* اختلفت المفاهيم عن ماهية الإدارة، هل هي علم أم فن؟ ولكن هناك بعض الاتفاق بين هذه الآراء يؤكد على أنها علم وفن في آن واحد، وتعتمد بشكل مباشر على الطابع الفني المرتبط بالشخص نفسه وقدراته أكثر من كونها علماً حديثاً وذلك لصعوبة إجراء التجارب العلمية على المستوى الإداري بنفس الدقة والتحكم الذي يكون في مجال العلوم الطبيعية، والمتأمل لإدارة الأندية الرياضية في السودان يجد أن المؤهل الوحيد لها كما قال الفاتح السراج : هو المال، فالمال وحده لا يصنع الإنجازات بدليل الصرف العشوائي والبذخي الكبير الذي قامت به إدارات القمة خلال السنوات الماضية، ومع ذلك لا توجد إنجازات حقيقية على أرض الواقع فلم نسمع يوماً عن وضع خطة خمسية أو ثلاثية لتنفيذ أي برنامج في ظل غياب كامل للتخطيط لتحقيق أي من الأهداف، فالوصول إلى النجاحات لا يأتي خبط عشواء ولا بالأمنيات العذبة والأحلام العريضة وإنما بتحديد الهدف مسبقاً، ومن ثم رسم الطريق إليه فلا مستحيل أبداً في هذه الحياة إلا في عقولنا، فيجب أن نضع حداً لهذه الطريقة التي تدار بها أنديتنا واعتمادها بشكل واضح على الحظ، فالحظ لا يجلب البطولات وحسن النوايا لا يحقق الغايات، فلماذا لا نستفيد من تجارب الأندية في الدول المتقدمة التي سبقتنا في هذا المضمار وأن نضعها حيز التنفيذ فالنتائج ستأتي بكل تأكيد، ومن الأشياء التي يجب أن نتوقف عندها وعلى الأندية مراجعتها هي: تعجل النتائج * الملاحظة الأبرز في مسيرة أندية القمة السودانية وعلى مدى سنوات هي التعجل في تحقيق النتائج دون وضع الأسس التي بدورها تساهم في هذا الغرض النبيل ، فلذلك كثير من اللاعبين والمدربين جاء التعاقد معهم لهذه الأسباب وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى شئ ، ففي كل عام تتكرر ذات الأخطاء وبالكربون حتى تصل المرحلة التي تعجز فيها أن تفرق بين المواسم فتشابه غريب في كل شئ والكارثة الأكبر هي عدم الاستفادة والتعلم من هذه العثرات والتوقف عندها، وإذا اعتمدنا على هذا الأسلوب لن نصل إلى مقاصدنا وأهدافنا وسيطول الانتظار فالصدفة لا تصنع الإنجاز. غياب مدير التسويق * تتجاهل الإدارات الدور المقدر الذي يقوم به مدير التسويق ، فلذلك ترهق نفسها وتعاني كثيراً في هذه المسألة فيقع على عاتق رئيس مجلس الإدارة أن يتولى كل الملفات بنفسه والإشراف على كافة التفاصيل المتعلقة بالمحترفين من حيث التفاوض وغيرها من الأمور ، فالمدير يرفع عن كاهل مجلس الإدارة كل هذه الأعباء الثقيلة فبدوره يفاوض المحترفين بناءً على التقارير الفنية التي ترفع من قبل المدرب، إضافة إلى أنه يسعى لتحقيق أكبر عائد مادي للنادي من الصفقات التي يعقدها لتسويق لاعبيه المميزين فكرة القدم ما عادت كما كانت في السابق مجرد رياضة للترفيه وممارسة الهواية ، فأصبحت مجالاً ضخماً للاستثمار ، فلذلك نجد أن كبار رجال الأعمال في العالم ولجوا إليها من أوسع الأبواب من أجل الشهرة والمال في آن واحد ، فإدارة التسويق في النادي يقع عليها الاستفادة من الإمكانات البشرية الهائلة التي تعشق وتحب أنديتها لدرجة الجنون، فخدمة تحويل الرصيد وتسديد الاشتراكات الشهرية للأعضاء نجد أن عائدها المادي ضعيف جداً ولا يلبي أدنى الاحتياجات في المؤسسة الرياضية ، فإذا أخذنا نادي الهلال كنموذج بالنسبة للمصروفات الشهرية قد تفوق المليار في الشهر الواحد وهو يعتمد بشكل أساسي على المال الخاص لرئيسه وحتى حقوق الرعاية والبث التي تأتي من الاتحاد العام أو أموال الاتحاد الأفريقي مقابل الصرف الكبير في النادي لا يمكنها تغطيته فإلى هذه اللحظة لم يستفد الهلال من الموارد البشرية العظيمة التي يمتلكها، فالاستثمار الحقيقي يمكن أن يكون في هذا الجمهور إذا اعتمد النادي على تسويق المنتوج الرياضي فبإمكانه أن ينشئ عدة مصانع لأشياء مستهلكة يومياً ويضع عليها شعار النادي الذي لم يحسم أمره بعد فوجود الشعار وحده يكفي لاستجلاب ملايين المشترين للمنتج وتكون بهذا المنفعة متبادلة بين الطرفين . التسجيلات الإدارية * من أغرب الأشياء التي نشاهدها في كل المواسم هي الدور الإداري الواضح في استجلاب اللاعبين سواءً المحليين أو المحترفين ولا ندري ماهي المعايير الفنية المتبعة في ذلك ، هل بناءً على أهواء الإداريين أم على التقارير الفنية الصادرة من المدربين ؟ ليأتي في نهاية المطاف نفس اللاعب الذي هللوا له وبشروا الجماهير بالنقلة الفنية الهائلة في المستوى وكأنه المنقذ لفشلنا الذي أدمناه ومازلنا نصر على تكراره في كل مرة ، والأغرب من ذلك عندما يتم التعاقد مع أي مدرب سواءً أجنبياً أو محلياً ، ففي أول تعثر له نجعله شماعة لتعليق كل الأسباب ونحمله أخطاءنا التي ارتكبناها عمداً بدلاً من تقويمها والسير في الطريق الصحيح وإن تأخر بنا المسير سنصل يوماً إلى غاياتنا وأهدافنا حينما يصبح التخطيط منهجنا والخبرة والتدريب أسلوبنا والعلمية والمهنية ديدننا لشغل هذه المناصب والجلوس على الكراسي الفخيمة دون أي أنجاز يذكر ، فعلينا أن نعترف بتقصيرنا تجاه أنفسنا وظلمنا لغيرنا ولا يصح إلا الصحيح، وبما نراه اليوم علينا أن لا نحلم بأن نصل لأي شئ بهذا الفكر وهذه العقليات.