أصدرت محكمة عسكرية أمس أحكاماً بحق المتهمين في المحاولة الإنقلابية الأخيرة نوفمبر 2012 ، تراوحت بين السجن والطرد من الخدمة العسكرية ، فيما اعتبره مراقبون أحكاماً مخففة ، قياساً بالحالات الشبيهة ، وعزوا الأحكام المخففة إلى رغبة النظام في الحفاظ على ما تبقى من تماسك مناصريه الإسلاميين في القوات المسلحة ولكفكفة الحديث عن فساد مشتروات الأسلحة الذي فجرته المحاكمة وكشفت عن تورط وزير الدفاع عبد الرحيم فيه . وحكمت المحكمة التي عقدت بالكدرو بالسجن خمس سنوات والطرد من الخدمة العسكرية للعميد محمد إبراهيم عبد الجليل الشهير ب (ود إبراهيم)، والرائد حسن عبد الرحيم. كما حكمت بالسجن 4 سنوات والطرد من الخدمة للعقيد محمد زاكي الدين والعقيد فتح الرحيم عبدالله، و3 سنوات والطرد من الخدمة للمقدم مصطفى محمد زين، واللواء عادل الطيب والعقيد الشيخ عثمان والمقدم محمود صالح، وبالسجن عامين للمساعد عمر عبد الفتاح. وحكمت ببراءة حسن مصطفى من مجموعة (سائحون) والرقيب أبو عبيدة الذي ارتضى أن يكون شاهد ملك. وتنتظر هذه الأحكام مصادقة عمر البشير عليها بوصفه قائداً للقوات المسلحة. وأرجأت السلطة محاكمة ضباط جهاز الأمن وأبرزهم صلاح قوش إلى وقت لاحق. وصرح العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة لوكالة السودان للأنباء (سونا) انه تم القبض على المتهمين وعدد خمسة عشر فرداً . ثلاثة عشر من الضباط وضابطي صف . بالإشتراك مع بعض المدنيين و أفرادٍ يتبعون لجهاز الأمن ( وبعد التحري وجهت للمتهمين تهم مبدئية تحت المادة 162من قانون القوات المسلحة ( التمرد على النظام الدستوري ) و المادة 165 من قانون القوات المسلحة ( التمرد على النظام العسكري ) . تم تبرئة اثنين من الضباط أثناء التحري و أحيل المتهمون الباقون لمحكمة عسكرية عامة تتبع للإدارة العامة للقضاء العسكري بدأت اجراءاتها في منتصف مارس من هذا العام 2013م … وأثناء المحاكمة اعترف جميع المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم عدا متهم واحد برتبة المقدم و تمت تبرئته أمام المحكمة . فيما فُصلت إجرءات ضابط صف لمرضه المفاجئ أثناء المحاكمة . بعد اكتمال الإجراءات و المرافعات تمت إدانة جميع المتهمين الباقين بالطرد من خدمة القوات المسلحة وعقوبات بالسجن تراوحت بين السنتين والخمس سنوات , فيما أعلنت المحكمة حق الأطراف في الإستئناف خلال خمسة عشر يوماً). وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي أبو بكر هاشم الجعلي لصحيفة (الشرق الأوسط) إن الهيئة ستقدم طلبات ، قد تكون استئنافا أو قد تكون طلبات عفو، وأنها ستجتمع اليوم لترى ماذا ستفعل فيما يتعلق بموكليها. من جهته اعتبر الناشط في تيار الإصلاح بحزب المؤتمر الوطني المعز عبد الله الحكم ب (غير العادل والظالم وغير المتوقع). وقال في حديثه ل (الشرق الأوسط) إن مجموعة المجاهدين ترفضه جملة وتفصيلا وتراه ظالما ، بحق رجال وصفهم بأنهم مجاهدون خلص ، وقال إن المجموعة ستتخذ ما تراه مناسبا بقوله: (لكل حدث حديث). وقال عبد الله إن المجموعة وإخوان (ود إبراهيم) يأملون أن يصدر القائد العام للجيش السوداني عمر البشير قرارات بتخفيف الأحكام بعد عرضها عليه للمصادقة لدرء ما سماه الفتنة في البلاد. وحسب شقيق مدير جهاز الأمن السابق عبد العظيم عبد الله، فإن شقيقه الفريق أمن صلاح عبد الله (قوش) ومدير المخابرات الأسبق اللواء أمن معاش صلاح محمد عبد الله التوم (أقيل الرجلان من مناصبهما في وقت واحد) لم يقدما للمحاكمة حتى الآن، فيما تجري محاكمة 6 من رجال الأمن المتهمين في المحاولة. وقال مصدر مطلع لصحيفة (سودان تربيون) عقب صدور الاحكام أن النائب العام شكل لجنة للتحقيق مع صلاح قوش وقال أن التحقيقات معه لم تثبت تورطه في المحاولة الانقلابية . وكشف عن توجيه تهمة الثراء الحرام لقوش عقب الفشل في إثبات مشاركته في المحاولة الانقلابية وقال ( كان يجب تبرئته أولاً من المحاولة الانقلابية وإطلاق سراحه، ومن ثم توجيه تهمة الثراء الحرام ضده). وسبق وقال مصدرمطلع ل (حريات) ان اتفاقاً سرياً بدأ ينضج بين قيادات حكومية والضباط المعتقلين على ذمة المحاولة الانقلابية الأخيرة . واضاف ان بنود الاتفاق تقضى بأن يسلم الضباط المعتقلون ملفات الفساد ، مقابل أحكام مخففه بالسجن والاعفاء من الخدمة ،هذا فيما تشترط السلطة عدم اشراك المحامين من هيئة الدفاع فى الاتفاق ، وفى المقابل اشترط الضباط المعتقلون ان يكون الاتفاق مكتوباً ويوقع عليه المشير عمر البشير شخصياً . وكان احد المتهمين قد فجر مفاجأة في الجلسة الثانية عندما كشف عن شراء وزير الدفاع اسلحة فاسدة من اوكرانيا وروسيا البيضاء. وقال العقيد الركن محمد زاكي الدين قائد اللواء الأول مدرع واحد المتهمين ان الاسلحة الفاسدة التي استجلبها الوزير تسببت في مقتل عدد من زملائه عندما كان بمناطق العمليات (اثنين من الضباط و13 جندي) ولديه وثائق تثبت اقواله وطالب المحكمة باستدعاء وزير الدفاع وأضاف انه في وقت سابق واجه الوزير اثناء اجتماعه مع قيادة المدرعات بوثائق تكشف فساد الآليات التى كانت في الحقيقة عبارة عن خردة وضاعت بسببها مواقع وأرواح في مناطق العمليات وعوضاً عن مساءلة المتسبب الأساسي في الكارثة وهو من قام بعملية الشراء هذه، طلب الوزير محاسبة قائد السلاح !! واضاف في مرافعته أن من اشترى هذه الدبابات يجب أن يحاكم بالخيانة العظمى لأنه كان يعلم أن هذه الآليات ليست صالحة للعمل. وكان عدد من ضباط الجيش اثاروا قضية الاسلحة الفاسدة في مذكرة تقدموا بها للقائد العام للجيش ممهورة بتوقيع 700 ضابط من الرتب المختلفة جاء فيها (أن ضباط القوات المسلحة كانوا يعتقدون ومن خلال بيان الثورة الأول أنهم جاءوا لمحاربة الفساد و لكن للأسف أن الفساد قد عم البلاد و نخر في عظمها و طال حتى القوات المسلحة حيث أن صفقة الدبابات " 200 دبابة" الأخيرة التي جاءت من أكرانيا اتضح أنها دبابات قديمة و مستعملة.... وان القوات المسلحة اضطرت للاستعانة بالمهندسين المصريين ولكنهم اعتذروا باعتبار أنها معدات قديمة و لا توجد لديهم قطع غيار ثم أرسل السيد رئيس الجمهورية بعد التفاهم مع وزير الدفاع الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل لسوريا رغم الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا و موقف السودان منها و لكن السوريين اعتذروا مما اضطر الدولة أن تبعث إلي أوكرانيا لكي ترسل طاقم من المهندسين علي أن تدفع الدولة لهم 9 مليون دولار من يتحمل هذا الفساد الذي استشري حتى داخل القوات المسلحة.). ويعترض العسكريون كذلك على صفقات فساد اخرى مثل صفقة اجهزة تصنت تورط فيها العباس حسن احمد البشير شقيق عمر البشير .