحمن سكرتير اتحاد 24 القرشي المحلي عن رشوة قُدمت له بمبلغ 25 الف جنيه مقابل صوته لكنه رفض تلك الرشوة.
لم تقتصر ظاهرة بيع وشراء الأصوات فقط في السودان ولكنها ظاهرة عالمية وقد ظلت الأوساط الرياضية في العالم تعمل على كشف المتورطين في هكذا ممارسات ودونكم الكتاب «كيف سرقوا اللعبة» الذي دفع به الكاتب الانجليزي ديفيد يولوب الي المكتبات في سبتمبر من العام 2011م والذي يكشف الأساليب الملتوية في كسب الإنتخابات في الإتحاد الدولي لكرة القدم منذ عهد الرئيس الأسبق للفيفا جو هافيلانج «1974م وحتى 1998م» وحتي عهد الرئيس الحالي سيب بلاتر كما أن اللجنة الأولمبية الدولية ظلت تحارب مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية في الوصول لكراسي الإتحادات وقد نشرت في هذا الصدد سلسلة مقالات بعنوان «هدايا الفساد» وهي الهدايا التي يقدمها المرشحون للناخبين .
نحن في العالم الإسلامي كان لنا قصب السبق في إستقلالية القضاء وتساوي الناس أمام القانون فمنذ ظهور الإسلام قبل أربعة عشر قرناً نادى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأن يكون الناس سواسية أمام القانون وقال صلى الله عليه وسلم لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ولكن في زماننا الحالي وفي العديد من الدول الإسلامية تركت الشريعة الإسلامية جانباً لتحل محلها العنصرية البغيضة التي وصفها أفضل الخلق بأنها منتنة.
وفي الأخبار أن البروفيسور العالم العلامة كمال حامد شداد بصدد العودة مجدداً ليخوض الإنتخابات المزمع قيامها أواخر الشهر الحالي لإختيار مجلس إدارة جديد لقيادة الإتحاد الرياضي السوداني لكرة القدم والبروف كمال شداد رجل معروف على الصعيدين الإقليمي والدولي ويجد الإحترام والتقدير على مستوى العالم وعلينا أن نستفيد من خبراته التراكمية التي إكتسبها عبر تاريخه الطويل في دهاليز العمل الرياضي والكرة الأن في ملعب أعضاء الجمعية العمومية الوحيدين المخول لهم حق الإنتخاب وعليهم تحكيم ضمائرهم ونحن في هذا الشهر الكريم والتاريخ لا يرحم وهو فاتح لدفتي سفره الأبدي ليسجل عليها للأجيال القادمة ما غرسته أيديهم ألا هل بلغت اللهم فاشهد.