قالت منظمة هيومان رايتس ووتش ان الضغط الإسرائيلي ادى إلى إقناع المئات من السودانيين بمغادرة إسرائيل. وقال جيري سمسون، باحث أول معني بشؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن احتجاز إسرائيل المطول لطالبي اللجوء يهدف إلى تحطيم أي آمال لديهم حتى يشعروا بأن لا فرصة حقيقية أمامهم غير مغادرة البلاد. بدلاً من الضغط على بعض أكثر الجماعات في العالم هشاشة وتعرضاً للانتهاكات لكي يتخلوا عن حقوقهم ويعرضوا أنفسهم لخطر داهم، يجب على إسرائيل أن تفرج عن طالبي اللجوء أثناء فحص طلباتهم باللجوء وأن تحمي كل فرد يتبين أنه عرضة لخطر داهم بالأذى إذا عاد إلى بلده”. وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية، إنه إذا أعادت إسرائيل أي شخص إلى مكان تكون حياته أو حريته مهددة فيها، فإن هذه الإعادة تعد مخالفة للقانون الدولي الذي يحظر الإعادة القسرية حيثما يكون هناك خطر داهم . قالت المنظمتان إن إسرائيل بإجراءاتها هذه قد تخرق أيضاً حظر إعادة الأفراد – إذا اختار الفرد العودة – بعد أن تهدده السلطات الإسرائيلية بالاحتجاز المطول أو بدون أجل مسمى كخيار وحيد للعودة. وتحظر اتفاقية اللاجئين لعام 1951 الإعادة “بأي شكل من الأشكال” إلى أماكن يتعرض فيها الشخص لخطر داهم بالاضطهاد.كما يمكن أن تحدث الإعادة القسرية نتيجة لإجراءات الترحيل المسلسل، حيث ينقل اللاجئ أو طالب اللجوء إلى دولة ثالثة معروف أنها لن تحترم حقه كطالب لجوء وستعيده إلى المكان الذي سيتعرض فيه للاضطهاد. وأكدت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن السودانيين الذين وافقوا على مغادرة إسرائيل في الشهور الأخيرة قد أعيدوا إلى دول ثالثة أمضوا فيها فترات قصيرة وسافروا منها بعد ذلك إلى السودان. قالت هيومن رايتس ووتش والخط الساخن للعمال المهاجرين إن هذه البلدان لا تلتزم بالسماح للسودانيين بدخولها، مما يعني اضطرارهم إلى المضي إلى السودان. وفي مطلع مارس/آذار تحدثت منظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين مع الإريتريي الوحيد الذي “وافق” تحت الضغط على الذهاب إلى أوغندا، وقد قال إن دخوله هناك تم رفضه وتم ترحيله إلى القاهرة من أجل ترحيله إلى إريتريا. البديل الوحيد الذي طرحته عليه السلطات المصرية هو العودة لإسرائيل لكي يواجه مرة أخرى الاحتجاز لأجل غير مسمى، وهو ما رفضه. سافر بالطيران في 6 مارس/آذار إلى إريتريا. وقالت هيومن رايتس ووتش والخط الساخن للعمال المهاجرين إن السودانيين والإريتريين الذين يتعرضون لضغوط لمغادرة إسرائيل إلى دول ثالثة ليس عليها التزامات بالسماح لهم بمغادرة منطقة ترانزيت المطار تعني خطر إجبارهم على العودة إلى بلادهم الأصلية. وتحتجز إسرائيل بحسب هيومان رايتس ووتش أكثر من ألفي مواطن من دول أفريقية في مركزي احتجاز قرب الحدود مع مصر. بينهم ما لا يقل عن 1100 إريتري و600 سوداني، ولا أمل كبير لدى أي منهم بالإفراج عنهم بسبب قوانين وسياسات طلب اللجوء الإسرائيلية المتشددة. ووصل المئات من الإريتريين إلى إسرائيل بعد أن تعرضوا للاختطاف في السودان ومصر وعُذبواعلى يد عصابات إجرامية في صحراء سيناء في مصر. وهناك نحو خمسين ألف إريتري وسوداني آخرين يعيشون في المدن الإسرائيلية. جمدت إسرائيل بصفة غير رسمية إجراءات ترحيلهم، لكن بعض كبار المسؤولين هددوا أكثر من مرة بترحيلهم دون أن يوضحوا رسمياً ما إذا كان سيسمح لهم أولاً بطلب اللجوء أم لا. وفي مطلع مارس/آذار أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن وزير الداخلية قال إنه يخطط لاحتجاز جميع “المتسللين” – وهو تعريف القانون الإسرائيلي لأي شخص يدخل إسرائيل بشكل غير قانوني وبينهم الخمسين ألفاً – وبترحيلهم إلى دولة ثالثة لم تحدد بعد. واستخدمت السلطات نظاماً قانونياً صدر في سبتمبر/أيلول 2012في القبض على نحو 250 شخصاً واحتجازهم، وأغلبهم من الإريتريين والسودانيين الذين يعيشون في إسرائيل منذ سنوات. نظام عام 2012 يسمح للسلطات باحتجاز وترحيل أي “متسلل” يشتبه بأنه – وليس بالضرورة متهم أو مدان – ارتكب مخالفات “تعرض الأمن الوطني أو السلم العام للخطر”. يقول مسؤولو مفوضية شؤون اللاجئين في إسرائيل ومجموعات إسرائيلية معنية باللاجئين بأن العديد من الأفراد احتجزوا بموجب النظام ولم يتهموا إلا بمخالفات متواضعة، مثل اتهامات باعتداءات صغيرة أو حيازة سلع مسروقة مثل الهواتف الخلوية. وقابلت منظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين نحو ألف إريرتي وسوداني محتجزين في الشهور الأخيرة ووثقت ترحيل المئات من المواطنين السودانيين المحتجزين منذ 11 ديسمبر/كانون الأول بعد أن رفضت السلطات تسجيل طلباتهم باللجوء وهددت باحتجازهم ثلاث سنوات أو لأجل غير مسمى. وقال رجل سوداني محتجز لمنظمة الخط الساخن في 19 ديسمبر/كانون الأول: “عندما طلبت اللجوء قال مسؤول وزارة الداخلية إن إسرائيل لا تريد سود هنا. قال لي أن عليّ العودة لبلدي وأن أي شخص لا يوافق على مغادرة البلاد سيبقى في السجن ثلاث سنوات. أعرف كثيرين قيل لهم الشيء نفسه وعادوا إلى السودان”. وقال سيغال روزن منسق السياسات العامة في منظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين: “لا يهم كيف يتم تأطير الموضوع، المهم أن إسرائيل تحاصر الناس في الركن وتمنحهم اختياراً صعباً بين السجن لسنوات أو الخروج من إسرائيل”. وتابع: “من وافقوا على المغادرة قالوا إنهم لم يكن أمامهم أي اختيار آخر. لا يريدون إلا الخروج من الاحتجاز”. وفي 25 فبراير/شباط انتقدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تل أبيب الضغوط الإسرائيلية على الإريتريين المحتجزين وقالت إن “الموافقة على العودة إلى إريتريا تحت التهديد بالسجن لا يمكن اعتباره عملاً طوعياً من واقع أي معيار من المعايير”. وفي 18 فبراير/شباط قال وزير الداخلية إيلي يشاي للكنيست إن ليس لدى إسرائيل اتفاق رسمي مع أوغندا أو أية دولة أخرى يحكم عملية نقل الإريتريين، رغم أنه أضاف أن إسرائيل سوف تستمر “بكل تصميم” في ضمان مغادرة الإريتريين والسودانيين لإسرائيل “طوعاً أو كرهاً”. وتقول مفوضية شؤون اللاجئين إنها تلقت تقارير بأن السلطات الإسرائيلية صورت المحتجزين الذين هددوا بالاحتجاز لمدد مطولة أو لأجل غير مسمى والذين طلب منهم توقيع بياناً بأنهم جاءوا إسرائيل للعمل ويريدون العودة إلى إريتريا أو دولة أخرى. وقال محتجز سوداني للخط الساخن للعمال المهاجرين إنه رأى شخصاً من وزارة الداخلية يصور الناس “يطلب منهم أن يقولوا إنهم يريدون العودة إلى السودان” وأنه عندما قال الشخص الذي يتم تصويره شيئاً لم يعجبه، يقول مسؤول الوزارة: “لا تقل هذا! قل إنك من دولة كذا وتريد العودة”. كما قالت مفوضية شؤون اللاجئين إن إخفاق إسرائيل حتى أواخر فبراير/شباط في تسجيل أي طلبات لجوء للمحتجزين ونظراً لاحتمالات الاحتجاز لمدد طويلة أو لأجل غير مسمى، فهذا يعني أن المحتجزين يواجهون ضغوطاً للموافقة على مغادرة إسرائيل. في بيان مفوضية اللاجئين في 25 فبراير/شباط أشارت إلى أن المحتجزين “لا يطلعون بالكامل على نظم التعامل مع اللاجئين، وعندما لا يتوفر سبيل… يؤدي إلى الإفراج، فليست العودة طوعية”. وتقول الأدلة الإرشادية للاحتجاز الصادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين إنه يجب ألا يتعرض طالب اللجوء للاحتجاز إلا “كحل أخير” ضروري ولا غنى عنه ويكون إجراء مناسباً لتحقيق هدفاً مشروعاً، ويتعين على الدول ألا تحتجز طالبي اللجوء لمجرد أغراض الترحيل. يُسمح بالاحتجاز لمدة قصيرة فقط لتحديد هوية الشخص أو لمدد أطول إن كان هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف أوسع مثل حماية الأمن الوطني أو الصحة العامة. ليس لدى إسرائيل اتفاقات نقل أو إعادة إدخال مشتركة مع أية دولة أفريقية. تقول اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن على الدول أن تعيد الأفراد سريعاً، الذين لا يحتاجون لحماية دولية “إلى بلدهم الأصلي أو دول أخرى لديهم جنسيتها أو دول ملتزمة باستقبالهم وأن يقيموا فيها” لكن لا تذكر خيار الإعادة أو النقل إلى بلدان لا تلتزم بأي شكل من الأشكال إزاء الشخص المُعاد إليها. وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة الخط الساخن للعمال المهاجرين إن إرسال الإريتريين إلى أوغندا والسودانيين إلى دول أخرى لم يذهبوا إليها من قبل هو أمر لا يفي بوضوح بمعايير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وقال جيري سمسون: “يتعرض السودانيون والإريتريون العائدون إلى بلادهم من إسرائيل لخطر الاضطهاد”. وأضاف: “بدون اتفاقات رسمية خاضعة لمراقبة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يجب على إسرائيل ألا ترحلهم إلى بلدان أخرى، ناهيك عن الضغط عليهم للتنازل عن طلبات اللجوء ولكي يغادروا إسرائيل”.