* الشارع الرياضي - محمد احمد دسوقي * تبنت صحيفة الدار واسعة الانتشار والأكثر شعبية على المستوى السياسي والرياضي والاجتماعي تكريم أسطورة الهلال والكرة السودانية نصر الدين عباس جكسا الذي لا زال اسمه محفوراً في ذاكرة الجماهير الهلالية بأهدافه الذهبية وقدراته الفنية الكبيرة التي مكنته من الانضمام لقائمة أعظم نجوم الهلال عبر تاريخه الطويل ويقف على رأسها الأمير منزول هداف الهلال التاريخي والأسطى زكي صالح صاحب التمريرات السحرية ونجم النجوم أمين زكي المدافع الذي يفوق في حرفنته كثير من المهاجمين وسيد التيم إبراهيم يحيى والرأس الذهبية الدحيش والرمح الملتهب علي قاقرين ورجل الثواني دريسة والدينمو ديم الصغير وبقية العقد المنثور من النجوم الذين قامت نهضة الهلال وشعبيته بمهاراتهم وحبهم للأزرق الذي أعطوه بلا حدود ولم يطلبوا منه يوماً شيئاً مقابل اللعب له لإسعاد جماهيره بالانتصارات والبطولات. * وجكسا الذي انتقل للهلال في عام 63 من نادي الربيع بالعباسية بمبلغ 400 جنيه والذي كان رقماً فلكياً في ذلك الزمان صاحب تاريخ مشرق ومضيء مع الهلال والذي فرض فيه جكسا وجوده ودخل تشكيلته بعد توقيعه مباشرة رغم وجود العمالقة من أفذاذ اللعبة ليصبح نغمة في شفاه الجماهير بالهدف التاريخي الذي أحرزه في شباك المريخ في نهائي الدوري في ليلة المولد الشهيرة في العام 63 والتي سبقتها تحديات من الراحل أبو العائلة الذي أكد انتصار المريخ وفوزه بالبطولة لتخرج الجماهير في مظاهرات فرح صاخبة وهي تهتف "حلاوة حلاوة يا أبو العائلة" في ليلة المولد ثم واصل جكسا تألقه في مباراة فاسكودي جاما التي أحرز فيها هدفين صرع بهما الفريق البرازيلي الشهير وفي العام 64 لعب جكسا مباراة العمر أمام الردستار اليوغسلافي وقاد الأزرق لفوز تاريخي على واحد من أقوى الأندية الأوروبية في ذلك الزمان وواصل الأسطورة امتاع الجماهير بأهدافه الرائعة في دوري الخرطوم والبطولات المحلية حتى اعتزاله اللعب في العام 78 ليعمل بعد ذلك لفترات قصيرة في مجال التدريب بنادي الهلال. * أما مع المنتخب فقد قاده لنهائي البطولة العربية أمام المنتخب المصري في الستينات والتي انتهت بالتعادل السلبي وكان نجمها وبطلها الذي جعل الصحافة المصرية تشيد به وتصفه بالعبقري، كما أضاف لنفسه مجداً بإحرازه لهدفين من الثلاثة التي فاز بها المنتخب على المنتخب المصري والصعود على حسابه لنهائي البطولة الأفريقية أمام غانا المستضيفة للبطولة ليواصل الأسطورة تألقه مع المنتخب بمشاركته الإيجابية في فوز السودان ببطولة الشباب بإثيوبيا عام 72 أما الانجاز الأكبر لجكسا مع المنتخب فقد تمثل في فوز السودان بكأس أفريقيا في العام 70 بإحرازه الهدف الأول في مباراة الكاميرون وتجهيزه للهدف الثاني وصناعته للهدف الذي أحرزه الأسيد أمام مصر وتأهل به السودان للمباراة النهائية أمام غانا والتي صنع فيها النصر بتمريرة سحرية لحسبو الصغير ليتم اختياره نجماً للبطولة. * واعتقد أن الزمن سيتوقف إجلالاً واحتراماً لتكريم صحيفة "الدار" لهذا اللاعب العظيم الذي أطرب الجماهير بفنه الرفيع ومهاراته العالية وقدراته الخيالية في التخلص وإحراز الأهداف الرائعة الجميلة من كل الزوايا والأبعاد بجانب تمريراته المتقنة وحركته السليمة وانطلاقاته بالجهة اليسرى لعكس الكرة بالمقاس للاعبين داخل المنطقة, والحقيقة أن جكسا لم يكن لاعباً مهارياً كمهاجم وصانع ألعاب، بل كان فناناً يرسم لوحات فنية بأسلوبه الجميل في المراوغة والتهديف والتمريرات السحرية للزملاء في أي موقع يحتلونه في الملعب. * ورغم نجومية جكسا الساطعة وشعبيته الجارفة فإنها لم تصبه بالغرور أو تغيِّر شيئاً من تواضعه وتهذيبه وأخلاقه الفاضلة وحسن تعامله مع الأهلة على كافة المستويات والذي لم يتوقف تواصله معهم في كل المناسبات الاجتماعية حتى عندما كان يعاني من آلام المرض فيتحامل على نفسه لزيارة مريض أو أداء واجب العزاء أو المشاركة في الأفراح.. فالتحية لجكسا بمناسبة تكريمه وهو الذي دخل قلوب الأهلة بأدبه وطيبته وتواضعه وتهذيبه قبل أن يدخلها بفنه الكروي الذي زينه وطرزه بتعامله الإنساني الراقي وبشاشته وشهامته التي أكسبته احترام الجميع وتقديرهم واعتزازهم بأن يكون في هلالهم نجماً في مهارة جكسا وسيرته العطرة. جكسا في سطور * أصدر الأسطورة كتابه "جكسا والأهداف الذهبية" في الستينات وأعاد طباعته ثلاث مرات مع بعض التعديلات والإضافات بعد أن نفدت كل الطبعات بسبب إقبال الجماهير الرياضية والهلالية الكبير عليه.. * رغم أن جكسا قد عاصر عدداً كبيراً من الإدارات منذ أيام حسن عبدالقادر وأحمد عبدالرحمن الشيخ والعميد عمر محمد سعيد واللواء عمر علي حسن والعميد شرطة السر محمد أحمد والرائد زين العابدين وزعيم أمة الهلال الطيب عبدالله وحتى عهد الكاردينال إلا أنه لم يدخل في أي صراعات أو يشارك في أي تنظيمات، بل ظل دائماً على الحياد مع الهلال الكيان. * كان الأسطورة جكسا لاعباً فذاً ومدرباً مقتدراً وإدارياً حصيفاً وكاتباً ومحللاً لا يشق له غبار وعاشقاً للهلال متبتلاً في محرابه.. * شارك جكسا بالكتابة في عدد من الصحف السياسية والرياضية من بينها هذه الصحيفة التي داوم فيها على كتابة رسائل وجهها للمسؤولين والإداريين واللاعبين والإعلاميين ناقش فيها قضايا الهلال والرياضة بعمق وموضوعية مطالباً بمعالجة السلبيات ودعم الايجابيات. * يعتبر جكسا واحداً من موثقي تاريخ الحركة الرياضية بصورة عامة والهلال بصفة خاصة بامتلاكه لعدد كبير من الصور التاريخية النادرة وقصاصات من الصحف جامعة لأحداث رياضية ومباريات مهمة خلال نصف قرن من الزمان.