اختلفنا أو اتفقنا تبقى الحقيقة الأهم أن المدرب التونسي نصر الدين النابي ظهرت بصماته على الفرقة الهلالية، وقال كلمته القوية خلال ست مباريات في بطولة الدوري الممتاز وأربع في البطولة الافريقية. تصاعد في مستوى الفرقة الهلالية يؤكد أن القادم سيكون أحلى وأن جماهير الهلال موعودة بانتصارات مدوية بدءاً من المواجهة المرتقبة عشية الأحد القادم أمام منافسنا العنيد الكنغولي ليوبارد. وصفنا ليوبارد بالعنيد رغم أن فريقنا استطاع أن يحبس أنفاس جماهيره في معقله طيلة ال90 دقيقة ويحقق في مواجهته أفضل النتائج بحساب مواجهات الذهاب والاياب. قلنا عنيد لأن كرة القدم تعطي دائماً المجتهدين لهذا أعطت الهلال في هذه المباراة للجهد الكبير الذي بذله الأبطال عكس ليوبارد الذي من الممكن والمحتمل ألا يكون في يومه في هذه المباراة وربما عاد من بعيد في جولة الخرطوم التي تعتبر جواز المرور لأحد الفريقين لدور المجموعات. فبمثلما اجتهد النابي في وضع التشكيل المثالي فهو أيضاً مطالب بتصحيح بعض الأخطاء وتبديل بعض الخانات، حيث أجمع كل الذين تابعوا جولات الفريق الافريقية الأربع والتي كان فيها المحترف المالي كوليبالي أقرب لضيف الشرف من المهاجم الذي يهز الشباك بعد أن فشل في 360 دقيقة أن يهز الشباك مما يعني ويؤكد أن بديل هذا المهاجم من المفترض أن يتأهب للمشاركة في مباريات الفريق القادمة. النابي يدفع باثنين من مهاجمي الفريق ليقوما بدور الجناحين هما بكري المدينة ومدثر كاريكا اللذان مطلوب منهما عكس الكرات لرأس المهاجم المتقدم كوليبالي الذي فشل في ترجمة كل الفرص التي اتيحت له خلال المباريات الأربع زائد عدد من مباريات الممتاز. صلاح الجزولي المهاجم الوطني الذي نفاخر به ولا نتردد في المطالبة بالدفع به بديلاً لكوليبالي سيقول كلمته لو اتيحت له الفرص مثلما اتيحت لكوليبالي. فالرأس الذهبية التي هزت شباك أعتى وأقوى المنتخبات الافريقية في بطولة سيكافا قادر على فعل نفس الشئ فقط يحتاج لثقة المدرب الذي حرمه حتى من الاحتياطي الأول وهو يدفع بالشبل غير المتمرس في مثل هذه المباريات محمد عبد الرحمن. نحن لا نقلل من امكانيات هذا اليافع النافع ولكن لا نريد أن يدفع به على حساب مهاجم مكتمل وذو خبرات في امكانه أن يحدث الفارق متى ما أتيحت له الفرصة. يعلل النابي ابعاد هذا المهاجم الذي سنظل نراهن عليه بسبب سيطرة لقب هداف سيكافا على تفكيره مطالباً أن يخرج هذا النجم من هذا الجلباب حتى يتمكن من تجديد الثقة فيه والدفع به في المباريات الكبيرة. لا أظن .. وأعتقد أن الكثيرين يتفقون معي بأن هذا اللاعب ما زال يعيش على هذه الذكريات والتي لو عشعشت في أفكاره ستزيد من طموحاته لأنه باختصار سيعمل على تأكيد اللقب الذي زين سيرته الذاتية وكان السبب الرئيس في انتقاله لأكبر وأعظم نادي في السودان. نعود للحديث عن ثبات التشكيل الذي قلت إنه مثالي للحد البعيد فهذه التشكيلة التي قادت الفريق لتحقيق كل تلك الانتصارات قادرة على الذهاب به بعيدًا في المنافستين المحلية والافريقية مع الوضع في الاعتبار عدم اهمال الاحتياطيين والذين هم في الأساس لا يقلون في المستوى عن الأساسيين، بل منهم من هو أفضل بكل الحسابات. من منا لا يعرف الامكانيات المهولة التي يتمتع بها مهند الطاهر وسيدي بيه ومحمد أحمد بشة ومالك محمد أحمد والمعز .. هذا على سبيل المثال وليس الحصر خاصة لو رجعنا لمعرفة من زج بهم النابي خرجوا حتى من كنبة الاحتياطي مثل وليد علاء الدين وصلاح الجزولي واستيفن وارغو وديفيد سيمبو وخليفة أحمد. يحسب للفرقة الهلالية الحالية تقارب مستويات النجوم بصورة لم نشهد مثلها في الماضي القريب وبشكل يؤكد أن ملامح البطل ظهرت في تقارب مستويات كل اللاعبين الذين يزينون كشف الهلال ويتشرفون به وهناك أيضاً مظاليم ظلوا بعيدين عن حسابات جهازنا الفني حتى كدنا أن ننسى أنهم في كشوفات الهلال مثل معاوية فداسي النجم القادم من منتخب السودان الوطني ونجم الممتاز محمد أحمد والمدافع المر سامي عبد الله. للنابي الحق في تقييم لاعبيه فهو الأجدر في هذا الجانب ولنا أيضاً حق تبصيره ولفت نظره بعد أن فشل مساعديه في توصيل هكذا معلومات .. فالفريق الذي يبحث عن البطولات يكمل جاهزية كل اللاعبين ولا يعتمد على عدد معين من اللاعبين أو ما يسمى بالتعامل التجاري. نذكُر ونذكِّر أن المدير الفني الأسبق للفرقة الهلالية في أعوام مضت البرازيلي ريكاردو استهلك عدد محدود من اللاعبين لا يتعدون ال15 لاعباً .. حقق بهم نتائج جيدة في ذلك الوقت ولكنه عندما غادر اخفق الفريق بالصورة التي جعلته يهرب من مواجهة وفاق سطيفالجزائري في بطولة الأندية العربية لضعف المستوى باستهلاك مجموعة على حساب مجموعة أخرى فشلت في سد النواقص لابتعادها الطويل وهذا ما نخاف منه في عهد هذا المدرب الذي كم وكم أشدنا به وما زلنا نشد من أزره ونتمنى أن يحقق الفريق في عهده ما يسعد الهلالاب كل الهلالاب. باقي أحرف التألق اللافت للنجم السوبر نصر الدين الشغيل في كل المباريات التي شارك فيها والتي أكد من خلالها ضعف نظر الذين شطبوه دون دراسة ويؤكد أيضاً بعد نظر الذين سجلوه في كشوفات الهلال بحسابات فنية بحتة. إن نسيت لا أنسى تلك المحادثة التي جمعتني برئيس الهلال السابق الأمين محمد أحمد البرير والتي حدثني من خلالها عن صفقة سرية ستكتمل تفاصيلها ليلاً في آخر أيام التسجيلات. كشف البرير في اللحظات الأخيرة عن هذه المفاجأة بعد أن أمّن موقفه تماماً بواسطة طبيب الهلال الإنسان عباس عبد الكريم. كانت فعلاً مفاجأة عندما جاء البرير بنصر الدين الشغيل المشطوب من المريخ والذي تحدث المريخاب عن اصابة مزمنة ربما أبعدته عن الميادين. تحدانا البرير رغم أننا كنا من الذين يساندونه ويقفون معه وهو يتعرض لمعارضة هي الأولى من نوعها .. تحدانا مثلما تحدانا أيضاً بإعادة المشطوب اتير توماس وكسب البرير الرهان. أخيرًا ها هو الشغيل يصنع الفارق في الهلال ويؤدي بمستوى لم تشهده جماهير المريخ طيلة فترته بكشوفات الفريق .. وها هو اتير توماس يؤكد أنه المدافع الأول في السودان. أضحكني الزميل عمر أحمد الطيب المتابع لتدريبات المريخ وهو يؤكد لي أنه تابع مران المريخ نهار أول أمس وإلتف حوله لاعبي الفريق خاصة المحترفين يستفسرون عن موعد مواجهة الهلال وليوبارد .. ضحكت لأن هؤلاء كما أكد في وقت سابق التونسي محمد عثمان الكوكي في انتظار خسارة الهلال بعد أن شعروا بالدونية التي يعيشونها وأرادوا أن يهللوا ولكنهم صدموا بصاروخ كاريكا الذي احبط الكثيرين من المريخاب. بعد نظر البرير لم يقف عند حد تسجيل نزار حامد أفضل لاعب في السودان على الإطلاق واكتشاف الشغيل واتير بشكل جديد .. بعد نظر البرير عندما تجاهل كل الاشكالات التي افتعلها بكري المدينة والتي كادت أن تبعده من الكشوفات. فالبرير تعامل معه بشكل تربوي يجني ثماره الهلال حالياً. في الجزائر افتعل المدينة مشكلة مع المدرب الفرنسي غارزيتو وفعل نفس الشئ في أديس أبابا مع اكانقا رغم كل ذلك كان البرير يرى أن هذا اللاعب صغير في السن ويملك موهبة كبيرة عندما تتفجر سيكون واحدًا من أخطر المهاجمين. يحسب للمدرب التونسي نصر الدين النابي أنه نفض غبار الكسل عن المدينة وجدد فيه الثقة بصورة جعلته واحدًا من الكروت الرابحة في الفرقة الهلالية. تابعنا بحسرة وأسف كبير كيف تحدث حكمنا المتقاعد فيصل سيحة عن هدف منقوض للملعب المالي وتابعنا أيضاً كيف حرم الكنغوليين جمهورنا من مشاهدة المباراة عبر الشاشة ففي الحالتين من المفترض أن نتوقف قليلاً. والهلال الذي يمثل السودان وحيدًا ويصارع قسوة الحكام الأفارقة وجب على كل المقتدرين من قبيلته أن يدعموه حتى يتمكن من مواصلة مشواره دون توقف ووجب أيضاً أن تقف معه الدولة بكل مؤسساتها من أجل تحقيق انجاز يشرف السودان والسودانيين. للنابي فرصة كبيرة في حالة صعوده لدور المجموعات فهو من حقه أن يرمم أطراف الفريق بالصورة التي تمكنه من قهر أقوى وأخطر الأندية التي تنافسه على خطف إحدى بطاقتي المربع الذهبي ومن ثم بلوغ النهائي والظفر بكأس أفريقيا.