اضطر الأديب المصري يوسف زيدان إلى الاعتذار عن المشاركة في فعاليات الصالون الأدبي العربي- الأوروبي، الذي انطلقت فعالياته، الخميس الماضي 18 أبريل في استكهولوم، ويستمر حتى 24 منه. وقال طه عدنان، مدير الصالون في تصريحات ل«المصري اليوم»، إن زيدان، الفائز بجائزة «بوكر» العربية عام 2009، عن روايته «عزازيل»، اعتذر “تحسبا لاستدعاء ثان من نيابة أمن الدولة في مصر”. وأوضح: “زيدان منشغل بكتابة مذكرة رد على بلاغ مجمع البحوث الإسلامية الذي يتهمه فيه بازدراء الأديان في كتاب: (اللاهوت العربي وأصول العنف الديني).” ويتميز الصالون الأدبي العربي- الأوروبي بمشاركة الفائزين بالجائزة العالمية للرواية العربية (النسخة العربية لجائزة بوكر الأدبية). وتشارك فيه هذا العام الروائية السعودية رجاء عالم، والأديب المغربي محمد الأشعري، الفائزين مناصفة عام 2011 عن روايتيهما (طوق الحمام) و(القوس والفراشة). وتتنقل فعاليات الصالون بين 6 مدن أوروبية هي استكهولم ومالمو في السويد، ثم بروكسل ببلجيكا، وأمستردام الهولندية، وتنتهي في مدينتي مدريد وقرطبة الإسبانيتين. ويهدف الصالون إلى تعريف الجمهور الأوروبي بالأدب العربي، بمشاركة كتاب وأدباء محليين وبارزين في المدن الأوروبية ال 6 إلى جانب الكتّاب العرب. الجدير بالذكر أن نيابة أمن الدولة قد حققت مع يوسف زيدان فيما قدم ضده مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تهم بازدراء الأديان في الكتاب المذكور. يتتبّع يوسف زيدان في “اللاهوت العربي” أهم الأفكار التي شكّلت تصوّر اليهود والمسيحيين والمسلمين، لعلاقة الإنسان بالخالق. ومن ثَمَّ، كيف توجّه علم اللاهوت المسيحي، وعلم الكلام الإسلامي، إلى رؤى لاهوتية يصعب الفصل بين مراحلها. ويناقش الكتاب، ويحلل ويقارن ويتتبع، تطور الأفكار اللاهوتية على الصعيدين المسيحي والإسلامي. وذلك بغرض إدراك الروابط الخفية بين المراحل التاريخية التقليدية، المسماة بالتاريخ اليهودى – التاريخ المسيحي – التاريخ الإسلامي! وانطلاقًا من نظرة مغايرة إلى كل هذه التواريخ، باعتبارها تاريخًا واحدًا ارتبط أساسًا بالجغرافيا، وتحكمت فيه آليات واحدة، لابد من إدراك طبيعة عملها في الماضي والحاضر. وصولا إلى تقديم فهم أشمل لارتباط الدين بالسياسة، وبالعنف الذي لم ولن تخلو منه هذه الثقافة الواحدة، ما دامت تعيش في جزر منعزلة. وفي السياق ذاته، أكد يوسف زيدان من قبل، أنه لا يستطيع توقع ما سينتهي إليه تحقيق نيابة أمن الدولة العليا معه، والمقرر أن يستأنف في هذا الشهر. وصرح زيدان، بأنه غير مطمئن إلى الأمر، حيث إن تقرير مجمع البحوث الإسلامية يطالب بتطبيق المادة 77 من قانون العقوبات عليه، وهي التي استند إليها الحكم بالإعدام على أقباط المهجر مؤخرا. وقال زيدان: إن “ذلك معناه أنني قد أكون في طريقي إلى حبل المشنقة”، لافتا إلى أن نيابة أمن الدولة العليا عاملته كأفضل ما يكون لدى مثوله أمامها يوم الثلاثاء 18 فبراير. كما أوضح، أنه تم السماح له بالإطلاع على تقرير مجمع البحوث الإسلامية الذي يتهمه بتأليف كتاب “يزدري الأديان ويحرض على الفتنة الطائفية ويروج لأفكار متطرفة”، ليتسنى الرد عليه في شكل علمي. كما أشار يوسف زيدان إلى أنه “بدون الدخول في تفاصيل فإن تقرير مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر يكيل لي اتهامات خطيرة، ولا أفهم لماذا يفعل ذلك بعد مرور ما يقرب على أربع سنوات على صدور الكتاب”. ويذكر أن الكتاب المقصود هو “اللاهوت العربي وأصول العنف الديني” الذي أصدره يوسف زيدان عن دار “الشروق” في القاهرة عام 2009، وأعيدت طباعته سبع مرات حتى الآن، وقد تزامن صدوره مع حصول رواية زيدان “عزازيل” على جائزة البوكر العربية، التي أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط الكنيسة المصرية في حينه. وأكد زيدان أنه عقب صدور الكتاب نظمت مكتبة الإسكندرية ندوة حوله وقال خلالها حسن حنفي، إن مؤلف الكتاب منحاز جدا إلى الإسلام، فيما أوضح المفكر الإسلامي الراحل عبد المعطي بيومي إن هذا الكتاب مرجع لا غنى عنه لأي باحث في الفكر الإسلامي وهو كلام منشور على أي حال. وأكد زيدان، أن تقرير مجمع البحوث الإسلامية، يطالب بحظر الكتاب استنادا إلى أنه يقول بتاريخية النص القرآني وهو أمر غير دقيق، لافتا إلى أن الأمر بالنسبة إليه مبهم ولا يجد له غرضا سوى إلهاء الناس مع أنه محاولة لفهم أسس العنف الديني وتلافيها بأقل الخسائر. وقد اتخذت هذه المسألة بعدا دوليا، حيث أعلن نادى القلم الإيطالي عن تضامنه مع الكاتب المصرى يوسف زيدان. وجاء فى بيان نادي القلم الإيطالي الذي يتمتع يوسف زيدان بعضويته، أن مثول الكاتب أمام نيابة أمن الدولة العليا، بسبب كتابه “اللاهوت العربي وأصول العنف الديني”، واتهامه بازدراء الأديان وإحداث فتنة دينية مدمرة في البلاد، وتشجيع التطرف الديني، يعتبر من قبيل “الهجوم على حرية الفكر في مصر”. وأشار البيان إلى أن يوسف زيدان “55 عاما” وهو جامعي، ومدير مركز المخطوطات والمتحف التابع لمكتبة الإسكندرية “سابقا”، وفاز عام 2009، بروايته ذائعة الصيت “عزازيل” بجائزة البوكر العربية، ونالت ترجمة الرواية نفسها إلى الانجليزية العام الماضي جائزة “أنوبي” التي يمنحها مهرجان أدنبرة الدولى للكتاب، وقد ترجمت إلى الإيطالية عبر دار “نيرى بوتزا”، التي نشرت له أيضا رواية “النبطي”. وأوضح البيان أن زيدان نفى التهم الموجهة إليه، وطلب مهلة شهرا للرد عليها، إذ يستحيل – كما قال – تفسير موضوعات فلسفية ولاهوتية شاسعة في وقت وجيز. وذكر بيان نادي القلم الإيطالي أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عبّرت في بيان، عن مخاوفها من انتشار دعاوى قضائية تتعلق ب”ازدراء الدين”، من شأنها تهديد حرية التعبير، وطالبت بتعديل القوانين التي تحكم حرية الفكر والتعبير للتكيف مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر. وأشار إلى أنه سبق أن اتهمت 11 منظمة حقوقية قبطية يوسف زيدان بازدراء الدين المسيحي، في روايته “عزازيل” عقب صدورها قبل نحو خمس سنوات، لأنها تناقش بعض العقائد المسيحية “مثل الثالوث والخلاص”.