الخبر الحزين الذي انتشر كالنار في العشب ،عن قتل رجال شرطة لمواطن في منطقة ابو قوتة التي تتبع لمحلية الحصاحيصا عقب نهاية الجلوس للشهادة السودانية،اثار ردود فعل غاضبة في قوتة ومجالس الحصاحيصا الاجتماعية،ولولاتدخل العقلاء من اهل المنطقة لاحتواء الغضب والحزن الجمعي لحدثت كارثة انتقامية من الاهالي الغاضبين من الشرطة وافرادها العاملين قسمها .وهل هذا المواطن المقتول كان متهما في جريمة جنائية ،ام قاوم رجل شرطة اثناء القيام بعمله؟اذا افترض انه قاوم رجال الشرطة،هل يعطي القانون رجل الشرطة الحق ،في ضربه او تعذيبه حتي يفارق الحياة؟ ،وهل بقانون شرطة صلاحيات واسعة وحصانة تعفيه من المحاسبة وتقديمه الي العدالة لمحاكمة من ارتكبوا هذه الجريمة الشنيعة؟،ودائما نسمع ان الشرطة في خدمة الشعب ،سواء شرطة شعبية واحتياطي مركزي والمباحث ،ماتظهره المعاينة ،ينافي المعايشة اليومية.ان الحصانة التي توفر عدم المسآلة لرجال القوات النظامية ،تكون دافع في ممارسات وحشية خارج الحقل القانون الذي يجب ان يمارس في اطاره القانوني المحدد،وفي السنوات الماضية تظهر جرائم قتل وضرب يقوم افراد الشرطة وجهاز الا من لم تلقي الادانة من المؤسستين،اقرب الاحداث المؤلمة ،قتل ضابط شرطة لعوضية عجبنا في حي الديم بالخرطوم ،الي الان من قتلها لم يحاسب ويقدم الي التحقيق ،وقصة فتاة الفيديو التي ضربها رجل الشرطة امام حشد من الجمهور ،من دون ان يحاسبوا، وتجد انتقادا من الشرطة. اعتقد ان جرائم كهذه كثيرة ،وحظها في الا علام والنشر غائبا ،والرأي العام لم يعلم بها ،وسياسة اخفاء الوقائع من الاعلام تتبعه الشرطة للتكتيم ،وهي مدركة ان نشرها ليس في صالحهم،وهذا بدوره يحفز افرادها في المزيد من الانتهاكات ،لان الدافع المعنوي في صالح الافراد ،القانون لايحاسب ولايحقق ولا يقدم الي العدالة،الاولي والاهم ،ان اي فرد ورجل شرطة في حال تجاوز اختصاصه ،علي المؤسسة الشرطية ان تسحب منه الحصانة ،وبعدها يتم اجراء اللازم ضده ،ولا يفلت رجل الشرطة المجرم او الواقع تحت سياج القتل ،اثناء التعذيب في فترة التحقيق والاستجواب . اذا تركت هذه الوقائع سيقتل الكثير من المتهمين والمجرمين من قبل رجال القوات النظامية، وهذا حافز لهم،يجعلهم يتعالون علي القانون العاملين في بساطه ،وعلي معرفة تامة انهم في امان كامل من دون ضمير اخلا قي يردعهم . وفي انظمة الحكم القاسي، حق المواطن ليس موجودا،والشرطي محصن. وفي كل الاحوال الضحايا المواطنين ،رغم الكلام الكثير عن ان هذه المؤسسات تعمل وتساهر من اجلهم،واذا وقت اخذ الحقوق من جانب من ارتكبوا جريمة وتجاوزا الدور المخصص لهم تجاه علمهم،كما يقول المثل الشعبي(يخرجون بقد القفة) دون عمل اي شئ يردعهم ويوقفهم.وحكي مواطن مسكين ذات يوم،ان امرأة من الناس الغبش تشتغل في مجال بيع الاطعمة في مصانع الحصاحيصا،ذهبت الي السوق لشراء حاجياتها،وصدمها صاحب عربة وفقدت وعيها،وجاء رجال الشرطة الي مكان الحادث بدلا من ان يسعفوها،قالوا لاحد اقاربها الذي اتي الي نفس المكان،اخبرونا اذا كانت هذه المرأة سكرانة،كي يتم تبرأت سائق العربة،فعلا فقدت الشرطة ذلك البريق الذي تدعيه انها في خدمة الشعب،اليس من الاولي ان تسعف المرأة بدلا من البحث عن مبررات وهمية لانقاذ شخص قد يكون السائق نفسه سكران او متعاطي مخدرات،احتمال ان يكون كذلك ،ومحاولة حصر (الشينة) في فئة تكدح من اجل رزقها،هو جريمة ضمير اجتماعي ينبغي ان تجد الشجب وتنتقد . ان حادثة ابو قوتة التكتم الا علامي فيها لن يجد قبولا ،مهما كثرت التأويلات والمبررات،لان الحقوق متساوية البشر مواطنين كانوا ورجال شرطة وامن وافراد من الجيش،والشرطي مثله مثل اي فرد في المجتمعات السودانية،لانه يعمل في مؤسسة تشبه بقية الوظائف ،وعليه فقط ان يؤدي دوره بصدق وامانة وضمير حي ،ولا تغريه الحصانة ولبس (الكاكي)الزي الشرطي،وينظر الي من هم دونه ،بنظرة الاستحقار والدونية،وعلي الشرطة وضع رجل الشرطة في الحبس ليأخذ جزاءه ولاتتكرر هذه الافعال مرة اخري. في حالة اعماء النظر،والبحث عن مسوغات للافلات من العقاب،ستتكرر نفس المواقف سواء في الحصاحيصا وابوقوتة وطابت ومدني ومناطق اخري في الولايات.ان الشرطة في المدينة لا ترغب ان يجد قتل مواطن ابو قوتة حظه في النشر،ولو حبس المتهم!سيكون حبسا من اجل الوصول الي تسوية مع اهل القتيل واستخدام طرق اخري لسحب حبل الجريمة من عنقه ،ليعاود الكرة في ملعبهم،وهذا في ذاته دافع معنوي لمواصلة العبث واللعب بارواح المواطنين،من لا ظهرهم ،ولايوجد من يساندهم في محنتهم، ان الشرطة في خدمة الشعب،لكنه تحول الي ان الشرطة في ضرب الشعب واذلاله حتي مصادرة حياته البسيطة ،وبعد كل هذا تقولوا في خدمة المواطن،واي مواطن هذا يموت في القسم،اليس في ذلك شك ياسودانيين.