يبدو أن تجربتي صلاح إدريس والأمين البرير قد أغرتا الكثير من الطامحين والآملين بتولي رئاسة نادي الهلال للتربية حتى وأن لم يكن لديهم من المؤهلات مايسند مشروعية هذا الحلم، والجامع بين التجربتين على نحو ماعايشنا انعدام المؤسسية وسيادة حكم الفرد، وعندما نتحدّث عن العهدين فإننا نتناولهما بمعزل عن نتائج فريق الكرة ذلك لأن الهلال في عهد الرجلين حقق نتائج جيدة وضعت اسم الفريق بين كبار القارة السمراء وهي ميزة تحسب لهما حتى ولو لم ينجح أيٌّ منهما في كتابة اسم النادي العريق في سجل أبطال القارة السمراء في أية بطولة من بطولاتها على مستوى الأندية. أقول قولي هذا بعد إعلان أشرف سيد أحمد الكاردينال مرشح الرئاسة (السابق) أنّه رئيس الهلال القادم وهي ثقة تجاوز به الرجل محطة إعلان نيته الترشح ليصل مباشرة إلى كرسي الرئاسة وينصّب نفسه قائداً للكيان، وبدايةً لابد من أن نثبت للرجل دعمه المقدر الذي تجاوز به كونه (مشجع) عادي وإن كانت لفظة المشجع لاتنتقص شيئاً من قدر المنتمين لهذا الكيان العظيم، ذلك أن الرجل له اسهاماته المقدرة ولعله من القلة القليلة التي لم ترهن دعمها بموقفها من مجلس الإدارة قرباً وبعداً وماقضية إعادة قيد مهند الطاهر عن الأذهان ببعيد، ومساهمات الرجل تحسب له وهو الذي كان يمني نفسه برئاسة مجلس التسيير الذي أعقب رحيل بقايا مجلس الأرباب الأخير.
ومن المؤسف أن تصبح رئاسة الهلال التي ماكانت تنقاد لأحد إلاّ بصفات نادرة ومعايير خاصة من المؤسف أن تصبح مطية للتجريب والاختبار بحيث ينالها ويحظى بها كل من يريد الفرصة، والعيب هنا ليس في من يتقدمون للرئاسة لكن العيب في وضع الرياضة في بلادنا بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص في ظل تراجع الدعم الحكومي الذي أدخل الأندية مكرهةً لابطلة نفق (التقشف) الذي وإن أُعلن مؤخراً إلاّ أنّه ظلّ مطبقاً لفترات طويلة مما جعل مقياس امتلاك المال المعيار الأكثر أهمية في من يتقدم للتصدي لأي عمل في مجال الرياضة لتسود سيادة الحاكمية لمن يدفع والقرار لمن يدعم، ومن المؤكد أن الذي يدفع سيعمل على تكريس بقاء الوضع ليظّل على ماهو عليه وبالتالي ترتهن الأندية بجيوب الأفراد.
إن أراد الكاردينال التوسل للرئاسة بما يقدّمه من دعم للفريق فلنبشر منذ الآن بجلباب الديكتاتورية الذي خلعه الأرباب ليلبسه البرير وسيلبسه الكاردينال حتى لو تغير لون الجلباب واتسع حجمه طالما أن (الخامة) واحدة، حاجة الهلال للأموال لاتنتفي لكن وجود المال دون أفكار وقيم وأخلاق هو الذي أفرز من الظواهر السالبة مابدّل الكثير من المعايير وأفرغ الكثير من المعاني الجميلة لهذا النادي الكبير القائد في مختلف مناحي الحياة واختزله في فريق كرة قدم ينهزم فيفرح المعارضون ويفوز فيشمت الحاكمون.